مكة: رجال أعمال يستثمرون الأماكن التاريخية بخطط تطويرية تحمي الزوار من البدع
تزخر مدينة مكة المكرمة بالعديد من المزارات والأماكن التي يفوح منها عبق التاريخ والتي مازالت تحتفظ بملامح وآثار الماضي رغم مرور العصور والأيام, ولعل جبل النور الشامخ بفصوله التاريخية التي يعرفها كل مسلم أبرز هذه الأماكن ليس لارتفاع الشامخ وإنما تيمناً بوجود غار حراء في أعلى قمته. هذا الغار الذي شهد بدء نزول الوحي على اشرف خلق الله محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام عليه وهو ما دعا إلى ربط اسم هذا الجبل في ذهن كل مسلم ببشائر الرسالة النبوية حيث انطلقت الخيوط الأولى لفجر الإسلام من هذا المكان لتعمَّ آثارها العالم بأسره.
يقع الجبل في شمال مكة الشرقي في أعلى مكان بها، تحديداً على يسار الذاهب منها إلى منى ويرتفع نحو 634 مترا عن سطح البحر ويرتاده يوميا نحو 500 زائر يتعرضون للكثير من المشقة جراء صعودهم إلى غار حراء عبر طريق غير مهيأ وقد دفع هذا الوضع عدد من الجهلاء إلى استغلال الغار لترويج المزيد من البدع و الخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان لاستغلال الزائرين ماديا بشتى صنوف الاستغلال الممكنة.
وينتظر جبل حراء هذه الأيام خطة تطويرية شاملة تبدأ بإنشاء تلفريك ينقل الراغبين في زيارة هذا المعلم الإسلامي مع إنشاء صالة للعرض في سفح الجبل تهدف إلى استقطاب جميع الراغبين في زيارة الغار وتقدم شرحا وافيا عن ماهيته وعن سيرته على مدى التاريخ، حتى يطلعوا على أسرار الغار تجنبا للسقوط في البدع وخزعبلات الجهلاء المستغلين. وستتوافر المعلومات بجميع اللغات عن غار حراء ويتم فيها شرح كل ما يتعلق بالغار من حيث إنه المكان الذي أنزلت فيه أول سورة في القرآن الكريم وأنه المكان الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعبد فيه بعيدا عن أعين الكفار.
وكشف سعد القرشي صاحب شركة حج وعمرة توجه أمانة العاصمة المقدسة إلى إنشاء مشروع التلفريك, مشيرا إلى أنه تقدم بالفكرة منذ نحو ستة أعوام للأمير عبد المجيد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أمير منطقة مكة المكرمة حيث رفعت هذه الدراسة إلى مجلس الوزراء للنظر فيها وقد وجه المجلس وزارة الشؤون البلدية والقروية بتنفيذ الدراسة.
وأشار القرشي إلى أن المشروع يستحوذ على حيز كبير من اهتمام الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة الذي أمر بسرعة تنفيذه بعيد تولية مهام الإمارة في المنطقة, مشيرا إلى أن أمانة العاصمة المقدسة بصدد عمل آلية لنزع الملكيات في جبل النور خلال الأشهر القليلة المقبلة على أن تطرح مناقصة لتشغيل المشروع العام المقبل"
وأضاف القرشي: المشروع باكورة لمشاريع مستقبلية على نمط الفكرة نفسها حيث تعتزم أمانة العاصمة المقدسة تنفيذها في عدد من المعالم الإسلامية المنتشرة في أنحاء مكة المكرمة في توجه واضح للاستفادة الاقتصادية التي تنبع من مكتسبات ظلت لسنوات طوال مهملة ومتروكة لاجتهادات الأفراد فقط فهناك جبل ثور ومسجد البيعة وغيرها من المعالم الإسلامية وتوقع القرشي أن يبلغ حجم الاستثمار في هذا المشروع على أقل تقدير 50 مليون ريال.
ويعكس المشروع في حال تنفيذه الفكر الجديد في انتهاج الأسلوب الاقتصادي الناجح في جذب كل الشرائح من الزوار فهو ليس موجها فقط للزوار من ضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج القادمين من خارج المملكة بل للقاطنين في داخل السعودية وأهالي مكة والذي يشكل السواد الأعظم منهم من لم يستطع زيارة غار حراء وإنما اكتفوا بمشاهدته من قرب فقط.
ولن تقف هذه المشاريع عند ميزتها الاقتصادية كونها مشاريع استثمارية بل ستعمل على القضاء على ما يصاحب هذه الأماكن من خزعبلات وأفكار خاطئة وتبرك من قبل الزوار إضافة إلى حماية الزوار وعدم المخاطرة بالأرواح على خلفية الطرق الوعرة التي يسلكها الزوار للوصول إلى غار حراء على سبيل المثال معرضين أرواحهم للخطر.
واستغل ضعاف النفوس في الماضي الزوار الجاهلين بمواقع المعالم الإسلامية في مكة والتي من ضمنها غار حراء حيث كانوا يقومون بالتغرير بهم وذلك بإيصالهم إلى مواقع شبيهة أو تزويدهم بمعلومات خاطئة تنم عن جهلهم بالكثير من المعلومات التاريخية لتلك المعالم الإسلامية حيث يسعون إلى الكسب المادي فقط وبأي وسيلة كانت يقول القرشي "إن من يقوم بهذا الفعل هم المقيمون الأجانب في مكة حيث يستعين بهم الزوار لأنهم من أبناء جلدتهم مقابل مبالغ كبيرة للقيام بمهمة الإرشاد ويقومون من دون وازع ديني بهذه الأعمال الخاطئة وغير الشريفة". وطالب القرشي شركات العمرة والحج بالاستعانة بمرشدين سياحيين معتمدين يقومون بمهمة إرشاد الزوار وإعطائهم نبذة عن المعالم الإسلامية في مكة مضيفا أن شركات العمرة والحج في مكة والبالغ عددها 54 شركة سيكفيها ما بين 150 إلى 200 مرشد.