البورصات العالمية: اندفاع الدولار وتراجع النفط
الاندفاع الحاد للدولار ساعد على دفع أسعار النفط يوم الثلاثاء إلى أدنى مستوى لها منذ ستة أسابيع، وهو ما ساعد بدوره على تهدئة أعصاب مستثمري الأسهم في أعقاب عدد من تقارير الأرباح المخيبة للآمال لبعض الشركات الأمريكية.
هبط الدولار إلى مسافة قريبة للغاية من تحقيق رقم قياسي متدن جديد في مقابل اليورو، قبل أن يندفع إلى الأمام بفعل تعليقات هانك بولسون، وزير الخزانة الأمريكي وتشارلز بلوسر رئيس البنك المركزي لفيلادلفيا وعضو لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.
كرر بولسون أقواله من أن الدولار القوي هو في مصلحة الاقتصاد الأمريكي، كما أعطى بعض التطمينات حول وكالتي القروض السكنية المضطربتين، وهما فاني ماي وفريدي ماك.
من جانب آخر, ألمح بلوسر إلى أن الحاجة تدعو إلى رفع أسعار الفائدة عاجلاً وليس آجلاً، لمواجهة الضغوط التضخمية.
قال زاك باندل، وهو اقتصادي لدى بنك ليمان براذرز Lehman Brothers، إن تعليقات بلوسر كانت ذات لغة قوية على نحو مفاجئ، بالنظر إلى أنه لم يعترض في اجتماع لجنة السوق المفتوحة في الشهر الماضي، ولكنها كانت تتماشى مع موقفه باعتباره أكثر أعضاء اللجنة تشدداً.
في أسواق العملات تراجع الدولار ليصل إلى 1.58 دولار في مقابل اليورو، بعد أن لامس في فترة مبكرة مستوى 1.5944 دولار لليورو. ووصل إلى مستوى متدن عند 1.6038 في مقابل اليورو قبل أسبوع في قمة مخاوف السوق حول الوكالتين فاني وفريدي. كذلك تراجع الدولار إلى مستوى فوق 107 ينات، في حين هبط الاسترليني إلى ما دون مستوى دولارين للجنيه.
في أسواق السلع، تراجع سعر الخام الخفيف الأمريكي إلى أدنى مستوى له منذ أوائل حزيران (يونيو)، حيث أثقله اندفاع الدولار والتوقعات بأن عاصفة مدارية في خليج المكسيك يمكن ألا تصيب بالضرر منشآت النفط والغاز الكبرى. وهبط سعر خام غرب تكساس المتوسط تسليم آب (أغسطس)، الذي ستنتهي عقوده الثلاثاء، هبط بمقدار خمسة دولارات ليصل إلى 126 دولاراً للبرميل، وبذلك فإنه يكون قد هبط بمقدار يزيد على 21 دولاراً عن السعر الذي سجله يوم 11 تموز (يوليو).
تراجع الذهب من مستوى مرتفع سجله في وقت مبكر بالقرب من 976 دولاراً للأونصة، في حين أن مؤشر رويترز جيفريز سي آر بي Reuters-Jefferies CRB، وهو سلة تضم 19 من العقود الآجلة للسلع، هبط إلى أدنى مستوى له منذ سبعة أسابيع.
عمل التراجع الجديد للنفط على تقديم دَفعة جديدة لأسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية، حيث إنه تصدى لموجة قوية من الأنباء القاتمة حول أرباح الشركات.
كشف بنك واتشوفيا Wachovia عن خسارة ربعية مقدارها 8.9 مليار دولار، وقلص من نسب الأرباح الموزعة على الأسهم، وأعلن خسائر هائلة في الوظائف، رغم أن أسهم البنك اندفعت إلى الأمام بقوة بعد بداية ضعيفة. وكان وقع هذه الأنباء قاسياً في أعقاب بيانات الآفاق المخيبة للآمال من شركتي أبل وتكساس إنسترومنتس Texas Instruments الأمريكيتين، وشركة فودافون البريطانية التي تعمل في تشغيل الهواتف الجوالة.
عانى "وول ستريت" من تراجع في الفترة الأولى من التداول قبل أن يستقر وضعه من جديد.
بحلول منتصف اليوم في نيويورك كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 على حاله، في حين أن مؤشر ناسداك المركب، الذي تسود فيه شركات التكنولوجيا، هبط بمقدار 0.3 في المائة.
عوضت الأسهم الأوروبية خسائرها المبكرة. وبالنسبة لمؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا، الذي هبط بنسبة كبيرة وصلت إلى 2 في المائة في إحدى المراحل، فقد استقر أخيراً بهبوط مقداره 0.4 في المائة عن اليوم السابق، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن هبط بمقدار 0.7 في المائة، حيث إن أسهم شركة فودافون، التي لها وزن كبير في السوق، هبطت بأكثر من 13 في المائة.
في طوكيو، قفز مؤشر نيكاي 225 بمقدار 3 في المائة، حيث أخذت السوق، التي كانت مغلقة يوم الإثنين بسبب عطلة عامة، تلعب لعبة اللحاق ببقية المنطقة. وبالنسبة لمعظم الأسواق الآسيوية الأخرى فإنها لم تشهد تغيراً يذكر. هبط مؤشر سيئول وسيدني بمقدار 0.1 في المائة، في حين أن مؤشر هونج كونج بقي على حاله.
قال ديفد شيرب، وهو محلل استراتيجي للأسواق العالمية في جيه بي مورجان أسيت مانجمنت JPMorgan Asset Management، إن مؤشرات توقيت الأجل القصير تشير إلى أنه يوجد مجال لمواصلة اندفاع الأسهم الذي شهدته الأسواق في الأسبوع الماضي أو نحو ذلك، رغم أنه كان حذراً حول آفاق الأجل الطويل.
قال شيرب: "إن الاندفاع الصيفي العظيم يمكن أن يكون جارياً إلى حد كبير، ويمكن للمؤشرات أن تندفع أكثر من ذي قبل في الأسابيع المقبلة، ولكننا لن نركض وراءها من منظور استراتيجي". يذكر أن الفروق في أسعار السندات الحكومية والتجارية، التي شهدت توسعاً في أوروبا على مدى أسبوع كامل، وصلت إلى نقطة التوقف، رغم أن نغمة السوق تحسنت حين هبطت أسعار النفط. توسع مؤشر آي تراكس iTraxx بمقدار ست نقاط أساس ليصل إلى 625، وهو مستوى أدنى بكثير من الأرقام القياسية المرتفعة السابقة. أما مؤشر سي دي إكس نورث أمريكا للسندات الممتازة فقد ظل عند مستوى 137 نقطة أساس.
إن التحسن في أسواق الأسهم، إضافة إلى التوقعات بأن رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي يمكن أن يحدث أبكر مما كان يُظَن في السابق، كل ذلك دفع السندات الحكومية الأمريكية إلى الأدنى.
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار ست نقاط أساس ليصل إلى 4.09 في المائة، في حين أن العائد على السندات لأجل سنتين ارتفع بمقدار عشر نقاط أساس ليصل إلى 2.07 في المائة.
ولكن أداء السندات الأوروبية كان أكثر ثباتاً. فقد بقي العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل عشر سنوات على حاله عند 4.64 في المائة، أما العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل سنتين فقد هبط بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 4.60 في المائة. وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار خمس نقاط أساس ليصل إلى 5.01 في المائة.