ضغوط العمل قد تسبب أمراضا بدنية ونفسية خطيرة وتـأثيرها مباشر في القلب والدماغ
نحن مجموعة من الفنيين نعمل في أحد المستشفيات، ونواجه بعض الضغوط الخاصة بطبيعة العمل وبيئة المستشفى، نود إفادتنا عن أهمية الضغوط وتأثيرها، وهل هناك برامج تدريب تساعد على التخفيف من ضغوط العمل؟ وما مدى جدوى برامج التدريب على ضغوط العمل؟ هل تحقق أهدافها؟
ممدوح فني مختبر (في أحد المستشفيات)
الإجابة:
تشكل ضغوط الحياة والعمل Stresses إحدى ظواهر الحياة العصرية الجديدة في الحياة العامة وفي بيئات الأعمال الخاصة والعامة، وقد ازداد الاهتمام بها وبدراستها في السنوات الـ 20 الأخيرة، نظرا لتأثيرها وخطورتها في صحة الإنسان العامة والوظيفية على المستويات كافة وجميع أنواع منشآت الأعمال صغيرة كانت أو كبيرة. وتعود المشكلة لعدة أسباب نظرا لطبيعة ومؤثرات العصر الذي نعيش فيه ولأسباب خاصة بطبيعة بعض الأعمال والأنماط الشخصية لبعض الأشخاص وسهولة تأثرهم بالضغوط، وكذلك لتعدد مؤثرات وأسباب الضغوط العامة والضغوط الخاصة بالأعمال نفسها.
تعرف الضغوطStresses بأنها "مجموعة العوامل والمؤثرات الخارجية أو الشخصية التي تؤثر في الإنسان وتجعله يشعر بالتعب والقلق والاكتئاب ويترتب على ذلك معاناة والأم نفسية أو بدنية أو كلاهما تؤثر في الصحة والتفاعل الاجتماعي وتقود إلى اضطرابات في الأكل أو النوم وقد تقود إلى أمراض الضغط و القلب والمخ.
إن الضغوط في الحقيقة يمكن أن ينظر لها من جانبين إيجابي وسلبي، فعندما نفهم طبيعة الضغوط في بداياتها وما تسببه من توتر وقلق، يمكن أن تتحول إلى ضغوط إيجابية وتكون قوة وطاقة للفرد تساعد على الإنجاز العالي والإبداع والتجديد في الأعمال، غير أنها عندما تزيد على حدها المطلوب وتخرج عن نطاقها المرسوم يمكن أن تكون ضغوطا سلبية تؤثر في الصحة، وهذا يعود لفهم الفرد لها وتعامل المنظمة معها.
ضغوط العمل Work Stresses هي تلك الضغوط التي يحدثها العمل أو يتعرض لها العاملون في بيئة العمل، إما لطبيعة العمل نفسه أو ضيق الوقت أو طبيعة الإدارة والإشراف أو مضايقات من زملاء العمل أو سوء البيئة الإدارية للعمل، أو غموض الدور والمهام المطلوب إنجازها أو صعوبة المهام الوظيفية وضيق الوقت، أو حساسية الأعمال مثل أعمال المستشفيات أو أعمال الطوارئ وإجراء العمليات في المستشفيات أو أعمال الطوارئ والسلامة الأخرى، أو البنوك أو الطيران أو خطوط العمل الأمامية في بعض الشركات والأجهزة الحكومية، التي تتطلب أعمالها دقة وسرعة وإنجاز كمهام استثمارات البنوك والمضاربات في الأسهم والعملات والتبادلات التجارية السريعة وغيرها من الأعمال الشبيهة، التي قد تولد الضغوط والمعاناة والقلق والتوتر المستمر، وتترتب عليها نتائج سلبية تقود إلى الضغوط والمعاناة النفسية.
إن مشكلة ضغوط الحياة life Stresses تلاحقنا جميعا ليس في العمل فحسب، بل في المنزل وفي المطار وفي الفندق وفي النادي أو في المقهى الذي نذهب إليه لنستريح من ضغط العمل وحتى مع اللقاء مع الأصدقاء نتجاذب الحديث عن الأخبار والأحداث التي هي أحد مؤثرات ومصادر الضغوط .إننا في هذا العصر نهرب من الضغوط إليها ونحن لا ندري.
الضغوط صارت تهب علينا كما الهواء الجوي من الجوال والتلفون والتلفزيون الراديو والألعاب الإلكترونية والصحف والإنترنت، والوجبات السريعة، وإشارات المرور الحمراء، ومنعطفات الشوارع الملتوية كالمتاهات، والسرعة المخيفة لقيادة لسيارات في الشوارع، والمخالفات المرورية المزعجة.
إن الرغبة البشرية في السرعة في الأداء والإنجاز، أو ملاحقة الجديد في كل شيء، التزامات المناسبات الاجتماعية، السفر السريع والعودة، متابعة الأخبار العاجلة والدامية في التلفزيون مشاهدتها ونحن نتناول قهوتنا أو وجباتنا، متطلبات الأعمال السريعة، النزاعات والصراعات في الأعمال، القلق والتوتر، اللهاث وراء جمع المال، متابعة المباريات، الكسب والخسارة، الانتظار، الخوف والفزع من الخسارة.عصرنا الحالي مضطرب وسريع في تغيراته وتقلباته وتقنياته ومؤثراته وضغوطه، ونحن البشر نحرص على متابعته على حساب صحتنا.
الضغوط النفسية للحياة والعمل اليوم لها مصادر متعددة وتأثيرها في الصحة الجسمية والنفسية خطير يسبب أمراضا للقلب والمخ على حد سواء.
أهم أعراض الضغوط
الضغوط هي تجارب سلبية في الحياة أو الوظيفة، لهذا نجد أن الأعراض نتيجة هذه التجربة السلبية ويترتب عليها بعض الأعراض النفسية والصحية مثل:
* أحلام مزعجة في النوم تعيد التجربة السلبية.
* سلوك سلبي وشعور بأن الحالة أو التجربة ستعود أو تحدث مرة أخرى شعور وعواطف سلبية عند تذكر الحادثة أو التجربة.
* شعور بتوتر وقلق واكتئاب وغضب والآم جسدية كالصداع أو آلام في المعدة أو كسل عام في الجسم وعدم رغبة في الأكل أو النوم أو الاستمتاع مع الناس الآخرين.
* شعور بالتعب والتوتر والضيق في التنفس وأحيانا تعرق كثير وآلام في الصدر أو اضطرابات في القلب وفقدان في الوزن واضطرابات في ساعات النوم.
* عدم الرغبة في العمل مصدر الضغوط أو الرغبة في الحديث عن التجربة أو الحالة أو تذكر المكان أو العمل أو الناس ذوي العلاقة بالتجربة.
* فقدان الرغبة في الأشياء المحببة أو الناس المقربين أو الأصدقاء، وسرعة الغضب والاستشارة أو الملل.
* فقدان بعض الوزن أو زيادته وتغيير في عادات النوم والأكل وممارسة الهوايات.
* فقدان المتعة في التواصل مع الآخرين أو الاستمتاع في الحياة كالسابق.
* الشراهة في الأكل أو التدخين ونحو ذلك.
أسباب ومصادر ضغوط الحياة
تعود أسباب ضغوط الحياة وضغوط العمل إلى عوامل شخصية داخلية أو عوامل ومؤثرات خارجية خاصة بالحياة أو بالعمل أو بهما جميعا، والعوامل الشخصية تتمثل في نوع نمط الشخصية، إن كانت من فئة نمط الشخصية أ Type A Personality وهو النوع الحساس والسريع والطموح وسهل التأثر بالضغوط المؤثرة فيه. وهناك أسباب العوامل الخارجية وهي مؤثرات ضغوط الحياة أو ضغوط العمل وهي متعددة، وتتمثل:
ـ مؤثرات الحروب والكوارث والأزمات الطبيعية أو الحوادث والأمراض.
ـ المؤثرات العائلية مثل وفاة أحد الأقارب أو الأصدقاء أو حالات الطلاق أو المشكلات العائلية المتعددة.
ـ مؤثرات الوظيفة أو العمل "مثل فقدان الوظيفة المهمة أو تغيير مكان أو نوعية العمل بشكل مفاجئ أو صعوبة العمل أو غموض الدور والمهام أو طبيعة الإدارة والإشراف أو بيئة العمل السيئة أو حساسية العمل مثل أعمال الطوارئ أو الخطوط الأمامية أو العمل بالأعمال الحساسة والسريعة، مثل: الاستثمارات والمضاربات العقارية أو الأسهم أو العملات أو خطوط الإنتاج الحساسة كالمصانع أو الطيران أو الجيش أو الأمن أو المستشفيات والعمليات أو الإسعافات ونحو ذلك.
ـ الأعمال التي تتعامل مع عملاء غاضبين أو مستاءين أو أعمال الإنجازات السريعة والحساسة كالمطاعم أو البنوك أو الحراسات وغيرها.
مسببات ومصادر ضغوط العمل
تتكون مسببات ومصادر ضغوط العمل من عدة عوامل على النحو التالي:
1. عوامل تتعلق بطبيعة العمل من حيث أعبائه أو ضغوط الوقت.
2. عوامل تتعلق بالفرد نفسه مثل الشخصية، والتسامح بشأن غموض الدور، القدرة على التكيف مع التغيير، الدوافع، السمات السلوكية ونوع الشخصية ونمطها، إن كان من النمط "أ" أو النمط "ب" (وجميع العوامل الأخرى ذات صلة وثيقة بعامل شخصية الفرد).
3. عوامل تتعلق بالدور في المنشأة من حيث غموض ونزاع الدور والمسؤوليات عن الآخرين، وعدم المشاركة في القرارات.
4. عوامل تتعلق بتداخل المنظمة مع العالم الخارجي مثل تعارض مطالب المنشأة ومطالب المنزل، أو تأثير عمل الأزواج خارج المنزل.
5. عوامل تتعلق بالتقدم والتطور الوظيفي مثل الترقية إلى وظيفة أعلى أو فقدان الوظيفة الحالية، أو غياب الأمن والضمان الوظيفي.
6. عوامل متعلقة بعضوية الفرد في المنشأة مثل غياب الاستشارة الفاعلة مع عدم حرية التصرف أو الممارسات السياسية في المكتب.
7. عوامل خاصة بالعلاقات مع المنظمة مثل العلاقات السيئة مع الرؤساء أو الزملاء، والصعوبة في تفويض المسؤولية.
هذا وسنكمل الإجابة عن بقية الاستفسارات في الأسبوع المقبل عن أهمية برامج التدريب على التعامل مع ضغوط العمل، وتكلفة الضغوط على الإدارة والأعمال.