100 مليون ريال تهرب من سوق النظارات الشمسية بسبب التقليد

100 مليون ريال تهرب من سوق النظارات الشمسية بسبب التقليد

رغم الرواج الكبير للنظارات الشمسية بين الشبان والفتيات، خاصة مع حرارة الشمس التي تزداد هذه الأيام في العاصمة، حيث يلجأ كثير من الناس إلى شراء النظارة للوقاية من أشعة الشمس، وهذا ما جعل بعض المحال تعمد إلى وسائل تسويق مختلفة، وتضع لافتات بعروض خيالية "اشتر نظارة شمسية والثانية مجاناً" لاستمالة الزبائن، إلا أن ذلك لم يوقف نزيف الخسائر التي تتعرض لها المحال المتخصصة في بيع النظارات الأصلية، فمع تفاوت أسعار النظارات الشمسية، يقف المستهلك عاجزا عن التمييز بين الجيد والرديء، فليجأ إلى المقلد لسعره الرخيص.
وتوقع العاملون في هذا القطاع ازدياد الخسائر جراء تزايد الغش في قطاع النظارات مطالبين الجمارك السعودية ووزارة التجارة بالحد من دخول العلامات المقلدة للنظارات الشمسية التي انتشرت في الآونة الأخيرة لما لها من تأثير صحي في المستخدمين ناصحين المستهلك بالشراء من محال معتمدة لدى وزارة الصحة، حيث إن لهذه السلع الرديئة والمغشوشة نتائج صحية سلبية على العين والتي ربما تصل خطورتها إلى تلف القرنية أو الإضرار بالشبكية.
وبحسب علي الهريش رئيس لجنة البصريات في الغرفة التجارية، فإن نحو 50 في المائة من النظارات الموجودة في السوق مقلدة، ويصل حجم خسائر المحال إلى نحو 100 مليون ريال جراء التقليد في سوق يصل حجمها إلى ملياري ريال سعودي سنويا. منوّها بأن النظارات المقلدة لم تعد فقط على الأرصفة أو في المحال غير المعروفة، بل انتشرت في بعض المحال المعروفة والأسواق الكبيرة. مطالبا بوجود تحالف مشكل بين الوزارات المعنية لمتابعة القضية، لأنها تؤثر في المستهلكين.
من جانبه, قدر دكتور عبد الحفيظ بشاوري عضو لجنة البصريات وصاحب أحد محال النظارات، أن حجم البضاعة المستوردة سنويا يصل إلى 500 ألف نظارة. مؤكدا أن حجم خسائر المحال بسبب النظارات المقلدة يتعدى الـ 50 في المائة. وقدر باعة في محال البصريات في العاصمة أن عمليات البيع في ازدياد نتيجة زيادة عدد السكان، وزيادة الوعي بأهمية ارتداء النظارات الشمسية للوقاية من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة، ورغبة الكثير من المواطنين والمواطنات في الظهور بالشكل الأنيق، وأن اقتناءها أصبح أمرا ضروريا لهم فيكاد لا يخلو جيب رجل وشنطة امرأة منها.
وخلال جولة "الاقتصادية" على بعض محال بيع النظارات في العاصمة التي يقدر عدد محالها بـ600 محل للبصريات، اشتكى كثير من أصحاب المحال والباعة فيها من غزو وانتشار النظارات المقلدة التي تباع في السوبر ماركت "البقالات"، وأمام المساجد والأسواق، دون أي خوف من الرقابة والتي تمر فرقها مرور الكرام أمام هؤلاء الباعة، حيث يتكبد الوكلاء للنظارات الأصلية والعلامات التجارية العالمية الخسائر الباهظة التي تقدر بمئات الملايين جراء التقليد، بل إن البعض من الباعة حمل بعض أصحاب محال النظارات الشمسية، ببيع النظارات المقلدة للعلامات التجارية العالمية على أنها علامة تجارية بأسعار رخيصة بحجة التخفيضات الموسمية مستغلين فيها ضعف خبرة الزبون وعدم معرفته بالأصلي والمقلد.
وتختلف أسعار بيع النظارات الشمسية حسب العلامة التجارية، ومكان الصنع، والموديل، حيث يراوح متوسط أسعارها بين 250 و1500 ريال، أما أسعار النظارات المقلدة للعلامات التجارية العالمية فتراوح بين 20 و100 ريال.
يقول حسني سالم مدير مبيعات في أحد محال بيع النظارات المعروفة شمال الرياض، إن شراء النظارات الشمسية تشهد إقبالا كبيرا من المستهلكين في فترة الصيف بنسبة تزيد على 70 في المائة عن الأشهر الماضية، حيث يلجأ كثير من الزبائن للشراء للحماية من أشعة الشمس، وحجب وتخفيف حدة الضوء الضار بالعين.
وعما يتردد من وجود غش وتلاعب في محال بيع النظارات، ذكر حسني أن التقليد في النظارات الشمسية يكثر فيه والغش لسهولة ذلك، أما النظارات الطبية فالتقليد والغش فيها أقل خاصة في الزجاج والبلاستيك، و إذا وجد فيكون دائما في الإطار(الفريم), مشيراً إلى أن معظم النظارات الشمسية المقلدة تصنع من قبل شركات آسيوية تعتمد على رخص أسعارها.
ويوضح حسني سالم أن هناك بعض الزبائن يبحث عن النظارات المقلدة للعلامات التجارية العالمية للرخص ثمنها وارتفاع سعر العلامة التجارية الأصلي، حيث تتميز نظارات العلامات التجارية العالمية بالشكل الأنيق، أدى ذلك الأمر إلى انتشار النظارات المقلدة في كل محل صغير وكبير وفي بسطات الشوارع، بل إنها انتشرت في بعض محال بيع النظارات وهي تبيعها بأسعار خاصة باسم التخفيضات تارة وباسم التصفية تارة أخرى مستغلين ضعف ثقافة المشتري وجهله، مضيفا أن هذا الأمر أسهم في انتشار البضاعة المقلدة في هذه المحال، والضحية هو المستهلك ماديا وصحياً الذي لا يستطيع التفريق بين الأصلي والمقلد لصعوبة ذلك ولإتقان المقلد.
وأوضح مدير المبيعات أن أسعار النظارات متفاوته حسب الموديل والعلامة التجارية وهي تراوح بين 250 و1500 ريال، وأن هناك زيادة في أسعار بعض أنواع النظارات على السنة الماضية بنسبة لا تتجاوز 15 في المائة، وأنه يبيع ما يقارب بين 30 و70 نظارة يومياً، وأن 80 في المائة من زبائنه غالباً من الشباب والنساء.
وأبدى يوسف الشهري شاب وجدناه في أحد محال بيع النظارات تذمره من انتشار الغش في النظارات الشمسية، وذكر أنه يقتني الأصلي منها حتى لو كانت باهظة، لأن العينين حساسة وتتأثر سريعاً، وأنه يفضل النظارة ذات اللون الكحلي، ويرى أن هناك بعضا من الشباب يرتدون أنواعا من النظارات المقلدة كنوع من تقليد المشاهير خاصة أن النظارات المقلدة الآن أصبحت تعج بها الأسواق بشكل وحجم يشبه الأصلية، ولرخص ثمنها الذي لا يتجاوز 100 ريال.
من جانبه، ذكر لـ "الاقتصادية" الدكتور وليد الجلاد استشاري أمراض العيون في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي, أن عدسات النظارة الشمسية السليمة من ناحية صحية يجب أن تكون من النوع الذي يمتص 95 في المائة على الأقل من الأشعة فوق البنفسجية، وألا تقل عن 80 في المائة بالنسبة للأشعة تحت الحمراء، وبالتالي لا بد من شراء النظارات التي تتوافر فيها هذه الخصائص، والتي يمكن الكشف على عدساتها من حيث مقدرتها على الحماية ضد الأشعة باستخدام أجهزة خاصة في محال النظارات، مشيراً إلى أن العدسات ذات اللونين البني أو الرمادي هي الخيار الأفضل، حيث يتميز البني بأفضل حماية للعين من الإشعاعات، واللون الأزرق الذي يؤثر في التركيز بينما، تتميز العدسات الرمادية بعكسها الألوان، إضافة إلى تحقيق أفضل رؤية عند القيادة والاستخدامات العامة والرياضات المائية.
وحذر الدكتور الجلاد من ارتداء النظارات السوداء القاتمة حيث تؤدي إلى اتساع بؤبؤ العين والإضرار به، وهذا الاتساع في بؤبؤ العينين يسمح لأشعة الشمس فوق البنفسجية باختراق أعمق داخل العينين, حيث إن عدسات النظارة (حتى ولو كانت قاتمة) لا تستطيع أن تمنع بشكل كامل اختراق الأشعة فوق البنفسجية للعدسة، أما العدسات الصفراء والبرتقالية الخفيفة فتؤدي إلى ضعف القدرة على تمييز الألوان وبالتالي صعوبة التمييز بين إشارات المرور الضوئية مما يعرض السائقين الذين يستخدمون هذه الألوان إلى الحوادث في إشارات المرور، بينما العدسات ذات اللون الأخضر وكذلك الرمادي الأسود الخفيف أفضل من العدسات ذات اللون الوردي أو الصفراء. وأضاف أنه عند ممارسة الرياضات المائية أو قضاء بعض الوقت على الشاطئ يفضل استخدام النظارات الشمسية البارزة التي تلبس حول العين وتربط حول الرأس ويجب التأكد من عدم إحكامها حول العينين وأنها لا تسبب طبقة من الضباب على العدسات عند التعرض لرذاذ الماء عليها.
وعن ارتداء النظارات الشمسية في غير أوقاتها أو أماكنها المناسبة قال الدكتور الجلاد إن استخدام النظارات في الأماكن الظليلة أو داخل المنزل أو مكان العمل يؤدي على المدى الطويل إلى نقص وضعف قدرة العينين الطبيعية على التكيف مع ضوء الشمس العادي وذلك ضمن قاعدة (قلة الاستخدام تؤدي لفقدان الوظيفة)، وبالتالي فإن استخدام النظارات الشمسية في الأوقات والأماكن التي لا تحتاج إلى استخدامها، يؤدي إلى حرمان العينين من فرصة التدريب على التكيف الناجح والفاعل لضوء الشمس الطبيعي ، وفي ختام حديثه حذر الدكتور الجلاد من أن استخدام النظارات الرديئة وغير المطابقة المواصفات الطبية سينعكس بالأثر السلبي على العيون.

الأكثر قراءة