دعاوى قضائية في أوروبا وأمريكا ضد مواقع إنترنت عالمية تبيع سلعا مقلدة
على الرغم من أن التجارة الإلكترونية سهلت كثيرا من المطالب والخدمات التي يحتاج إليها الناس في الحياة اليومية، إلا أن هناك سلبيات برزت أخيرا من التزايد على الاعتماد على هذا النوع من التجارة، إلا أن هذه السلبيات لا تقارن بشيء إذا ما عرف حجم التجارة المتداولة يوميا الذي يصل إلى مليارات الدولارات، في الوقت الذي لا يمثل فيه هذا النوع من التجارة وزنا كبيرا لدى الدول العربية، وهذا موضوع آخر يحتاج إلى العناية به.
وبدأت بعض وسائل الإعلام أخيرا في إثارة قضية المواقع التي تواجه اليوم دعاوى قضائية في أوروبا وأمريكا نتيجة بيعها سلعا مقلدة أقل من السعر المعتاد، وتشكل الإنترنت أحياناً أفضل وسيلة للحصول على سلعة تحمل علامة تجارية مشهورة بسعر مخفض، ولكن بعض السلع التي يتم بيعها على الإنترنت هي سلع مزيفة كما يشير إليها موقع "أمريكا دوت غوف".
ويخوض منتجو السلع الفاخرة ذات العلامات التجارية الشهيرة صراعاً متواصلاً في سبيل وقف بيع النسخ المزيفة التي تقلد منتجاتهم على الإنترنت، خاصة على موقع البيع بالمزاد الذي يحظى بشعبية كبيرة e-Bay إنك، مشيرا إلى أن هناك قضيتين رفعتا أخيراً، إحداهما في الولايات المتحدة والأخرى في أوروبا، ولفتت الانتباه مجدداً إلى هذه المسألة خالقة تحديات لموقع e-Bay وطارحة إمكانية ظهور تغير في كيفية ضبط التجارة غير المشروعة بالسلع المزيفة الفاخرة مرتفعة الثمن.
في فرنسا على سبيل المثال حكمت محكمة في حزيران (يوينو) الماضي على eBay بدفع غرامة مقدارها 61 مليون دولار، لأنها وافقت مع شركة LVMH Moet Hennessy Louis Vuitton على أن موقعها لم يقم بما فيه الكفاية بمنع عرض حقائب لوي فيتون مزيفة وعطور ديور مزيفة على الموقع.
وقال الموقع إنه e-Bay سيستأنف الحكم، وفي نيويورك حكمت محكمة محلية في 14 من تموز (يوليو) لمصلحة شركة eBay في الدعوى التي رفعتها شركة بيع الحلي بالتجزئة تيفاني آند كومباني ضدها وحاولت فيها تحميلها المسؤولية لعدم حيلولتها دون بيع حلي فضية مزيفة على موقعها للبيع على الشبكة العنكبوتية، ويرجح الخبراء في القانون استئناف تيفاني للحكم.
ويشير موقع أمريكا دوت غوف إلى أنه في حين أن المحكمتين توصلتا إلى نتيجتين مختلفتين، إلا أن القضيتين دارتا حول الأسئلة التالية: من المسؤول عن ضبط مواقع البيع بالتجزئة على الإنترنت لكبح البيع غير المشروع للسلع المزيفة التي تحاكي سلعاً فاخرة مشهورة؟ وهل تقع هذه المهمة على عواتق منتجي البضائع التي تحمل علامات تجارية أم على صاحب موقع البيع بالتجزئة أو موقع المزاد الذي يسمح بتسرب السلع المزيفة إلى معروضاته؟ وهل يمكن لأي كان ضبط الفضاء الرقمي العالمي دون أي حدود قومية أو تقليدية؟ وأشار إلى أن صانعي السلع الفاخرة سجلوا علاماتهم التجارية كحق ينحصر فيهم، ويعد تقليد سلعهم غير مشروع في كل من فرنسا والولايات المتحدة.
في هذا الصدد يقول بيتر فوغل المحامي المختص بشؤون العلامات التجارية المسجلة في شركة محاماة جونز داي "ستواجه هذه الأسواق العاملة على الإنترنت صعوبات كثيرة"، مضيفا أن الحكمين المتباينين في القارتين يشكلان معضلة لـ eBay والأطراف الأخرى التي تقوم بالنشاطات نفسها".
وأشار فوغل إلى أن النتيجة قد تستدعي قيام العاملين في مجال البيع بالتجزئة بالمزاد على الإنترنت بتوفير موقعين مختلفين، الأول لسلع متوافرة في الولايات المتحدة، والآخر تحكمه قواعد وأنظمة مختلفة، لبيع السلع على الإنترنت في أوروبا.
وعلى الرغم من أن eBay كان الخصم في القضيتين، إلا أن الحكمين اللذين صدرا فيهما قد يؤثران في مواقع أخرى على الشبكة العنكبوتية، مثل "جوجل" و"ياهو" و"أمازون دوت كوم"، يمكن أن تعرَض فيها هي أيضاً سلع مزيفة، في حين أن هذه الأسواق المشروعة على الإنترنت تملك طرقاً مختلفة لوقف قيام مستخدميها بالبيع غير المشروع للسلع.
تنقل أمريكا دوت غوف عن لي آن ليندكويست وهي محامية مختصة بشؤون العلامات التجارية المسجلة في واشنطن، إن "المزيفين سيواصلون القيام بمثل هذا الأمر، وسيستمرون في العثور على طرق للالتفاف حول أي قوانين جديدة يتم وضعها، مضيفة أنه يتعين على الشركات أن تكون يقظة جدا، وهذا هو ما كانت شركة تيفاني تحاول القيام به.
من جانبها تجادل شركة موقع eBay بأنها لم ترتكب أي خطأ، حيث أصدرت الشركة بياناً في 30 حزيران (يونيو) الماضي بعد صدور حكم المحكمة الفرنسية، قالت فيه "إذا ظهر المزيفون على موقعنا، فإننا نخرجهم منه بسرعة".
وفالت نيكولا شارب وهي ناطقة باسم eBay في مكاتب الشركة في سان هوزيه في كاليفورنيا إن الشركة تواصل مراقبة وضبط مواقعها من خلال برنامج حقوق المالك المثبتة Verified Rights Owner المعروف باسم VeRO كي يتمكن أصحاب الملكية الفكرية من التبليغ عن المواد المدرجة التي تنتهك حقوقهم. ويعمل أكثر من ألفي موظف على اكتشاف السلع المزيفة المعروضة على الموقع، كما تراقب المواقع 18 ألف شركة إنتاج بشكل متواصل لاكتشاف السلع المزيفة، فيما يؤكد المستشارون الآخرون للشركة مواصلة الشركة حماية سوقها وما تولده من ابتكار ومنافسة بنشاط وجسارة.
ويرى الخبراء في القانون أن القضية لم تنته بعد، وأنه سيتعين على منتجي السلع تقرير حجم الضبط الضروري لحماية علاماتهم التجارية واكتشاف المزيفين.