أسبوع مسموم يختتم بأسهم تمسك بها سوق بطيئة
قامت أسواق الأسهم العالمية بحركة حاسمة نحو منطقة التباطؤ هذا الأسبوع وسط مخاوف متزايدة حول سلامة الاقتصاد الأمريكي، والارتفاع الجديد في أسعار النفط. وسجلت مؤشرات MSCI العالمي لأسعار الأسهم، و"ستاندرد آند بورس" للشركات الـ 500 الكبرى، و"الفايننشيال تايمز" للشركات الـ 100 الكبرى، تراجعاً بنسبة 20 في المائة عن أحدث قمم لها، منضمة بذلك إلى بقية المؤشرات العالمية في الأسواق القريبة، بينما تعرضت الأسهم المالية لضغوط مستدامة. وكانت في وسط هذه العاصفة وكالتا فاني ماي، وفريدي ماك للرهن العقاري اللتين تملكان أو تضمنان نحو نصف قروض المنازل الأمريكية القائمة البالغة قيمتها 12 ألف مليار دولار أمريكي.
وغطت المخاوف الخاصة بأن هاتين الوكالتين اللتين ترعاهما الحكومة الأمريكية ربما تحتاجان إلى إنقاذ من جانب الحكومة، على الأنباء المتعلقة بأن الاحتياطي الفيدرالي كان يدرس تمديد تسهيلات الإقراض الطارئ لبنوك وول ستريت. واشتعلت المخاوف حول هاتين الوكالتين بعد التكهنات التي ذكرت أن من المحتمل أن يكونا بحاجة إلى جمع المزيد من الأموال، وهو الأمر الذي يمكن أن تجدا فيه صعوبة كبيرة، كما قال المحللون.
قال مارك أوستوارد، الاستراتيجي لدى Monument Securities، "في ظل تأثر هاتين الوكالتين بشدة بالتراجع الذي نجم عن انفجار فقاعة الائتمان، فإن من غير المفاجئ أن قاعدتهما الرأسمالية أصيبت بدمار شديد". وأضاف "غير أن ذلك في الواقع هو كما يبدو إشارة أخرى إلى عملية " تدمير رأس المال" التالية للأزمة تتسارع.
وحاول المسؤولون الأمريكيون، بمن فيهم بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وهانك بولسون، وزير الخزانة، تهدئة مخاوف الأسواق فيما يتعلق بوضع هاتين الوكالتين، ولكن نجاحهما في هذا المسعى كان محدوداً.
قال جون كمب، المحلل في سمبرا ميتالز في لندن "إن التوترات المتصاعدة المحيطة بهاتين الوكالتين تمس كل جوانب الأسواق المالية، الأمر الذي يعمل على دفع عوائد الأجل الطويل إلى أسفل مقارنة مع قممهما الأخيرة، ما يبقي الاحتياطي الفيدرالي على الخطوط الجانبية، رغم الارتفاع المتجدد للتضخم، واتساع آثار الأزمة الائتمانية، وتصعيب الأمور على البنك المركزي، حتى في تصور نهاية سياسة الأموال الرخيصة التي تستمر في دفع أسعار السلع إلى أعلى على النطاق العالمي".
والواقع هو أن أسعار النفط سارت في سباق سريع في نهاية الأسبوع لتصل إلى قمم جديدة، بينما عادت مخاوف الإمدادات إلى الواجهة، كما أن التوترات الجيوبوليتيكية اشتدت بسبب التجارب الصاروخية الإيرانية.
وارتفعت عقود شهر آب (أغسطس) لشراء خام تكساس المتوسط إلى ما يتجاوز 147 دولاراً للبرميل أمس، بعد أن عانت من أكبر تراجع لها خلال يومين مقارنة بما حدث في منتصف آذار(مارس)، وذلك يومي الإثنين، والثلاثاء. ويضاف إلى ذلك أن عمال النفط في البرازيل هددوا بالإضراب الأسبوع الماضي، كما أن الميليشيات المسلحة في نيجيريا، وهي ثامن أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، تخلت عن وقف إطلاق النار.
وأسهمت حالة التذبذب في أسعار النفط في حالة شديدة التقلب طوال الأسبوع في أسواق الأسهم. وتراجع مؤشر "ستاندرد آند بورس" للشركات الـ 500 الكبرى في نيويورك أمس بنسبة 2.4 في المائة، كما تراجع مؤشر "داو جونز" الصناعي لفترة قصيرة دون مستوى 11.000 نقطة. وأما في أوروبا، فإن مؤشر "الفاينانشال تايمز" لأكبر 300 شركة تراجع بنسبة 3.2 في المائة، كما أن مؤشر "الفاينانشال تايمز" لأكبر 100 شركة أنهى الأسبوع بتراجع بنسبة 2.8 في المائة.
كانت الأسواق الآسيوية أشد اختلاطاً،حيث تراجع مؤشر "نيكي 225" في طوكيو بنسبة 1.5 في المائة خلال الأسبوع، ولكن مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ ارتفع بنسبة 3.6 في المائة ليرتفع فوق حاجز 22.000 نقطة للمرة الأولى هذا الشهر. وارتفع مؤشر "شنغهاي" المركب بنسبة 7 في المائة في أول صعود له خلال ثمانية أسابيع.
أما أسواق الائتمان، فلم تتغير إلا بصورة بسيطة خلال الأسبوع على الرغم من أن ذلك أخفى بعض التحركات بالغة التقلب. كما أن مؤشر تصنيف الاستثمار، iTraxx Europe، تشدد بصورة هامشية نحو 103 نقاط أساس.
قال هنريك أرنت، محلل الائتمان في بنك دانسكي "إن تدفق الأخبار كان مختلطاً بعض الشيء، كما أن الزيادة المستمرة في أسعار النفط لا تسهم في تحسين المشاعر السائدة في السوق". ولكنه أضاف "على الرغم من ضعف المشاعر بعض الشيء، وعطل الصيف، فإننا شاهدنا بالفعل قضايا جديدة تبرز في السوق هذا الأسبوع".
أما السندات الحكومية، فقد أظهرت استجابة معتدلة نسبياً للمخاوف المتعلقة بوكالتي فاني وفريدي، على الرغم من حالة البيع المكثف أمس، بينما بدأ المستثمرون في الغضب إزاء احتمال زيادة الإصدارات إذا اضطرت الحكومة الأمريكية إلى التدخل.
وارتفع عائد سند الخزانة الأمريكية المستحق بعد عامين، بـ 13 نقطة أساس ليصل إلى 2.53 في المائة، الأمر الذي يمثل أكبر صعود خلال نحو أربعة أشهر، على الرغم من أنه كان أدنى بنقطتي أساس خلال الأسبوع. وأما عائد سند الخزانة الأمريكية الذي يستحق بعد 10 سنوات، فتراجع بـ 11 نقطة أساس خلال الأسبوع ليبلغ 3.88 في المائة، في الوقت الذي خسر سند بند المستحق بعد 10 سنوات 5 نقاط أساس ليصل إلى 4.45 في المائة. وتراجع سند الحكومة اليابانية المستحق بعد 10 سنوات بـ 6 نقاط أساس ليبلغ 1.59 في المائة، وهو أدنى مستوى له خلال شهرين.
أما على صعيد أسواق العملات، فتعرض الدولار لضغوط بسبب المخاوف المتعلقة بالقطاع المالي، في حين ارتفع اليورو إلى 1.59 دولار، مقابل 1.57 دولار في نهاية الأسبوع الماضي، كما تراجعت العملة الأمريكية إلى 106 يناً، مقابل 106.7 يناً. غير أن الاسترليني تراجع أمام الدولار، بينما عمل المزيد من الأنباء السيئة عن اقتصاد المملكة المتحدة على زيادة التكهنات بأن بنك إنجلترا يمكن أن يضطر إلى تخفيض معدل الفائدة. وأبقى البنك ذلك المعدل عند 5 في المائة يوم الخميس، كما كان متوقعاً على نطاق واسع.