الأسهم الضعيفة لشركات المال تدفع بالبورصات إلى مستويات متدنية
المخاوف المستمرة حول صحة القطاع المالي واشتداد المخاوف حول الآفاق الاقتصادية الأرحب، أبقت أسواق الأسهم العالمية تحت الضغط أمس.
كذلك عاود التضخم إلى الظهور على شاشات رادار المستثمرين، في الوقت الذي عملت فيه الأرقام المرتفعة لأسعار الجملة الأساسية في الولايات المتحدة وألمانيا على إشعال المخاوف من أن تكاليف ارتفاع أسعار الطاقة بدأت آثارها تمتد إلى الأسعار التي تفرضها شركات الإنتاج.
تراجعت أسواق الأسهم تقريباً من أولها إلى آخرها، في الوقت الذي تضررت فيه أسهم الشركات المالية من المخاوف حول قيام البنوك الاستثمارية بالمزيد من عمليات التخفيض الهائلة للقيمة الدفترية للموجودات في ميزانياتها العمومية، إلى جانب احتمال قيام الحكومة الأمريكية بإنقاذ وكالتي القروض السكنية فاني ماي وفريدي ماك، اللتان ترعاهما الحكومة.
قال جون هيجينز من مؤسسة كابيتال إيكونومكس Capital Economics: "الهبوط الأخير في أسهم الشركات المالية الأمريكية اشتعل بفعل عودة الحديث عن احتمال قيام الحكومة الأمريكية بإعادة رسملة "فاني ماي" و"فريدي ماك" (أي ترتيب أوضاع الدين وحقوق الملكية فيهما) على نحو يؤدي إلى محق قيمة المساهمين فيهما".
"وفي حين أن هاتين المؤسستين اللتين ترعاهما الحكومة تبلغان من الكبر حداً يجعل انهيارهما أمراً غير مقبول، إلا أن المؤسسات الأخرى التي لا تتسم بهذا القدر من الحساسية السياسية ما تزال معرضة للانهيار إذا ما تعمق الأثر الاقتصادي للانقباض الائتماني".
بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 1.1 في المائة، مدفوعاً بفعل الهبوط البالغ 3.4 في المائة في مؤشر الشركات المالية. في أوروبا هبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 2.5 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أسبوعين، في الوقت الذي عانت فيه البنوك وشركات التأمين من خسائر لا يستهان بها.
هبط مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب لآسيا والباسيفيك MSCI Asia-Pacific إلى أدنى مستوى له منذ سنتين، حيث هبط مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بمقدار 2.3 في المائة، وهبط مؤشر هونج كونج بمقدار 2.1 في المائة.
أظهر البنك المركزي الياباني نغمة قاتمة هذا اليوم حين خفض من نظرته للاقتصاد للشهر الثاني على التوالي. أبقى البنك أسعار الفائدة على حالها عند 0.5 في المائة في الوقت الذي وصف فيها النمو الاقتصادي في اليابان بأنه "متثاقل"، وذلك بفعل الأسعار المرتفعة والنمو الضعيف للصادرات.
قالت زهرة وارد ميرفي، وهي محللة لدى بنك دريزدنر كلاينفورت Dresdner Kleinwort: "إن البنك المركزي الياباني، انسجاماً مع البنوك المركزية الأخرى في مجموعة البلدان الصناعية السبع، يتحدث عن مخاطر الهبوط التي يمكن أن تصيب النمو الاقتصادي ولكن مع المخاطر الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار".
في الأسبوع الماضي أظهرت البيانات أن الاقتصاد الياباني تقلص في الربع الثاني من العام، ما عمق المخاوف من أن اليابان يمكن أن تكون في سبيلها إلى الوقوع في كساد اقتصادي.
من جانب آخر، أكدت محاضر جلسات البنك المركزي الأسترالي في اجتماعه الأخير لتقرير السياسة النقدية، من جديد التوقعات أن أسعار الفائدة ستتجه خلال فترة قريبة إلى الهبوط، رغم أن محللين قالوا إن قيام البنك بتخفيض الأسعار على نحو نشط على مستوى 50 نقطة أساس يبدو الآن أمراً بعيد الاحتمال.
التحسن الذي طرأ على مؤشر معهد زيو ZEW، الذي يقيس المزاج العام للمستثمرين في ألمانيا أخفق في تهدئة المخاوف حول الاقتصاد الألماني، وهو أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، خصوصاً أن هذه المخاوف اقترنت ببيانات أخرى أظهرت ارتفاع الأسعار التي تدفعها الشركات المنتجة ثمناً للمواد.
كذلك انطلقت أجراس الإنذار في الولايات المتحدة من بيانات التضخم الإجمالي. ارتفع المؤشر الإجمالي للأسعار الإنتاجية بمقدار 1.2 في المائة في تموز (يوليو)، وهو أسرع معدل من الزيادات منذ 27 سنة، وبذلك دفع بالمعدل السنوي للمؤشر عند قياسه خلال الفترة نفسها من سنة إلى سنة ليصل إلى 9.8 في المائة. أما مؤشر التضخم في الأسعار الاستهلاكية الأساسية، الذي يستبعد بنود المواد الغذائية والطاقة، فقد ارتفع بنسبة 0.7 في المائة في الشهر الماضي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة المتوقعة بالإجماع.
من جانب آخر، فإن المشكلات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي أصبحت واضحة للعيان بفعل البيانات التي تشير إلى أبطأ معدل في إنشاء المساكن الجديدة خلال أكثر من 17 سنة.
قال ديميتري فليمنج، وهو اقتصادي لدى مؤسسة آي إن جي، إن البيانات الأمريكية "تحمل معها طابعاً قوياً من الكساد التضخمي".
وذكر أن بيانات المساكن الجديدة قد تشوهت بفعل القواعد الجديدة للمباني التي تضم عدة عائلات في مدينة نيويورك، ولكنه قال إن الأرقام الخاصة بالمساكن المخصصة لعائلة واحدة تكشف عن الاتجاه العام الحقيقي: "هذه البيانات لا تدع مجالاً للشك في أن الانقباض الإسكاني ما يزال موجوداً".
بالنسبة لأرقام مؤشر الأسعار الإنتاجية قال فليمنج: "رغم أن تضخم الأسعار التي يتم تحميلها من شركات الإنتاج إلى المستهلكين غير مستقر، إلا أن هذا سيدفع بالصقور في البنك المركزي الأمريكي إلى المبالغة في الحذر من التضخم."
أظهرت السندات الحكومية ردود فعل متباينة على أرقام التضخم. ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 3.84 في المائة، رغم أن العائد على السندات لأجل سنتين هبط بمقدار يسير. وارتفع العائد على سندات الحكومة الألمانية بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.17 في المائة.
في أسواق العملات ساعدت بيانات الأسعار الإنتاجية في البداية على تقدم الدولار، في الوقت الذي أخذ فيه المستثمرون بصورة متزايدة يتبنون النظرة القائلة إن التوجه المقبل في أسعار الفائدة سيكون باتجاه الارتفاع. ومس الدولار بالأمس رقماً قياسياً جديداً منذ ستة أشهر مقابل اليورو، رغم أنه عاد فانقلب إلى الأدنى في الوقت الذي تراجعت فيه أسعار الأسهم.
هذا التقلب في حظوظ الدولار ظهرت آثاره في الجلسة العاصفة لأسعار السلع المتقلبة. ارتفعت العقود الآجلة للنفط الأمريكي بمقدار ثلاثة دولارات للبرميل، في حين أن الذهب ارتفع مرة أخرى إلى ما فوق 800 دولار للأونصة.