متحف مكة يكشف تاريخ المنطقة للزوار والمعتمرين
يضع الكثير من المعتمرين والزوار القادمين إلى العاصمة المقدسة زيارة المعالم التاريخية والإسلامية لمكة المكرمة من أهم الأولويات لديهم مثل: غار حراء وجبل ثور ومسجد البيعه ومتحف مكة.
وتأتي زيارة متحف مكة الذي أنشأته وزارة التربية والتعليم، واتخذت من قصر الملك عبد العزيز مقرا له، ويضم بين جنباته تاريخ مكة المكرمة منذ النشأة الأولى حتى وقتنا الحاضر، تحكيها القطع الأثرية التي تعود إلى عصور قديمة، وصور تحكي قصصا لأحداث جرت بين جنبات مكة.
وتبلغ مساحة القصر الذي يقام عليه المتحف 3425 مترا مربعا، موزعة على ساحة أمامية بمساحة 1200 متر مربع، وألف متر مربع للمبنى الرئيس للقصر، وملحق خلفي بمساحة 425 متر مربع، فيما تشغل المساحات المتبقية طرقات القصر وممراته.
ويتكون الدور الأرضي للقصر من صالة زينت سقفها وأعمدتها بزخارف زيتية قوامها وحدات نباتية وهندسية يتوسطها لفظ الجلالة "الله"، ويتمركز في منتصف الصالة نافورة من الرخام الملون، تعلوها قبة القصر المحمولة على 24 عمودا دائريا مقسمة بين الدورين، ويطل على الصالة عدد من القاعات خصصت لعرض معالم آثار المملكة ومكة ما قبل التاريخ، كما خصص بها مكتب مدير المتحف وموظفيه.
وتستعرض ساحة العرض في وسط الصالة التاريخ الجيولوجي والطبيعي لمكة، أما القاعات الموجودة على الجانب الأيسر من الصالة فقد خصصت لاستراحة كبار الزوار، وآثار مكة قبل الإسلام، والمكتبة ثم الممر الذي يصل إلى المقر الذي خصص للإدارة النسوية للمتحف.
وخصصت القاعات الموجودة في الجانب الأيمن من الدور العلوي من القصر لعرض السيرة النبوية، وتطور الكتابة، والعملات، والحج، في حين خصصت قاعاد الجانب الأيسر لعمارة المسجد الحرام، والدولة السعودية بمراحلها الثلاث، والتعليم، والتراث المكي، وعرض روائع الفن الإسلامي.
وخصصت القاعة الأولى من متحف مكة المكرمة للآثار والتراث للمعالم الأثرية والتاريخية في المملكة، حيث تضم صورا لأهم المعالم الأثرية والتاريخية في مناطق المملكة، بهدف التعريف ببعض تلك المعالم مثل النقوش، الرسوم الصخرية، القلاع، طرق الحج، المدن، المنشآت، المساجد التاريخية، ومكتشفات الحفريات التي خصصت لها خمس خزائن لعرض مختارات من القطع الأثرية التي تم اكتشافها أثناء التنقيبات في مناطق المملكة. ويشمل العرض أجزاء لأواني من العرض الصابوني من موقع المعدن في محافظة الطائف، وأدوات من العصر الحجري مصنوعة من حجر الصوان من منطقة الرياض ومجموعة من الأواني الفخارية من موقعي الحمراء والصناعية في محافظة تيماء والتي يعود تاريخها إلى الألف الأولى قبل الميلاد، وأواني فخارية من موقع الحجر "مدائن صالح" يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بـ 100عام، وأواني فخارية متنوعة من المنطقة الشرقية، وأواني فخارية من موقع جنوب الظهران يعود تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وأواني فخارية وأجزاء من الأواني من موقعي سهي وعثر في منطقة جازان.
كما يضم المتحف قاعة ما قبل التاريخ، والتي تسرد تاريخ شبه الجزيرة العربية، وأجواءها الجافة والحارة التي اشتهرت بها حتى الآن، وفترات البرودة والأمطار الغزيرة التي كانت تهطل عليها في فترات متناوبة طوال ثلاثة ملايين عام مضت، الأمر الذي ساعد أنواعا من الحيوانات والنباتات على العيش، في حين كان الإنسان حينها كثيرا ما يتردد على ينابيع المياه بحثا عن الصيد والغذاء، مخلفا وراءه بعض أدواته الحجرية التي لم يعد حاجة إليها.
وخصص في المتحف قاعة للبيئة الطبيعية لمكة المكرمة، تعرض جانب التاريخ الطبيعي للبيئة والجيولوجيا في المنطقة، إضافة إلى الكائنات الحية بأنواعها، والتي حافظت على مكونات بقائها نتيجة لحرص المملكة على حماية الحياة الفطرية في مكة المكرمة بصفة خاصة، والمملكة بصفة عامة، وقامت هيئة المساحة الجيولوجية بعرض أنواع مختلفة من الأحجار الكريمة التي تحتويها جبال مكة المكرمة في ثماني خزائن تم عرضها في بهو المتحف ليراها الزائر عند دخوله للمتحف.
ويستطيع الزائر للمتحف من خلال قاعة مكة التعرف على نشأة مكة وأسواقها القديمة خلال عصور ما قبل الإسلام، والتي كانت ملتقى عاما يحوي كل نواحي النشاط الإنساني في الجزيرة العربية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، والحج وبناء البيت، ورحلة الشتاء والصيف، وحادثة الفيل التي أراد فيها الأحباش غزو مكة المكرمة.
كما تضم القاعة نقوشا مختلفة مكتوبة بالقلم المسند الجنوبي والشمالي، ونقوش ثمودية، وهي نقوش لأشخاص تعود أزمنتهم إلى فترة ما قبل الإسلام.
وتعد قاعة الحج في المتحف من القاعات المتميزة، لكبر مساحتها، وقيمة المادة المعروضة فيها، والتي تمثل كتابا مفتوحا عن الحج، حيث الطرق المختلفة المؤدية إلى مكة المكرمة، مدعمة بخرائط وصور للأحجار الميلية التي كانت توضع على الطريق لهداية الحجاج أثناء رحلتهم من وإلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، والقلاع التي كانت بمثابة استراحات للحجاج، كما تضم القاعة صورا قديمة لرحلات الحج ومجسمات للمشاعر المقدسة.
كما خصصت قاعة في المتحف لعرض المراحل التي مرت بها عمارة المسجد الحرام بدءا من عصر الخلفاء الراشدين، مرورا بالعصر الأموي والعباسي، وعهد الخلافة العثمانية، وصولا إلى التوسعة في عهد الدولة السعودية التي كان آخرها التوسعة الكبرى التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله -، وتم عرض مراحل بناء الكعبة المشرفة وكسوتها، إضافة إلى عرض مجسم للمسجد الحرام في وسط القاعة.
وتحكي قاعة الدولة السعودية بالكلمة والصورة والخريطة، ملحمة تأسيس دولة أصبحت اليوم ذات نهضة عمرانية واقتصادية، وسيادة سياسية، بفضل تمسك حكامها وأهلها بالحكم بشريعة الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
كما تعرض القاعة مجموعة من الوثائق التي ترجع إلى عهد الإمام فيصل بن تركي من عهد الدولة السعودية الثانية، ووثائق من عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله -، إضافة إلى عملات سعودية ورقية ومعدنية تعود إلى الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، ومجموعة نادرة من الطوابع البريدية التذكارية.
وتعرض قاعة التراث المكي العديد من التراثيات في عشر خزائن عرض كبيرة، ضمت أدوات البادية، صناعة الخوصيات، الأسلحة القديمة، أدوات الصيد والزراعة والطهي والأكل والمشرب، الإضاءات، دلال القهوة، المياه، والملابس النسائية وأدوات الزينة.
فيما تعرض في قاعة روائع الفن الإسلامي، مجموعة مختارة من التحف الإسلامية التي تعود إلى فترات إسلامية مختلفة، ومنها الجرار، والأطباق الخزفية المزينة بالزخارف الهندسية والنباتية، والشمعدانات النحاسية التي تحمل أشرطة كتابية وزخرفية، والصواني النحاسية المليئة بالرسوم النباتية، إضافة إلى مجموعة من السجاد الشرقي.
ويشاهد الزائر في قاعة السيرة النبوية بعض الإضاءات المشرقة من سيرة رسول الله منذ ولادته وحتى وفاته، كما تضم القاعة خزائن وسطية تعرض كسرا لأوان فخارية وخزفية إسلامية مبكرة، التقطت أثناء أعمال الحفر والتوسعة في منطقة الحرم المكي الشريف.
وتتناول قاعة تطور الكتابة تاريخ الكتابة العربية منذ بدايتها، وأنواع خطوطها، وأماكن نقشها في منطقة مكة بصفة خاصة وفي المملكة بصفة عامة، وأشهر الخطاطين العرب في مكة المكرمة، ومواد وأدوات الكتابة، إلى جانب أنواع الخطوط وأشكالها، وطريقة كتابتها، والموضوع الذي من أجله نقش النص، فمنها نص تأسيسي لعمارة مسجد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مؤرخ في عام 319هـ الموافق 931م، ونقش الخط الكوفي الذي يعود إلى القرن الثاني الهجري، وآخر يعود إلى التاسع الهجري، ونص تأسيسي لإنشاء سبيل مؤرخ بعام 844هـ، إضافة إلى مجموعة أخرى من النقوش.
وتعرض قاعة العملات عددا من العملات الإسلامية مختلفة الأشكال والمقاسات، والتي ترجع إلى فترات تاريخية إسلامية متعاقبة، مع توضيح أسمائها وخصوصا في منطقة مكة المكرمة، وتضم القاعات أربع خزائن عرض تعرض كل واحدة مجموعة من المسكوكات، صنفت لتعطى الزائر فكرة واضحة عن تاريخ العملة، ومكان سكها، واسم الحاكم أو الخليفة الذي سكت في عهده.