التوجه البيئي في الاقتصاد طاقة جديدة للأعمال

التوجه البيئي في الاقتصاد طاقة جديدة للأعمال

في تقرير جديد نشر عن مؤتمر قمة إنسياد - الأعمال الأوروبية حول التغيرات المناخية، أبرز المؤلفان موضوع ازدياد النشاطات البيئية من قبل أصحاب المشاريع الأمريكيين، وبدعم من رأس المال المغامر. حتى عام 2005 كان مقدار الأموال المستثمَرة من قبل صناديق رأس المال المغامر في الصناعات النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كانت متكافئة في الولايات المتحدة وأوروبا. ولكن حدث اندفاع مفاجئ في الاهتمام بالنشاطات البيئية في عام 2005، كما يقول التقرير، والذي كان من شأنه قيام المؤسسات الأمريكية بجمع 4.5 مليار دولار من أموال رأس المال المغامر للاستثمار في السنة التالية، في حين أن الاتحاد الأوروبي جمع 1.5 مليار دولار.
وفي مقابلة مع إنسياد، يتحدث مؤلفا التقرير، بنجامين وار وريناتو أورساتو، وكلاهما يعملان في منصب زميل بحث أول في إنسياد، حول القضايا التي تواجه أوروبا في الوقت الذي تحاول فيه التصدي لانبعاثات الكربون والتغيرات المناخية.
ويقول أورساتو: "في أوروبا لدينا دفع تنظيمي قوي يعمل كحافز لتعزيز الابتكارات البيئية أو التكنولوجيا النظيفة. أما في أمريكا فإنكم تعتمدون بقدر أكبر بكثير على دفع السوق، ولذلك فإن هذا أيضاً لديه أثر على حجم الاستثمارات في رأس المال المغامر. وبالتالي فإنه رغم أن أوروبا هي في الواقع متقدمة في مجالات البراءات في التكنولوجيا النظيفة، إلا أن أمريكا هي في الطليعة من حيث استثمار رأس المال المغامر".
ويذكر أورساتو أن استثمارات رأس المال المغامر في التكنولوجيا النظيفة تكاثرت في عام 2005، ويعود بعض السبب في ذلك إلى التصديق على معاهدة كيوتو، وإلى أثر إعصار كاترينا في نيو أورليانز، والحملة البيئية الضخمة التي قام بها آل جور، النائب السابق لرئيس الجمهورية.
"وبالتالي نجد أن أمريكا استثمرت 4.5 مليار دولار في عام 2007 في التكنولوجيا النظيفة، أي أكثر (بثلاث مرات)، مما استثمر الاتحاد الأوروبي، الذي بلغت استثماراته 1.5 مليار دولار. ومع ذلك فإن الاستثمار الأمريكي يظل رقماً صغيراً قياساً بإجمالي مبالغ رأس المال المغامر، ولكنه يفيد كمؤشر جيد لرأي السوق في أن هناك فرصاً ينبغي الاستفادة منها".
ويضيف وار: "القضية الرئيسية بالنسبة لأوروبا هي أن تفهم أن استثمارات رأس المال المغامر في الولايات المتحدة في التكنولوجيا النظيفة يبلغ ثلاثة أضعاف استثمار أوروبا. وهذا يأتي رغم الحقيقة التي تقول إن أوروبا تأتي في الطليعة من حيث براءات الاختراع والتكنولوجيات في الطاقات النظيفة مثل الرياح والطاقة الشمسية، والجمع بين الحرارة والكهرباء وما شابه ذلك".
ويوضح: "الأمر المقلق بالنسبة لأوروبا هو أن الولايات المتحدة تستطيع التحرك بسرعة كبيرة. والسؤال الآن أنه طالما أن أمريكا تستثمر ثلاثة أضعاف أوروبا في تكنولوجيا الطاقة النظيفة من قبل رأس المال المغامر، فهل كل ما ستقوم به الولايات المتحدة هو شراء براءات الاختراع وشراء التكنولوجيا وشراء العقول, وأن تستفيد من ذلك إلى أقصى حد، كما فعلت في الماضي مع التكنولوجيات الأخرى؟"
"القضية الرئيسية بالنسبة لأوروبا هي أن تقول كيف تستطيع تعظيم الاستثمارات في تكنولوجيات الطاقة النظيفة، وهذا يقتضي خلق ثقافة استثمارية في هذه الأنواع من الأموال. الذي يحدث في الولايات المتحدة وإلى حد كبير في كل مكان هو أنك تحصل على دورة ’فاضلة‘، بمعنى أن يقوم شخص باستثمار في هذا المجال ويحقق ربحاً من ذلك المجال، ثم بعد ذلك يستثمر مرة أخرى وهكذا".
ويبين وار: "يجب علينا توليد ثقافة من هذا القبيل في أوروبا. ويجب علينا توليد عناقيد من الابتكارات البيئية، ومن المناطق والمراكز، بحيث يستطيع الناس الارتباط والاتصال في شبكات وحيث يستطيع الأشخاص الذين لديهم أفكار في التكنولوجيا الالتقاء بشركاء التمويل والالتقاء بالشركات القادرة على نقل المنتجات من طور العرض والبرهان على الفكرة إلى طور الاستخدام ومن ثمَّ النضج التجاري التام".
ويشير التقرير إلى أن شركات رأس المال المغامر المعروفة تحاول في العادة تقييم القضايا البيئية على أنها مخاطر من حيث استثماراتها. ولكن شركات رأس المال المغامر العاملة في مجال التكنولوجيا النظيفة تنظر إلى هذه القضايا على أنها تنطوي على إمكانية إضافة القيمة، إلى عامل تقليل المخاطرة. ويقول التقرير، بالإشارة إلى "نقطة التحول" بالنسبة لنشاط رأس المال المغامر في 2005-2006، إن التغير في المواقف أدى إلى المزيد من ’الواقعية البيئية‘ من الحكومات، وكذلك من الشركات.
ويؤكد المؤلفان أنه بالنسبة للإطار التنظيمي فإنه يُنظَر إلى الأجهزة الرقابية في الاتحاد الأوروبي على أنها ’أكثر تشدداً‘ من مثيلاتها في الولايات المتحدة، وأن هذا يجعل الإنسان يتساءل عن السبب في أن استثمارات رأس المال المغامر في التكنولوجيا النظيفة في الولايات المتحدة أعلى على نحو لا يستهان به مما هي في بلدان الاتحاد الأوروبي. خصوصاً أن الولايات المتحدة لم تصادق على بروتوكول كيوتو، وإن من غير الواضح في هذه المرحلة ما إذا كانت إذا كان الرئيس الأمريكي القادم سيسعى لفرض أنظمة على انبعاثات الكربون.
وفي حين أن الاتحاد الأوروبي، من حيث الأنظمة الرقابية، تمكن من تأمين موافقة الدول الأعضاء الـ 27، فإن المبادرات البيئية في الولايات المتحدة يتم التعامل معها في العادة من قبل كل ولاية على حدة وليس من خلال الحكومة الفدرالية.
ويقول وار: "هذا واقع مهم للغاية، بمعنى أن أوروبا تمكنت من تحديد وتطوير الإرادة السياسية لوضع أهداف للقيود على الكربون، بحيث تصل إلى تخفيض مقداره 20 في المائة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2020، والحصول على إمدادات الطاقة من أنواع الوقود القابل للتجدد بنسبة 20 في المائة، وتحسين بنسبة 20 في المائة في كفاءة الطاقة. ربما يقول البعض إن هذه الأهداف ليست طموحة، وإنه من منظور علمي يجب أن نسعى وراء قدر أكبر من القيود على الكربون. ولكن أوروبا تمكنت من تحقيق هذا، في حين أن الولايات المتحدة اتخذت منظوراً مغايراً".
ولكن في حين أن الولايات المتحدة وأوروبا ربما تتخذ كل منهما مساراً مختلفاً، إلا أن وار يقول إن القيود على الكربون "ستظل القضية الرئيسية لهذا القرن". ربما تكون هناك مواضيع ساخنة أخرى مثل أمن المياه والغذاء والطاقة، كما يقول، ولكن موضوع القيود على الكربون سيعمل على تشكيل الأعمال العالمية خلال المائة سنة المقبلة. "وإذا لم تكن تتقدم خطوة على غيرك، وتتلقى الميزة التنافسية التي تستطيع تحقيقها من خلال الاستثمارات في الابتكارات البيئية، فإنك حينئذ تكون تعمل ضمن أنموذج عملي قديم وسيتفوق عليك المنافسون الآخرون".

الأكثر قراءة