النفط يواصل التراجع رغم مؤشرات عدم استقرار الإمدادات

النفط يواصل التراجع رغم مؤشرات عدم استقرار الإمدادات

النفط يواصل التراجع رغم مؤشرات عدم استقرار الإمدادات

سجل إنتاج الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) زيادة تراوحت بين قرابة 200 ألف برميل يوميا في تموز (يوليو) الماضي كما ترى الوكالة الدولية للطاقة و80 ألف برميل يوميا في رأي مصادر أخرى مقارنة بالشهر الذي سبق، ليبلغ إجمالي الدول الأعضاء الـ 13 نحو 32.680 ألف برميل يوميا مقارنة بـ 32.600 ألف في حزيران (يونيو) الماضي، بينما ترى الوكالة أن إنتاج (أوبك) زاد مليون برميل عما كان عليه في نيسان (أبريل) الماضي و1.7 مليون برميل عما كان عليه قبل عام، حيث تخطت الإمدادات حاجز 31 مليون برميل ثم حاجز 32 مليونا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ثم لتبلغ 32.600 ألف قبل شهرين.
وتعود الزيادة الأخيرة إلى الإمدادات الإضافية من السعودية التي ضخت 250 ألف برميل في الشهر الماضي ليصل حجم إنتاجها إلى 9.7 مليون برميل، ولو أن الوكالة تعتقد أن إنتاج السعودية الشهر الماضي بلغ 9.55 مليون فقط، وذلك اتساقا مع الوعد الذي أطلقته الرياض إبان انعقاد مؤتمر المنتجين والمستهلكين والشركات ومراكز الأبحاث الخاصة بالصناعة النفطية الذي استضافته السعودية في قبل شهرين. وأسهم في الزيادة العراق بنحو 90 ألف برميل يوميا خاصة مع تحسن وضع الصادرات عبر البوابة الشمالية.
لكن من الجانب الآخر فإن الإنتاج الإيراني سجل تراجعا في تموز (يوليو) بنحو 130 ألف برميل، وهو ما يتضح من تراجع في حجم التكرير الداخلي خاصة مع إغلاق مصفاة عبادان لاستكمال إضافة 88 ألف برميل يوميا إلى طاقتها الإنتاجية، حيث إن حجم الإنتاج الداخلي من المواد المكررة وصل إلى 1.7 مليون برميل كما تقول المصادر الرسمية.
ومن ناحية أخرى، فإن حجم المخزون من النفوط الثقيلة تراجع إلى ستة ملايين برميل من نحو 20 مليونا، وتراوحت الصادرات بما يزيد على المليوني برميل قليلا الشهر الماضي من متوسط 2.43 مليون برميل من قبل. أما التراجع في الإنتاج الليبي في الشهر الماضي فيعود إلى ظروف الصيانة وإصلاح الحقول.
وكانت السوق قد شهد في الفترة الأخيرة تراجعات كبيرة في سعر البرميل، الذي فقد 35 دولارا من القمة التي بلغها في الحادي عشر من الشهر الماضي، وهي 147.27 دولار للبرميل، وذلك في غضون فترة تزيد قليلا على الأربعة أسابيع وليصل إلى أقل معدل له في غضون فترة أربعة أشهر.
واستمر التراجع رغم الاشتعال السياسي والأمني في بعض الدول ذات الصلة بالصناعة النفطية، وهو ما اتضح في الحرب التي تخوضها روسيا ضد جورجيا واحتمالات انعكاساتها على منطقة القوقاز كممر للنفط القادم من بحر قزوين، وهناك أيضا التفجير الذي ألم بخط الأنابيب الممتد من تبليسي ـ باكو إلى ميناء جيهان التركي، فالتفجير الذي أصاب الخط من قبل مجموعة كردية معارضة في شرقي تركيا يؤثر في الإمدادات النفطية من خارج دول منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) بنحو 400 إلى 600 ألف برميل يوميا، كما أنه سيستغرق أكثر من أسبوعين لإصلاحه.
لكن عدم تأثير هذا الحادث سعريا يشير إلى متغير في مزاجية السوق، التي كانت تتهيأ منذ بضعة أسابيع لاستيعاب احتمال أن يتخطى سعر البرميل حاجز 200 دولار، وهو ما بدا أمرا ممكنا في ظل القفزات الضفدعية التي ظل السعر يحققها خاصة منذ بداية العام.
لكن من الواضح أن السعر العالي بدأ يلقي بظلاله على عادات المستهلكين وسلوكياتهم، وتحديدا في الولايات المتحدة، حيث تشير بعض الأرقام إلى أن المستهلكين الذين كانوا يدفعون 1.65 مليار دولار تراجع إنفاقهم إلى 1.5 مليار فقط في الآونة الأخيرة، ولو أنه حتى هذا الرقم يمثل ثلاثة أضعاف ما كان ينفق قبل ست سنوات. ومع أنه يشار إلى تراجع في حجم الطلب الأمريكي بنحو 900 ألف برميل يوميا، إلا أن النمو على الساحة الآسيوية خاصة الصين والهند والدول النامية عموما ظل مستمرا بنحو 1.4 مليون برميل يوميا، كما تشير الأرقام المتوافرة لفترة الأشهر الخمسة الأولى منذ بداية هذا العام.
المزاجية للسوق في تغير تسنده الأساسيات خاصة لجهة توفر الإمدادات سواء مما هو متاح أو عبر مشاريع التوسع وتلك الجديدة، وهو ما وصفه تقرير الوكالة الدولية للطاقة الشهري أن الوضع السعري بدأ يخفف من ضغوط أساسيات السوق الخاصة بالعرض والطلب، ومضيفا أن الإشارات التي بدأت ترسلها الدول المنتجة خاصة تلك الأعضاء في (أوبك) وعلى رأسها السعودية أدت إلى تعزيز جانب العرض بصورة كبيرة ما أسهم في أضعاف الإحساس بإمكانية حدوث شح ترقد خلفه نظرية ذروة النفط. ومع الاتجاه التنازلي للسعر، فإن بعض المحللين بدأوا يشيرون إلى أنه المعدل الذي وصل إليه سعر البرميل متجاوزا 140 دولارا لم تعضده أساسيات السوق، وبالتالي، فإن الضغوط على السعر للتراجع ستكون أكبر لأنه حتى السعر الحالي يبدو أعلى مما ينبغي أن يكون عليه بقرابة 50 دولارا.
وهذا الوضع سيفرض مناخا وأجواء جديدة لاجتماع "أوبك" المنتظر الشهر المقبل في فيينا، إذ سيتم طرح السؤال القديم الجديد إذا كان على المنظمة خفض إنتاجها أو الحفاظ على المعدل الحالي، وهو ما يثير الخوف من أن تتجه الكميات الفائضة عن حاجة المستهلكين المباشرة إلى المخزونات، التي ستشكل فيما بعد عنصر ضغط ويعيد من جانبه طرح السؤال الأساسي الذي ظلت "أوبك" تتجنبه لفترة طويلة، وهو أي معدل سعري ترغب فيه وستكون على استعداد للدفاع عنه؟

الأكثر قراءة