المشاركة في الإدارة .. أسلوب رائد يقود إلى الإنجازات
شكوى من التعسف الإداري
كنا نعمل في مدرستنا المتوسطة مثل الأسرة الواحدة, مديرة ومجموعة مدرسات, وأمضيت كمعلمة في هذه في المدرسة أكثر من عشر سنوات, لاحظنا في السنوات الأخيرة أن مديرة مدرستنا, التي كانت صديقة لجميع المعلمات والتي أمضت في خدمة التعليم, ومن ضمنها الإدارة المدرسية, أكثر من 25 سنة, لاحظت وزميلاتي أنها بدأت تتغير بشكل يحزننا, بدأت تمارس تصرفات لا تليق بها كمديرة مدرسة، تغيرت بشكل كبير مع معظم المدرسات, بدأت تغضب بلا أسباب, وتحابي بعض المدرسات على حساب البعض الآخر، بدأت تتدخل في عمل الجدول الدراسي والنشاطات الأخرى دون مراعاة دور المساعدات أو المعلمات في المدرسة, وتتصرف بشكل تعسفي بحيث تغير في الجدول والحصص, وتعدل وتبدل كما تشاء, وكل معلمة في المدرسة بدأت تغضب منها, وتشعر بالاستياء من تصرفاتها, لقد أصبحت مديرتنا عدوة للكثيرات من المعلمات, بدلا من أن تكون صديقة للجميع. وبدأ بعض زميلاتنا المعلمات في البحث عن مدارس أخرى للعمل فيها وترك مدرستنا
وأسأل لماذا تغيرت مديرتنا علينا بعد أن كنا أسرة واحدة في المدرسة؟
أم صالح - معلمة
الإدارة مسؤولية وأمانة قبل أن تكون فنا وعلما
من يكلف بمهام الإدارة المدرسية عليه أن يتحمل هذه المسؤولية طوال فترة التكليف وأن يكون كفؤا لها بغض النظر عن إن كان رجلا أو امرأة .. والسلوك البشري غاية في التعقيد، ومن الصعب التنبؤ به وبتغيراته, والناس كقيادات ومديرين أو مشرفين بشر يتأثرون ويتغيرون بسرعة ولأسباب عديدة.
وفي عالم الإدارة مفاجآت, كما هي المفاجأة في عالم التجارة والعوالم الأخرى, ومن الصعب إصدار حكم أو تفسير السلوك والتصرفات الإنسانية في مواقف محددة, والحكم عليها في ظروف معينة، وقد تكون الأسباب شخصية وتغيرات تطرأ على الإنسان, أو تكون أسبابا ناتجة عن طبيعة العمل أو الضغوط المصاحبة للعمل وبيئة العمل التعليمي في مثل حالة هذه المديرة.
ولا شك أن الفترة الطويلة التي يمضيها المدير أو الرئيس أو المشرف في وظيفته تكون في غير صالحه، لأن الملل والضيق يعتريه من حيث يدري ولا يدري, ولهذا نجد أهمية وضرورة تحديد سنوات للوظائف الإدارية في التعليم للمدير أو الرئيس أو المشرف, ويفضل أن تكون في مدة أربع أو خمس سنوات قابلة للتجديد حسب معايير تقييم أدائه, وكفاءته أو مواهبه وتميزه, ومع الأسف في عالمنا العربي يترك المدير أو رئيس العمل في منصبه سنوات طويلة دون تقييم أو محاسبة, وذلك حسب الثقة أو العلاقة أو غياب النظام سنوات طويلة دون متابعة أو مساءلة أو تقييم, خصوصا في وظائف حيوية ومهمة في التعليم والصحة كمديري ومديرات المدارس والمعاهد والمستشفيات أو الإدارات العامة والأقسام وغيرها. وتحدث مشكلات وربما كوارث بشرية وإساءات وضغوط واستياء لدى البشر في المدارس والمستشفيات والإدارات والأقسام بسبب إهمال القيادات المديرين وعدم تقييمهم أو محاسبتهم، ويكون الضحية هم الموظفون والموظفات أو الطلبة والطالبات في التعليم أو المراجعين والمراجعات أو المرضى والمريضات في المستشفيات أو غيرهم في مجالات أخرى.
إن الإدارة والقيادة مسؤولية وأمانة يجب الاهتمام بها خصوصا في مجالات الحياة الحيوية, وأهمية اختيار القيادات والمديرات والمديرين, خصوصا في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وجميع الأعمال و الوظائف القيادية والإدارية والإشرافية التي تمس مصالح الموطنين, ومتابعتها ووضع أنظمة ولوائح ومعايير لها لضمان جودتها و تحقيق الأهداف. إن تقييم القيادات بشكل علمي ودقيق يضمن جودة وكفاءة الأداء والإنتاجية وتوفير الرضا الوظيفي للمرؤوسين على المستويات كافة،
ترى ماذا نتوقع من مدير أو مديرة أو قائد أو قائدة أو رئيس أو رئيسة أو مشرف أو مشرفة يمضون في أعمالهم ومواقعهم الإدارية أو القيادية أكثر من عشر سنوات دون متابعة أو مساءلة أو تقييم؟! الإجابة واضحة وجلية لا نتوقع منه أو منها إلا الملل وعدم الاهتمام واللا مبالاة.
النفس البشرية ضعيفة إن لم تتابع وتراقب, كما أن السلطة البشرية إذا طالت تتحول إلى مرض وعبء على أصحابها.
إن البيئة الإدارية في مجال التعليم, خصوصا المدارس, هي البيئة الأكثر تفاعلا بشريا وأكثر حساسية ونزاعا ومشكلات في الوظائف الإدارية والإشرافية نظرا لطبيعة أعمال المدرسة وكثرة العاملات من إداريات ومدرسات, وكذلك لحساسية الأعمال التعليمية, وضغط الجدول الدراسي, وتعدد المواد الدراسية, واختلاف الأمزجة والتوقعات, وربما نقص خبرة بعض المديرات أو المساعدات أو ملل المديرات من المهام المدرسية أو طول خبرتهن وسأمهن من أعمالهن مع طول المدة والوقت. ولهذا نجد أهمية الدقة في اختيار المديرات ومساعدات المديرات والمشرفات والموجهات فيها, وضمان الدقة في التعيين والتقييم المستمر والمتابعة لضمان توفير مديرات مدارس ومساعدات ومشرفات على مستوى عال من الكفاءة. كما أن وضع نظام للتدوير الوظيفي في مثل هذه الوظائف الإدارية والإشرافية المهمة (المديرات والمساعدات والموجهات التربويات) أهمية كبيرة للتغلب على مشكلات كفاءة المديرات والمشرفات وتقلبات أمزجتهن في وظائف التعليم.
ولحسن الحظ أنه في كثير من المدارس مساعدات ومشرفات وموجهات ومعلمات ممتازات, وبإمكان مديرة المدرسة أن تستعين في أعمالها الإدارية والإشرافية بالمساعدات وتفوض بعض الأعمال للمساعدات والمعلمات المتميزات, لتخفف الأعباء وضغوط الأعمال عليها، كما يمكن لمديرة المدرسة الفاعلة أن تستشير زميلاتها المساعدات والمشرفات والمعلمات أنفسهن في بعض جوانب العمل المدرسي مثل وضع الجداول والنشاطات المدرسية وتفويضهن بالقيام بكثير من المهام المدرسية للمشاركة والمساعدة في أعمال الإدارة والإشراف، ولتستفيد من تجاربهن وخبراتهن ولتشعرهن بأهميتهن في المدرسة، لأن العملية التعليمية في الأساس عملية مشاركة وتعاون بين فريق عمل المدرسة المكون من إدارة المدرسة ومعلماتها .
أهمية المشاركة
إن أسلوب مشاركة مديرة المدرسة المساعدات والمعلمات في العمل التعليمي يمنح الثقة والرضا للزميلات ويحقق الإنجاز والأداء العالي في البيئة المدرسية.
ضرورة التدريب المستمر
كما أن التدريب المستمر للمديرات والمساعدات والمشرفات والمعلمات على الأساليب الحديثة في مهارات الإدارة والإشراف وحل المشكلات ومهارات التعامل وتطوير الذات يعزز قدراتهن على التفاعل الإيجابي المستمر والشعور بروح الفريق, ويبث روح العدل والمساواة ويحقق الرضا والإنجاز العالي في البيئة المدرسية والتعليمية.