خبراء ماليون يتوقعون حدوث اندماجات بين شركات الوساطة المالية قريبا
توقع خبراء ماليون أن تواجه شركات الوساطة المالية منافسة قوية خلال الفترة المقبلة في مجالي الوساطة والاستثمار، وهو ما سيدفع عدداً منها للخروج من السوق نهائياً، وأن يشهد المستقبل القريب اندماجات بين هذه الشركات، كما أكد الخبراء أن هناك منافسة "غير عادلة" تواجهها شركات الوساطة المستقلة مع نظيرتها التابعة للبنوك، مستبعدين أي تنافس مستقبلاً في ظل الوضع الراهن للسوق.
وأشار الخبراء أنفسهم إلى أن قطاع الشركات المالية لا يستوعب أعداداً كبيرة من فرص العمل للشباب على غرار الشركات الصناعية أو شركات الخدمات، مطالبين في الوقت نفسه الهيئات المالية السعودية والمستثمرين بإنشاء معهد مالي لتدريب الكوادر البشرية المؤهلة للقطاع المالي.
وعن إمكانية استيعاب السوق السعودي 95 شركة وساطة مالية تم الترخيص لها حتى الآن يقول فهد بن عبد الله القاسم الرئيس التنفيذي لشركة أموال للاستثمارات المالية، إن السوق يستوعب هذا العدد من الشركات وأكثر، لا بد من أن نوضح نقطة مهمة وهي أن سوق الخدمات المالية في السعودية لم يبدأ إلا متأخراً، ولو كان بدأ قبل 10 أو 15 سنة لكان لدينا حالياً ما يربو على 300 شركة مالية، ومعروف أن السوق الاستثماري السعودي يمثل أكبر سوق في المنطقة، من حيث الحجم، التداول، والسيولة، ونجد دولا مجاورة لنا فيها عدد مماثل للشركات المالية الموجودة لدينا، فأكبر شركات استثمارية "حرفية" في السوق موجودة حالياً في مملكة البحرين – رغم صغر مساحتها ـ وهذه نقطة تحسب لهم.
وتابع قائلا: "أما فيما يخص خروج بعض الشركات المالية من السوق فمن الطبيعي للسوق أن يمحص نفسه، هناك شركات سعت للحصول على الترخيص قبيل فورة الأسهم في 2006م وأواخر 2005م، لكن كثيراً منها لم تمارس النشاط ربما حتى الآن، أو لنقل لم تمارس عملها كما ينبغي".
وأضاف الرئيس التنفيذي لـ" أموال "بالنسبة للشركات التابعة للبنوك نحن نعتبرها شركات خارج نطاق المنافسة، هذه الشركات لديها بنية أساسية فمنذ اليوم الأول لدخولها كان في فمها "ملعقة من ذهب"، ومؤسسة النقد ترعاها رعاية خاصة".
وواصل القاسم "أتوقع أن تواجه الشركات المالية المستقلة منافسة قوية في الفترة المقبلة في مجال الوساطة والاستثمار، كما أتوقع خروج الكثير من هذه الشركات ولا سيما "شركات الوساطة" من السوق، فعدد المتعاملين مع هذه الشركات لا يتجاوز 10 آلاف شخص في سوق يعج بأكثر من مليوني متداول، وهذا دليل على أن شركات الوساطة تعاني وستعاني مستقبلاً ويتعين عليها بذل جهد كبير ومواجهة مخاطر عالية، كما تحتاج إلى مطابقة عالية جداً مع أنظمة هيئة سوق المال".
وأكد القاسم أن شركات الوساطة ليست قسماً واحداً وقال "يجب أن نفرق بين شركات الوساطة، وشركات الترتيب والمشورة التي أعتقد أن السوق في حاجة إلى عدد أكبر منها لأنها من الممكن أن تصنع سوقاً تتمثل في إدارة الأصول أي تصنع لنفسها فرصاً في الخدمات المالية وتقدم منتجات جديدة، وتنمي مصادر الاستثمار لدى الأفراد والشركات، وهذا ما لا تقوم به هذه الشركات حالياً".
وتوقع الرئيس التنفيذي "أموال" أن تشهد السنوات الخمس المقبلة اندماجات بين الشركات، وخروج عدد من الشركات الأخرى التي جاءت "حماسة" مشدداً على أن السوق ليس سهلاً مشبهاً إياه (بالغابة) التي يأكل فيها القوي الضعيف.
واستطرد القاسم "لا شك أن رواتب العاملين في الخدمات المالية عالية جداً، كما أن تكلفة تشغيل هذه الشركات باهظة، وإذا لم يكن هنالك إيرادات توازي هذه المصروفات بالتأكيد ستضطر هذه الشركات إلى الخروج من السوق، ونحن نرى أن هناك فرصا لدخول شركات مالية جديدة، ويجب ألا نغفل دور هيئة سوق المال وجهودها الجبارة لتنظيم السوق التي ربما ليست مرضية للكثيرين لكن بحكم اطلاعي على ما تعمله الهيئة من الداخل أعتقد أنها تقوم بعمل كبير".
وعن إمكانية تأهيل السعوديين لشغل وظائف توفرها الشركات المالية أفاد رئيس "أموال" بقوله "من أبرز العوائق التي تواجه شركات الخدمات المالية هو إيجاد العنصر البشري المؤهل لإدارة عملياتها وهذه إشكالية لا تخص السوق السعودي فقط وإنما تتشارك فيها الأسواق المالية على مستوى العالم، ومما يؤسف له أن مخرجات التعليم لدينا لا تتناسب ليس مع السوق المالي فقط بل مع مختلف قطاعات السوق السعودي، أعتقد أن هناك واجب على الجهات المصرفية مثل مؤسسة النقد وهيئة سوق المال أن تقوم بإنشاء معهد مالي على غرار المعهد المصرفي لتأهيل كوادر سعودية في هذا المجال، كما أرى أن هناك فرصة كبيرة جداً للشركات المالية نفسها للاستثمار في إنشاء معهد من هذا النوع لتوفر لنفسها ما تحتاج إليه من قوى بشرية مؤهلة تأهيلاً عالياً، فالسوق المالية تحتاج لتدريب مستمر لتجدد المنتجات فيها على الدوام".
واستبعد القاسم توفير فرص عمل كبيرة للشباب السعودي في هذا القطاع قائلاً "لا أتوقع لشركات الخدمات المالية أن تقوم بتعيين عدد كبير من الشباب لأنها تختلف عن الشركات الصناعية أو الخدماتية، لكن ربما تساهم الشركات المالية في صنع فرص للشركات من خلال تأسيس شركات جديدة، وأعمال جديدة، وخلق سوق ثانية تجد فيها فرص عمل جديدة. هي الذراع الرئيسية التي من الممكن أن تحفز السوق لإنشاء شركات صناعية، تجارية جديدة".
وفيما يخص عدم قدرة شركات الوساطة المالية تقديم تسهيلات ائتمانية للمتعاملين في سوق الأسهم – وهي ميزة متوافرة لدى شركات الوساطة التابعة للبنوك – وكيف يمكن تجاوز هذه المعضلة للشركات المستقلة أوضح لـ "الاقتصادية" رئيس إحدى شركات الوساطة المستقلة – فضل عدم ذكر اسمه - أن هناك منافسة غير عادلة مع الشركات التابعة للبنوك، ولا يمكن لشركات الوساطة المالية المستقلة تجاوز هذه المعضلة في ظل الوضع الراهن.
وأضاف رئيس شركة الوساطة "مشكلتنا الكبرى تتمثل في أن جميع شركات الوساطة لا بد أن تفتح حسابات في البنوك لعملائها، فلا يحق لها تسلم مبالغ مالية منهم، كما أن المشكلة الأكبر تتمثل في أن شركات الوساطة تدفع رسوما للبنوك مقابل ذلك، في اعتقادي أن المنافسة العادلة تتأتى في حالة واحدة فقط ألا وهي فصل شركات الوساطة التابعة للبنوك نهائياً، وذلك من خلال إدراج 70 في المائة من هذه الشركات في سوق الأسهم كمساهمة".
إلى ذلك يؤكد فاروق غلام مدير إدارة الأصول في شركة الخبير للاستشارات المالية أن السوق السعودي واعد للشركات المالية نظراً للزخم الذي يعيشه الاقتصاد في الوقت الراهن، منوهاً بأن المنافسة ستكون على أشدها وتتطلب الفترة المقبلة تركيزاً كبيراً من قبل هذه الشركات على جودة ونوعية خدماتها.
وكشف غلام أن المشاريع الضخمة التي تنتظر التنفيذ في السوق السعودي تحتاج لما يسمى "الهندسة المالية" من خلال تقديم مختلف الخدمات المالية لها، فليس كل المشاريع سيتم ضخها بشكل نقدي، بعضها سيحتاج لصندوق، أو من خلال استثمار معين، وهنا يأتي دور المؤسسات المالية في إيجاد حلول مبتكرة لكل هذه المتطلبات.