بالحلول الأخلاقية تتم أسلمة البنوك الغربية

بالحلول الأخلاقية تتم أسلمة البنوك الغربية

صناديق الثروات السيادية موجودة منذ عقود. وكان أول صندوق سيادي تحدثت الأنباء عنه هو صندوق الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، وهو صندوق للسلع أنشئ في عام 1953 من عوائد النفط.
وفي حين أن روسيا والنرويج وسنغافورة والصين، والآن حتى البرازيل تصطف على المسرح العالمي، فإن من الواضح أن صناديق الثروات السيادية ليست ظاهرة محصورة في الشرق الأوسط فقط.
شرعت استثمارات الصناديق الشرق أوسطية بالدرجة الأولى في الاستحواذ على موجودات أجنبية غير جاهزة من الناحية التاريخية للمنتجات الإسلامية. ومع ذلك فإنها تبنت استراتيجية استثمارية أخلاقية. وبعد حالات التصحيح التي شهدتها بورصات بلدان منطقة الخليج العربي، فإن منتجات أسواق المال والسلع تبدو أنها هي الاستثمارات المفضلة على حساب الأسهم. كما أنها تُبدي ميلاً للاستثمار في العقارات وفي منتجات الدخل الثابت، مع شهية متزايدة للأسهم الخاصة. وتُبدي الاستثمارات الملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية ميلاً مماثلاً في الاتجاه العام نفسه، باستثناء مخصصات توضع في استثمار للدخل الثابت غير متطور تطوراً تاماً، الذي يعكس الافتقار الحالي إلى العمق في أسواق الصكوك.
يتحمل كل مدير للموجودات واجب الشخص المؤتمن أمام عملائه، على أن يدير الموجودات التي عُهِدت إدارتها إليه على أفضل نحو ممكن (وكأنه رب عائلة يعمل لمصلحة عائلته). بطبيعة الحال فإن أساسيات التنويع في المحافظ هي من المقررات الأساسية في أية دراسة أكاديمية للإدارة المالية. في البداية، يمكن للمدير أن يستثمر قسماً أساسياً من المحفظة في سندات حكومية مضمونة ولكنها في أغلبها ذات عوائد متدنية، ولكن تخصيص الموجودات على نحو حصيف سيعمل في نهاية الأمر على دفع الموجودات باتجاه الاستثمار في الأسهم، الذي هو أكثر خطراً من الاستثمار في السندات.
وفي الوقت الذي تتنامى فيه صناديق الثروات السيادية، فإن أجزاء من الأموال المتاحة ستتحول بالضرورة إلى قدر أكبر من الاستثمارات قصيرة الأجل. وفي هذه التخصيصات فإنه سيتم بالضرورة تطبيق قدر أكبر من استراتيجيات حماية الاستثمارات المدفوعة في السوق. ورغم أن هذه الاستثمارات ليست نشطة أو مغامرة بطبيعتها، إلا أنها بالتأكيد ليست لأغراض الإحسان كذلك. وليس من المنطق إنكار هذه البديهية المالية.
كذلك أظهرت صناديق الثروات السيادية شهية ملحوظة للاستحواذ على حصص كبيرة في المؤسسات المالية التقليدية. ولكن التعامل المكثف في هذه الصناعة من شأنه أن يجعل امتصاص الأزمة الائتمانية المقبلة بشكل جزئي يقع على حساب العالم الإسلامي. ورغم أن الموارد ستكون كافية لتحمل الأضرار من الأزمة، إلا أن من المتوقع أن يتعرض قسم مهم من الثروة للتلف والضياع.
من وجهة نظر شرعية خالصة، وحيث إن الكثير من الخيارات الاستثمارية الأخرى متاحة، فإن المرء يتساءل عن النسبة التي تشكل هذه الاستثمارات. البنوك المستهدفة هي من الناحية الحَرْفية مجاميع من الأموال الربوية الداخلة إلى البنك، والشركات التي من قبيل بنك يو بي إس وبنك سيتي بانك ليست مدرجة على مؤشرات داو جونز الإسلامية.
إن تحويل أية مؤسسة من هذه المؤسسات إلى وحدات إسلامية ليس بالأمر الواقعي، وذلك بالنظر إلى الحقيقة التي تقول إنها متغلغلة إلى درجة تفوق الحد في صناعة البنوك الربوية. إن السبيل إلى فتح الأذهان وتغيير العقليات وإشعال الطلب على النوافذ الإسلامية إنما يكون من خلال السلوك الأخلاقي القدوة، والسعي النشط للحوكمة الرشيدة في الشركات، والتثقيف بطريقة تخلو من الفرض والإكراه. فالمؤسسات الإسلامية تقدم بالأصل حلولاً أخلاقية، وأثبتت قدرتها على تحقيق عوائد عالية، وتتمتع بالقدرة على إثارة إعجاب قاعدة مستهلكين ضخمة للغاية، وبالتالي فلا يمكن تجاهلها. ومن الممكن أن نتوقع أن الأسواق الأوروبية ستكون هي الأسواق الأكثر قبولاً للحلول الأخلاقية. من جانب آخر، وحيث إن السوق الأمريكية أكثر تكاملاً، فإن القيام بخطوات في تلك السوق ربما يتبين أنه أسهل من وجهة نظر رقابية وتنظيمية.

[email protected]

الأكثر قراءة