توقعات بتراجع أسعار الأسمنت 5 % سنويا
<div>رجحت شركة جدوى للاستثمار في تقرير أصدرته أمس أن تظل أسعار الأسمنت في السعودية مستقرة هذا العام وأغلب عام 2009، لكن من المتوقع تراجعها بما يصل إلى 5 في المائة سنويا حتى عام 2013 بسبب
زيادة الإنتاج. وقالت الشركة إنه من المتوقع ارتفاع الإنتاج السنوي من
الأسمنت إلى 69.9 مليون طن بحلول عام 2013 من 23.5 مليون طن في 2005 بفضل تطوير منشآت الإنتاج الحالية وإقامة شركات جديدة. وأضاف التقرير أن من المتوقع أن تعمل معظم المصانع الجديدة بكامل طاقتها الإنتاجية التصميمية أو بأعلى منها، حيث عادة ما تزود المصانع بطاقة إنتاج إضافية ما بين 10 و15 في المائة.
وتوقع التقرير أن تفرض الزيادة الكبيرة الجارية في الطاقة الإنتاجية علاوة على حظر صدر أخيرا على التصدير ضغوطا ملموسة على أسعار الأسمنت في السنوات المقبلة. وفرض حظر الصادرات في حزيران (يونيو) بعدما أسفر نقص الأسمنت بسبب زيادة كبيرة في الصادرات عن ارتفاع الأسعار. ويتوقع تباطؤ نمو طاقة الإنتاج بعد عام 2010 كما ينتظر استقرار الإنتاج بعد عام 2013 عندما يكتمل إنشاء الدفعة الثانية من المشاريع الجديدة.
في مايلي مزيدا من التفاصيل:
رجحت شركة جدوى للاستثمار في تقرير أصدرته أمس أن تظل أسعار الأسمنت في السعودية مستقرة هذا العام وأغلب عام 2009، لكن من المتوقع تراجعها بما يصل الى 5 في المائة سنويا حتى عام 2013 بسبب
زيادة الإنتاج. وقالت الشركة إنه من المتوقع ارتفاع الإنتاج السنوي من
الأسمنت إلى 69.9 مليون طن بحلول عام 2013 من 23.5 مليون طن في 2005 بفضل تطوير منشآت الإنتاج الحالية وإقامة شركات جديدة. وأضاف التقرير أنه من المتوقع أن تعمل معظم المصانع الجديدة بكامل طاقتها الإنتاجية التصميمية أو بأعلى منها، حيث عادة ما تزود المصانع بطاقة إنتاج إضافية ما بين 10 و15 في المائة.
وتوقع التقرير أن تفرض الزيادة الكبيرة الجارية في الطاقة الإنتاجية علاوة على حظر صدر أخيرا على التصدير ضغوطا ملموسة على أسعار الأسمنت في السنوات القادمة. وفرض حظر الصادرات في حزيران (يونيو) بعد ما أسفر نقص الأسمنت بسبب زيادة كبيرة في الصادرات عن ارتفاع الأسعار. ويتوقع تباطؤ نمو طاقة الإنتاج بعد عام 2010 كما ينتظر استقرار الإنتاج بعد عام 2013 عندما يكتمل إنشاء الدفعة الثانية من المشروعات الجديدة. إلى التفاصيل:
السعودية اليوم أكبر منتج للأسمنت بين دول الخليج بطاقة إنتاجية تصميمية تخطت 38 مليون طن في نهاية عام 2007، وتتوافر في المملكة تكوينات ضخمة من الحجر الجيري المادة الأساسية المستخدمة في تصنيع الأسمنت والذي تستأجر شركات الأسمنت محاجره من الدولة برسوم رمزية، هذا فضلا عن تدني تكلفة المحروقات التي تتطلب عملية تصنيع الأسمنت كميات كبيرة منها لتشغيل الأفران الضخمة. لذا فإن توافر هذين العنصرين يجعل وضع المملكة مثاليا لإنتاج الأسمنت. وكانت الشركات الثماني المدرجة في قطاع صناعة الأسمنت في سوق الأسهم قد هيمنت على هذه الصناعة لعقود طويلة، لكن هذا الوضع آخذ في التغير الآن، حيث تم في السنوات الأخيرة إصدار ستة تراخيص لمصانع أسمنت جديدة وهناك إجراءات قيد النظر لسبعة أخريات.
وتشهد هذه الصناعة حاليا عمليات توسعة كبيرة في الإنتاج من خلال تطوير وتحديث مصانع الأسمنت القائمة وإنشاء مصانع وشركات أسمنت جديدة، لذا نتوقع أن يبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية من هذه المادة نحو 69.9 مليون طن بحلول عام 2013، في الوقت الذي لم تتعد فيه 23.8 مليون طن عام 2005. وكان العام الماضي قد شهد إضافة 12 مليون طن من الطاقة الإنتاجية الجديدة سيتم إلحاقها بنحو 7.8 مليون طن هذا العام. ونتوقع في ضوء الطفرة الحالية في قطاع الإنشاء والمقاولات أن تتمكن جميع المصانع القائمة من العمل بكامل طاقاتها التصميمية بل ربما تتعداها.
ويعد الأسمنت سلعة استراتيجية لذا يتم تحديد سقف أعلى لأسعاره تتعهد شركات الأسمنت المدرجة بالالتزام به وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة، لكن فترة الـ 12 شهرا الماضية شهدت ارتفاع أسعار الأسمنت فوق ذلك السقف، حيث تسببت عمليات التصدير الكبيرة في شح مادة الأسمنت، مما هدد بتوقف العمل في تنفيذ بعض المشاريع الإنشائية وحدا بالحكومة للتدخل. وقد تراجعت الأسعار في المستويات المحددة عقب حظر عمليات التصدير في حزيران (يونيو) 2008، إلا أن المخاوف الآن هي أن يؤدي الفائض في المعروض من الأسمنت إلى انهيار أسعاره.
ونعتقد أن المعطيات الأساسية لصناعة الأسمنت تظل قوية وأن الفجوة بين العرض والطلب سيتم جسرها بمجرد أن تدخل المشاريع العديدة المخطط لها حيز التنفيذ. ونستبعد نشوب حرب أسعار حيث يدرك منتجو الأسمنت جيدا أن تداعيات ذلك ستكون وخيمة على الجميع، لكنهم ربما يتفقون على قبول سقف أسعار أقل في نهاية الأمر، وكانت سياسة تحديد أسعار الأسمنت هذه قد لعبت دورا مهما في الماضي في خدمة الأهداف الاستراتيجية للحكومة وقطاع صناعة الأسمنت على حد سواء، لذا نرجح استمرارها مستقبلا.
الشركات المنتجة
في الوقت الحالي هناك 11 شركة أسمنت منتجة وشركة واحدة يتوقع أن يبدأ إنتاجها خلال عام 2008 إضافة إلى شركتين جديدتين تسعيان إلى إطلاق عملياتهما الإنتاجية خلال العامين المقبلين.
وكانت وزارة البترول والثروة المعدنية قد أعلنت أخيراً أنه سيتم إصدار فقط سبع رخص جديدة لمنح حق امتياز استخراج الحجر الجيري لمصانع الأسمنت الجديدة وأن اثنين من الرخص السبعة تم تخصيصهما لمصانع في حائل والباحة، بينما ستطرح الرخص الخمس المتبقية عبر مزاد تنافسي، حيث ستمنح امتيازات المحاجر لأفضل العروض وسيتم إلزام أصحاب العطاءات الفائزة بطرح 50 في المائة من المشروع للاكتتاب بسعر التكلفة الفعلية دون علاوة إصدار. وباكتمال هذه المناقصة للرخص الجديدة سيبلغ عدد شركات الأسمنت في المملكة 21 شركة كحد أقصى. ويعد هذا الإعلان غاية في الأهمية لأنه أنهى التخمينات بشأن عدد مشاريع الأسمنت الجديدة التي سيتم إطلاقها. وكانت وزارة التجارة والصناعة قد وافقت على 27 رخصة من بين 70 طلباً قدمت إليها مما أدى إلى خلق حالة قلق جاد وسط المنتجين والمستثمرين بشأن احتمال أن تكون هناك طاقة فائضة كبيرة في الأسمنت، ولكن الآن أصبح في حكم المؤكد أن معظم مشاريع الأسمنت الجديدة التي حصلت على سجلات تجارية أخيراً لن تكون قادرة على الشروع في التنفيذ.
ووفقت وزارة البترول والثروة المعدنية في لجم المنافسة الضارة من خلال منحها تراخيص المحاجر بصورة متوازنة في جميع أنحاء المملكة، وضمنت في الوقت نفسه توافر الأسمنت في أي موقع تحتاج إليه عمليات تطوير البنية التحتية. ويتضح أن الطاقة الإنتاجية ستتحول باتجاه الغرب الآن، حيث ستقام مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وباتجاه الشمال الذي سيشهد ارتفاع وتيرة النشاط في مشاريع التعدين وإنشاء البنية التحتية. ويعزى التراجع الحاد في حصة المنطقة الوسطى من الطاقة الإنتاجية إلى دخول معظم الطاقة الجديدة لهذه المنطقة مرحلة الإنتاج خلال عام 2007 (حيث زادت الطاقة الإنتاجية من نحو 4.8 مليون طن إلى 8.3 مليون طن بنهاية العام) بينما ستبدأ الطاقة الجديدة في المناطق الأخرى الدخول في مرحلة الإنتاج لاحقاً.
الإنتاج
حققت المملكة العربية السعودية الاكتفاء الذاتي من الأسمنت عام 1989 وصدّرت أول شحنة إلى الخارج في العام التالي وأعقب ذلك فترة تباطأ فيها نمو الإنتاج بشدة وجاءت متزامنة مع الأداء الاقتصادي المتباطئ خلال حقبة التسعينيات. ولكن الإنتاج بدأ يستجمع قواه مطلع هذا العقد استجابة للإشارات المبكرة للانتعاش الاقتصادي، وبحلول عام 2006 جاءت طفرة قوية نتيجة للطاقات الإنتاجية الجديدة والسحب من المخزونات المتراكمة.
وسجل إجمالي إنتاج الأسمنت الفعلي رقماً قياسياً عام 2007 حيث بلغ 30.3 مليون طن بزيادة قدرها 12 في المائة عن العام السابق وهو إنتاج يفوق في الحقيقة الطاقة الإنتاجية التصميمية للمصانع التي لجأت إلى السحب من مخزون الكلينكر الذي تراكم لديها خلال سنوات التباطؤ الاقتصادي، كما حققت الصادرات هي الأخرى عام 2007 أعلى مستوى على الإطلاق حيث بلغت الكمية المصدرة 3.57 مليون طن. وفي المقابل كانت هناك كمية قليلة من الواردات وخاصة الكلينكر وبعض أنواع الأسمنت التي لا تنتج محلياً.
الطاقة الإنتاجية
يتوقع حدوث زيادة ضخمة في الطاقة الإنتاجية في المستقبل المنظور حيث من المحتمل أن يقفز إجمالي الطاقة الإنتاجية السنوية للأسمنت إلى 69.9 مليون طن بحلول عام 2013 مقارنة بـ 23.8 مليون طن عام 2005 لقد ارتفعت الطاقة الإنتاجية العام الماضي بأكثر من 12 مليون طن ويتوقع أن تضاف إليها زيادة أخرى في حدود 7.8 مليون طن هذا العام، لكن نتوقع أن تتباطأ وتيرة الارتفاع بعد عام 2010 مما سيؤدي إلى استقرارها بعد عام 2013 عندما تكون الدفعة الثانية من مصانع الأسمنت الجديدة قد اكتملت (تم طرح المناقصات لمنح امتيازات المحاجر للشركات المؤهلة). أما بالنسبة للمرحلة الثانية من زيادة الطاقة الإنتاجية فقد افترضنا أن كل واحد من المصانع السبعة سيعمل بطاقة تصميمية تبلغ 1.5 مليون طن في العام وأن إجمالي الطاقة الإنتاجية التي ستضاف إلى الإنتاج الكلي ستبلغ 3.5 مليون طن سنوياً خلال الفترة من 2011 إلى 2013.
أسباب الزيادة الهائلة في الإنتاج
الطفرة الاستثمارية: حفزت إيرادات النفط الضخمة وحركة الإصلاح والتحرير الاقتصادي القوية طفرة استثمارية تمثلت في إنشاء المدن الاقتصادية الجديدة وتطوير البنية التحتية وتنفيذ عدد من المشاريع الإنشائية حيث بلغت قيمة المشاريع المخطط لتنفيذها أو تلك قيد التنفيذ نحو 500 مليار دولار أمريكي وهي مشاريع تدخل مادة الأسمنت مكونا رئيسا في الكثير منها.
توافر التمويل الرخيص: هناك عوامل سهلت على شركات الأسمنت التي تسعى إلى توسيع إنتاجها الحصول على التمويل منخفض التكلفة من أهمها إصدارات حقوق الأولوية في الشركات العامة المدرجة في سوق الأسهم كما يتوافر التمويل أيضاً من خلال الاكتتابات العامة بالنسبة للمشاريع المبتدئة والقروض الميسرة التي يقدمها صندوق التنمية الصناعية السعودية المملوك للدولة لمصانع الأسمنت القائمة، فضلا عن تراكم الأرباح المستبقاة وغيرها من الاحتياطيات النظامية لمصانع الأسمنت القائمة خلال العقد الماضي التي سنحت الفرصة لتوظيفها في أنشطة منتجة بسبب زيادة الطلب على الأسمنت.
تقادم المنشآت الإنتاجية والرغبة في إحلالها: تعكف الكثير من الشركات القائمة على استبدال منشآتها الإنتاجية العتيقة بخطوط إنتاج حديثة ذات إنتاجية أعلى وكفاءة أفضل من حيث التكلفة واستهلاك الوقود. كذلك أصبحت الحكومة أكثر صرامة فيما يتعلق بفرض متطلبات مكافحة التلوث حيث تم إغلاق أحد المصانع في جدة بسبب موقعه داخل المدينة.
قانون الرهن العقاري: وافق مجلس الشورى السعودي على مسودة قانون الرهن العقاري المقترح وهو الآن في انتظار المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء.
وسيضاعف تطبيق هذا القانون من قوة الطلب على المساكن بين المواطنين الذين تتزايد أعدادهم بسرعة، وهو طلب يعتبر في الأصل قوياً.
فرص التصدير: أدى الطلب الكبير على الأسمنت السعودي من قبل الدول الخليجية الأخرى وبعض الدول المجاورة إلى تحفيز شركات الأسمنت لزيادة طاقتها الإنتاجية أو إنشاء مصانع جديدة وذلك لاغتمام فرص التصدير السانحة.
الأسعار
ظلت شركات الأسمنت تحاول وعلى مر السنين التحكم في الأسعار وكان نصيبها من النجاح متفاوتاً. وكانت الأسعار قد انهارت في نهاية التسعينيات حتى وصلت إلى 53 ريالا للطن في عام 2000 نتيجة للأوضاع الاقتصادية غير المواتية لدرجة اضطرت معها شركات الأسمنت المنهكة التفكير في الاندماج وهي فكرة تجددت مرة أخرى عند انضمام المملكة إلى منظومة التجارة العالمية بسبب المخاوف من المنافسة الخارجية. لكن الأوضاع اختلفت الآن نتيجة الانتعاش الاقتصادي الكبير حيث قفز سعر طن الأسمنت إلى 200 ريال بحلول عام 2004 عاكساً الزيادة الكبيرة في الطلب وأيضاً ارتفاع الأسعار في أسواق الصادر. وقد ارتفعت مبيعات الأسمنت بمتوسط سنوي بلغ 5.4 في المائة خلال السنوات العشر المنتهية في عام 2007 بينما نما العرض (مجموع الإنتاج المحلي والواردات) بمتوسط سنوي 6 في المائة خلال الفترة نفسها.
ولما كان الأسمنت يعتبر سلعة استراتيجية لا يمكن ترك تحديد سعرها لظروف السوق فقط، لذا نجد أن تحديد السقف الأعلى لسعره يتم بالتشاور بين شركات الأسمنت المدرجة في سوق الأسهم ووزارة التجارة والصناعة. وتشمل العوامل التي تؤخذ في الحسبان عند تحديد السقف السعري لمادة الأسمنت أنماط العرض والطلب التاريخية والحالية ومتطلبات حماية المستهلك وفي الوقت نفسه مراعاة مصالح شركات الأسمنت.
وبالطبع تستطيع شركات الأسمنت البيع بأقل من السعر الأقصى، لكن لا توجد أي قيود على الأسعار التي يبيع بها الموزعون. وتختلف الأسعار حسب نوع الأسمنت (جميع الأسعار المشار إليها في هذا التقرير هي أسعار الأسمنت العادي ما لم يذكر خلاف ذلك). ولم يتم تعديل الحد الأعلى لأسعار الأسمنت طيلة السنوات الثلاث الماضية باستثناء مره واحدة خلال فترة الـ 12 شهراً الأخيرة عندما أوقفت وزارة التجارة والصناعة العمل بنظام تثبيت السعر ثم عادت للعمل به بعد فترة قصيرة.
أثار الارتفاع المستمر في الطاقة الإنتاجية مخاوف في أوساط شركات الأسمنت من أن يؤدي ذلك إلى انهيار كبير في الأسعار غير أنها ظلت تسير في اتجاه تصاعدي متذبذب خلال الـ 12 شهراً الماضية وذلك بسبب النقص في المعروض من الأسمنت نتيجة لقوة الطلب المحلي وزيادة حجم الصاردات (تفوق الأسعار في الدول المجاورة للسقف السعري لوزارة التجارة بنسبة 30 في المائة).
وكانت أسعار الأسمنت المحلية قد ارتفعت فجأة وبشدة الصيف الماضي بسبب نقص المعروض، ولأول مرة منذ عدة سنوات ظهرت في المملكة سوق سوداء للأسمنت وغيره من مواد البناء (بلوكات الأسمنت والخرسانة الجاهزة). وقد كان ذلك النقص مفاجئاً وحاداً لدرجة لم يعد معها لمقاولي البناء خيار غير تمرير التكلفة العالية للأسمنت إلى عملائهم مما أدلى إلى إبطاء أو تعليق العمل في بعض المشاريع إلى حين انخفاض الأسعار.
وكان رد الفعل الأولي لوزارة التجارة والصناعة هو إلغاء نظام تثبيت الأسعار بناء على الافتراض بأن شركات الأسمنت أبقت على الأسعار مرتفعة عمداً بالرغم من بدء الإنتاج في التوسعات الجديدة. لكن لم ينتج عن ذلك الإجراء أي أثر بسبب انخراط الموزعين في تصدير الإنتاج الجديد إلى الخارج. واستمرت الأسعار في الارتفاع مع لجوء بعض الموزعين إلى تخزين الأسمنت طمعاً في المزيد من ارتفاع الأسعار. ولم يكن حظ خفض الرسوم الجمركية على الأسمنت بهدف تشجيع الواردات بأحسن حالاً من حظ نظام تثبيت الأسعار.
ثم أصبح أخذ الارتفاع الشديد في الأسعار التي شارفت على 400 ريال للطن والنقص في المعروض من الأسمنت يؤثران في شركات المقاولات بصورة ملموسلة، ذلك أن أي زيادة طفيفة في سعر الخرسانة الجاهزة المكون الرئيس لمعظم المباني تنتج عنها آثار سلبية جدا في الكاليف (قفز سعر بلوكات الأسمنت من 1.150 ريال إلى 1.850 ريال للشحنة المكونة من ألف قطعة). وقد تزامنت تلك الزيادة في أسعار الخرسانة مع زيادة أكبر في أسعار حديد التسليح الذي يستخدم جنباً إلى جنب مع الأسمنت مما أدى إلى إضعاف القدرة على الاستمرار في الصرف على تنفيذ بعض المشاريع الرئيسة الكبيرة في المملكة. إضافة إلى ذلك بدأ النقص في الأسمنت يتهدد العقود الكبيرة التي غالبا ما تتضمن بنودها تواريخ صارمة للتسليم (قد تصل العقوبات إلى فرض غرامة تعادل 10 في المائة من إجمالي تكلفة العقد في حالة عدم الوفاء بتواريخ التسليم).
ومع استمرار النقص في الأسمنت لجأت وزارة التجارة والصناعة إلى إعادة فرض سقف أسعار تسليم الأسمنت في المصنع عند مستوى 250 ريالا للطن، كما لجأت إلى حظر جميع صادرات الأسمنت ابتداءً من حزيران (يونيو) 2008، عدا العمل عن كثب مع شركات الأسمنت لضمان إرسال شحنات من الأسمنت بصفة عاجلة إلى المنطقة الغربية حيث كان النقص على أشده. ونتيجة لذلك انخفضت أسعار الأسمنت بنسبة تقارب 40 في المائة في حزيران (يونيو) من 440 ريالا إلى 280 ريالا للطن.
وبحلول تموز (يوليو) كانت معظم الشركات تبيع بالسعر الذي حددته وزارة التجارة والصناعة أو قريبا منه حسب الموقع (كلما كان العميل قريباً قل السعر). وفي هذا الصدد صرح أحد كبار التنفيذيين في واحدة من كبريات شركات الأسمنت في الرياض أخيرا قائلاً: "يعد قيام أي شركة ببيع الأسمنت دون مستوى 13 ريالا للكيس (250 ريالا للطن) هو بمثابة إعلان صريح بحرب أسعار".
ومن شأن الزيادة الهائلة في الطاقة الإنتاجية قيد التنفيذ والتي تزامنت مع قرار حظر تصدير الأسمنت الذي اتخذ أخيرا أن تخلق ضغوطاً كبيرة باتجاه خفض أسعار الأسمنت خلال السنوات المقبلة. وسوف تسعى الشركات ووزارة التجارة إلى التأثير في الأسعار، لكننا نستبعد أن يكون في مقدورهم منع انخفاضها، ونتوقع أن تظل الأسعار مستقرة طيلة الفترة المتبقية من عام 2008 ومعظم عام 2009 ولكنها ستنخفض بصورة تدريجية خلال السنوات الثلاث التالية ضمن نطاق يراوح بين 3 و5 في المائة في العام.
حظر التصدير
كانت صادرات الأسمنت في طريقها إلى تسجيل رقم قياسي لحظة تطبيق قرار حظر التصدير. وقد شكلت الصادرات نسبة 12.3 في المائة من إجمالي الإنتاج خلال النصف الأول من العام الحالي بينما لم تتعد 11.8 في المائة لعام 2007 بكامله.
ظل تشجيع الصادرات هو السياسة الحكومة المعلنة لفترة طويلة، وكانت المقدرة على التصدير هي إحدى المعايير الرئيسية التي أخذت في الاعتبار عند الترخيص لمصانع الأسمنت الجديدة أو تمويلها. وكانت مصانع الأسمنت القريبة من موانئ التصدير في المنطقة الشرقية نشطة بصورة خاصة في عمليات التصدير وذلك مثل شركة أسمنت السعودية وشركة أسمنت الشرقية اللذين شكلت صادراتهما مجتمعتين نسبة 66 في المائة من إجمالي الصادرات عام 2007.
وقد تعرض قرار حظر التصدير لانتقادات شديدة من قبل شركات الأسمنت حيث يحتج العديد منها بأنه مرتبط بعقود ملزمة مع مستوردين أجانب وأنها تخشى من فرض جزاءات عليها نتيجة لعدم وفائها بالتزاماتها التعاقدية كما تؤكد أن الهدف الأصلي من معظم توسعاتها الجديدة هو التصدير وأن الحظر سيؤدي بها إلى فقدان حصتها في الأسواق الخارجية وسيبعث برسالة مفادها أنهم ليسوا شركاء تجاريين موثوقين.
وقد انعكست مضاعفات قرار الحظر على أسواق التصدير التي تشمل الإمارات والعراق والبحرين (التي استثنيت في وقت لاحق من الحظر) والكويت (حيث يتم إعادة تصدير معظم الشحنات إلى العراق) واليمن والسودان. وقد حذر مسؤولون بحرينيون أن 80 في المائة من أعمال التشييد في الجزيرة على حافة التوقف كما اضطر مستوردون سودانيون إلى بيع شحنات أسمنت تقطعت بها السبل في ميناء جدة دون سعر تكلفتها لتفادي غرامات بقاء البضاعة في مخازن الميناء.
والآن بعد مضي شهرين تقريباً من فرض الحظر بدأت علامات تراكم المخزون تظهر وخاصة في منطقة الرياض وذلك نتيجة لبدء منتجي الأسمنت من المناطق الأخرى توجيه فائض إنتاجهم إليها بسبب طفرة الإنشاءات القوية، وهو تطور ينظر إليه منتجو الأسمنت في المنطقة بأنه إشارة مبكرة لعملية إغراق ستقود في النهاية إلى حرب أسعار في حال ظل قرار الحظر سارياً. ومن المعلوم أن مصانع الأسمنت تعوزها المرونة في تخفيض إنتاجها نسبة للصعوبات المرتبطة بوقف الأفران وكذلك ارتفاع نسبة الموجودات الثابتة إلى إجمالي الموجودات.
التوسعات الخارجية
إضافة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية داخل المملكة شرعت بعض الشركات السعودية في توسعة أنشطتها في دول المنطقة، مثال ذلك شركة الأسمنت العربية التي تقوم ببناء مصنع في قطرانة في الأردن تبلغ طاقته الإنتاجية 1.5 مليون طن في السنة ويتوقع أن يبدأ إنتاجه عام 2009، كما يقوم مجموعة من المستثمرين السعوديين (بقشان والعمودي وأسمنت الشرقية) ببناء مصنع أسمنت في اليمن بطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون طن في السنة تكلفته نحو 260 مليون دولار ينتظر أن يبدأ تشغيله التجريبي في آب (أغسطس) 2008. وهناك رجال أعمال خليجيون آخرون يستثمرون 60 مليون دولار لبناء مصنع أسمنت ثان أصغر (طاقته الإنتاجية 500 ألف طن سنويا) في شرق اليمن يتوقع اكتماله عام 2010. كذلك قدمت مؤسسة التمويل الدولية قرضا بقيمة 55 مليون دولار لبناء مصنع أسمنت بطاقة إنتاجية قدرها 2.5 مليون طن سنوياً في إثيوبيا يملكه رجل الأعمال السعودي محمد العمودي. وفي السودان استحوذ أفراد من عائلة الراجحي على مصنع أسمنت صغير.
من جهة، تتعرض السوق السعودية لغزو شركات من دول أخرى فشركة أوراسكوم للتشييد المصرية تستثمر من خلال مشروع مشترك مع مجموعة الخياط السعودية لبناء مصنع (الصفوة) للأسمنت في المنقطة الغربية بطاقة إنتاجية 2 مليون طن سنوياً وتكلفة قدرها 360 مليون دولار، كما تقوم شركة مجموعة إيطالسيمينت الإيطالية عبر شراكة مع شركة أسمنت العربية ببناء مصنع للخرسانة الجاهزة بطاقة إنتاجية تبلغ مليون متر مكعب وتكلفة قدرها 125 مليون ريال.
الملامح المستقبلية
ونعتقد أن المعطيات الأساسية لصناعة الأسمنت تظل قوية وأن الفجوة بين العرض والطلب سوف يتم جسرها بمجرد أن تدخل المشاريع العديدة المخطط لها حيز التنفيذ (ومن شأن انخفاض أسعار مواد البناء الأخرى أن يسرع من ذلك). ونستبعد نشوب حرب أسعار حيث يدرك منتجو الأسمنت جيداً أن تداعيات ذلك سوف تكون وخيمة على الجميع، لكنهم ربما يتفقون على قبول سقف أسعار أقل في نهاية الأمر. وبغض النظر عن سلامتها من الناحية الاقتصادية، فقد لعبت سياسة تحديد أسعار الأسمنت هذه دوراً مهما في الماضي في خدمة الأهداف الاستراتيجية للحكومة وقطاع صناعة الأسمنت على حد سواء لذا نرجح استمرارها مستقبلاً.
وسوف تستمر وزارة التجارة والصناعة في رصد أوضاع العرض والطلب على مادة الأسمنت ونرجح أن تلجأ لرفع الحظر المفروض على تصديره قبل نهاية العام الجاري (رغم أنها تلجأ لإعادة فرضه في حالة ارتفاع الأسعار بصورة حادة). سوف يمكن النظام الجديد الخاص بإصدار رخص لتصدير الأسمنت الحكومة من التحكم في المعروض منه وبالتالي في أسعاره. ونعتقد أن عملية تصدير الأسمنت تعد حيوية لمستقبل هذه الصناعة وخصوصا أن الدول الأخرى في المنطقة تعكف على تطوير طاقتها الإنتاجية.</div><div> </div><div>نص التقرير <a href="/files/Jadwa.pdf" target="_blank">اضغط هنا</a><br>
</div>