ارتفاع أسعار المواد الغذائية تحت المجهر
ارتفاع أسعار المواد الغذائية تحت المجهر
تعد المملكة أكبر مستورد للسلع والمواد الغذائية في الشرق الأوسط، كما زادت واردات المملكة من المواد الغذائية بمعدل 19 في المائة بين عامي 2004 و2007 لتصل قيمتها الإجمالية في السنة الماضية إلى 44.8 مليار ريال. ويُقدَّر التأثير الذي يمثّله ارتفاع أسعار الأرز في مجمل مؤشر غلاء المعيشة بنحو 3 في المائة، ولكن نظراً لتدخل الحكومة ودعمها لهذه السلعة، تراجع تأثيرها التضخمي بعض الشيء.
أما لحوم الدجاج والماشية، التي نقدِّر تأثيرها في مؤشر غلاء المعيشة بضعف تأثير الأرز، فإنها تسهم أكثر بكثير من باقي المنتجات الغذائية في مستوى التضخم العام. ورغم أن تأثير الفواكه والخضار في مؤشر غلاء المعيشة أقل من تأثير اللحوم وأكبر من تأثير الأرز، إلا أن تقلبات أسعارها التي تميل للارتفاع قد تؤثّر بشكل ملحوظ في مستوى التضخم المالي العام في المملكة.
إن تضخم أسعار الأغذية ليس ظاهرة سعودية صرفة، إذ يرجع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المملكة إلى ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات الزراعية، فقد ارتفعت هذه الأسعار بشكل حاد في عامي 2006 و2007. وحتى الآن، قفزت هذه الأسعار بنسبة 30 في المائة في عام 2008. كما يُعزى ارتفاع تكاليف السلع والمواد الغذائية التي تنتجها المملكة إلى الارتفاع المتواصل في أسعار العديد من المستلزمات الزراعية.
ومن أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا يتمثل في صعود ما بات يسمى الوقود البيولوجي والإيثانول, فقد كان يفترض بعملية دعم تحويل المحاصيل الزراعية إلى وقود أن يعزز استقلال البلدان في مجال الطاقة وأن يساعد على الحد من الاحتباس الحراري، لكن هذه التعهدات أثبتت أنها مجرد سراب. ويبدو أنه حتى السياسات الحصيفة المرتبطة بالوقود البيولوجي التي انتهجتها البرازيل مثل استخراج الإيثانول من قصب السكر أدت إلى تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب نزع الغابات والقضاء على الأشجار، لزراعة محاصيل القصب على أجزاء من أرض الغابات, وفي الوقت نفسه، فإن الأرض التي كانت تُستغل لإنتاج المحاصيل الموجهة للوقود البيولوجي تنقص من مساحة الأراضي المخصصة لزراعة المحاصيل الموجهة للاستهلاك البشري، وبالتالي يتحول الوقود البيولوجي المدعوم من قبل الحكومات إلى أحد العوامل المهمة المسؤولة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم، ومن ثم تفاقم الأزمة الحالية.
ومن المتوقع أن يستمر تزايد عدد سكان المملكة بوتيرة عالية ليصل إلى نحو 53 مليون نسمة بحلول عام 2050م، كما يرتبط الارتفاع الحالي في مستويات الطلب السعودي على الأغذية أيضاً بالتدفق الكبير للعمالة الوافدة جراء تنامي الطلب عليها أخيراً بصورة ملحوظة ـ كما حدث بالضبط إبان الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة في السبعينيات ـ وذلك من أجل تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في البلاد.
وأصبح المستهلك يلعب دوراً أكثر فاعلية وإيجابية من أجل الحصول على منتجات ذات جودة عالية وبأسعار منافسة عبر الضغط على التجار من أجل خدمة المستهلكين والانصياع للحملات الوطنية الهادفة إلى تخفيض الأسعار, كذلك أن بعض السلع ارتفعت أسعارها دون مؤثرات خارجية, فعلى المستهلك تجريب خيارات وأصناف أخرى كالعلامات التجارية غير المشهورة, فهناك علامات تجارية ذات جودة عالية وبأسعار معقولة.