معلمونا في فترة ما بعد الاختبارات

معلمونا في فترة ما بعد الاختبارات

معلمونا في فترة ما بعد الاختبارات

لقناعتي بالدور المهم الذي يقوم به المعلم في تربية أجيالنا، وبصفتي معلمة سابقة أتابع وأتفاعل دائماً مع ما تنشره الصحف المحلية من أخبار وتحقيقات حول مشكلات المعلم الوظيفية، وأحرص أيضاً على سماع آراء وانطباعات زميلاتي في المهنة عن هذه المشكلات، وقد اطلعت الأسبوع الماضي على ما نشرته صحيفة "الوطن" في العدد (2936) بتاريخ 277/1429هـ بخصوص استطلاع آراء المعلمين والمعلمات والمسؤولين حول التنظيم الجديد لإجازات المعلمين والمعلمات القاضي بإطالة مدة استمرارهم في العمل 32 يوماً بعد انتهاء أعمال اختبارات الفصل الثاني، وخلاصة الآراء تفيد أن المعلمين غير راضين ويشعرون أن هذا الدوام ليس له فائدة، فهم يبقون ساعات طويلة دون عمل، فمهنة التدريس من وجهة نظرهم ليست كالمهن الأخرى وهم بحاجة في هذه الفترة إلى الراحة بعد المجهود الذي قدموه خلال العام الدراسي في التدريس والتقويم وغيرها من الأعمال الإدارية، كما أن إصدار التنظيم في وقت متأخر قد سبب إرباكاً للكثيرين خاصة ممن لديهم ارتباطات عائلية بالسفر والزواج وغيرها. في حين يفترض أن يكون الإعلان عن التنظيم في وقت مبكر. وكالعادة ناشد المعلمون وزارة التربية بالتراجع عن القرار والتمشي بالتنظيم القديم الذي يقضي ببدء إجازة المعلم مع انتهاء أعمال الاختبارات. من جهة أخرى، رد المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم على اعتراض المعلمين بقوله إن المعلم مثله مثل الطبيب ورجل الأمن يجب أن يتواجد في عمله حتى ولم تكن له أعمال محددة.
حاولت بخبرتي المتواضعة أن أجد تفسيراً علمياً لهذه الحالة من عدم الرضا بين المعلمين والمعلمات والتباين الكبير في وجهة نظرهم مع وجهة نظر المتحدث الرسمي. ووجدت أن غموض الدور وعدم إدراك غالبية المعلمين والمعلمات الأهداف والأدوار المتوقعة منهم في هذه الفترة يعد سبباً رئيساً وقد يؤدي للكثير من السلوكيات الوظيفية السلبية من جانب المعلمين والمعلمات مثل عدم التعاون مع الإدارة المدرسية في إنجاز بعض المهام الإدارية، وكثرة الغياب بعذر ودون عذر، واختلاق الأعذار للتأخير الصباحي والانصراف المبكر، فضلاً عن سوء استثمار وقت الدوام في النوم وفي الأحاديث الجانبية، والاجتماع على موائد الإفطار التي تستغرق ساعات طويلة.
إن جولات المشرفين التربويين على المدارس في فترة ما بعد الاختبارات هي وسائل رقابية للتأكد من تواجد المعلمين والمعلمات جسمانياً في موقع العمل، لكنها بالتأكيد ليست هي الحل لرفع مستوى الوعي وحسن استثمار وقت الدوام، وحبذا لو تداركت وزارة التربية والتعليم هذا الغموض في الأدوار وما يصاحبه من مشاعر عدم الرضا والتذمر وضعف الإنتاجية، من خلال بث الوعي على مدار العام لدى المعلمين والمعلمات بالأدوار المتوقعة منهم في فترة ما بعد الاختبارات، وأهمية استثمارها من منظور ديني وتربوي، ومطالبة كل معلم بإعداد خطة عمل فردية لفترة ما بعد الاختبارات، حيث تشتمل على القراءات العلمية في مجال التخصص، والدورات التدريبية الداخلية والخارجية وبرامج التعليم والتدريب عن بعد في مجال التخصص ومجال الحاسب الآلي وغيرها، على أن يتم متابعة تنفيذ هذه الخطط من قبل الإدارة المدرسية والإشراف التربوي، وتخصص لها الحوافز المعنوية مثل خطابات الشكر وعدد من نقاط القوة في الأداء الوظيفي السنوي للمعلم. وبذلك نضمن رضا ربان السفينة ليقود طلابنا بروح معنوية عالية نحو ما نصبو إليه من آمال وتطلعات.

[email protected]
أستاذة في الجامعة العربية المفتوحة

الأكثر قراءة