المدينة: عمود السياحة الدينية يصل السماء.. والأعمدة الأخرى تحاول النهوض
يتساءل المهتمون بالسياحة في المدينة المنورة، أنه فضلا عن وجود الجو الإيماني في مدينة الرسول الكريم، فهل بالإمكان اعتبار رابع أكبر المناطق السعودية، وجهة سياحية مفضلة لدى السائح من داخل المملكة تحديدا ومنطقة الخليج على وجه العموم؟!.
هذا التساؤل هو ما يحاول جهاز السياحة في المنطقة العمل على ترسيخ رد إيجابي عليه، من خلال التنوع السياحي لتحمل المدينة المنورة عبر مساحة منطقتها الشاسعة والمتنوعة بوادر أنواع من السياحة لم تكن مألوفة في المدينة النبوية.
وفي وقت يحاول فيه القائمون على السياحة في المملكة النهوض بأعمدة هذه الصناعة المهمة في كل منطقة على حدة لتخلق مظلة واسعة من هذه الصناعة، فإن المدينة المنورة وعبر السياحة الدينية تكاد تصل بهذه المظلة إلى عنان السماء، غير أن الأعمدة الأخرى للسياحة بالكاد ترتفع رويدا عن الأرض لتجذب بعض الزوار وتخلق لنفسها أخيرا مظلة وإن كانت أقصر كثيرا من أن تنافس المظلة الأساسية المتمثلة في السياحة الدينية.
ويبدو مهرجان صيف طيبة 29 مثالا جيدا على هذه المظلات الجديدة للسياحة في المدينة المنورة، عبر تنوع أفكاره ومحاولة استغلاله لكل أشكال القوة الفنية والأدبية في المنطقة، من خلال فقرات برامج تقدم فنونا فلكلورية وفعاليات موازية تقدم أمسيات شعرية، وإن عاب المهرجان عدم استغلال المقومات الأخرى للسياحة هنا مثل المساحات الجغرافية المعتدلة المناخ في مثل هذه الأيام، ليحاول المهرجان إكمال دائرة المظلات المتنوعة في السياحة في المدينة المنورة.
وليس الأمر متوقفا عند السياحة البيئية، لتكتمل منظومة المظلات المتنوعة للسياحة في المدينة المنورة، وذلك من خلال المرتفعات الباردة (الفقرة، الرأس الأبيض) أو المنتجعات البحرية (الرايس وينبع)، بل الأمر يتعدى ذلك إلى السياحة الثقافية التاريخية التي تزخر بها المنطقة، ولم يتسن لمهرجان الصيف أن يضمها في قائمة منظوماته ومظلاته السياحية.
وتتمثل السياحة الثقافية في المدينة المنورة في عنوان عريض واحد تضمه محافظة العلا من خلال مدائن صالح والبلدة الإسلامية القديمة إلى جانب طريق القوافل القديمة الذي يشق المحافظة إلى نصفين ويصل منطقة المدينة المنورة بمنطقة الشام، هذا بالإضافة إلى ما تمثله محافظة بدر من إرث إسلامي خالد متمثل في المعركة الأولى والأشهر في تاريخ الإسلام، التي تحمل اسمها هذه المحافظة.
وحول غياب مثل هذه المقومات السياحية عن مهرجان صيف طيبة 29 يشير القائمون على المهرجان أن هدف المهرجان هذا العام ليس في استقطاب سواح يأتون لأهداف بحثية وثقافية، فهم في كل الأحوال يأتون إلى المنطقة من مختلف أنحاء العالم لزيارة الآثار في مدائن صالح والعلا وكامل المنطقة، ولكن الهدف هو استقطاب الأهالي في المدينة المنورة والقرى المجاورة لفعاليات ترفيهية وثقافية تلبي نداءاتهم المتكررة في تفعيل السياحة الداخلية و ترضي أذواقهم في مستويات عالية من الفعاليات النشطة وذات التفاعل الإيجابي من الجمهور.
وهنا لا يتوقف الأمر في شرائح الزوار لفعاليات المهرجان عند أبناء المدينة والمحافظات المجاورة له، إذ إن الكثير من الزوار القادمين أصلا لزيارة المسجد النبوي الشريف من بقية مناطق المملكة، ومن منطقة الخليج عموما تستهويهم الفعاليات المصاحبة لمهرجان صيف طيبة 29 بحسب أذواقهم المختلفة لتعطي للأيام التي يقضونها عادة على مقربة من الحرم النبوي طعما أكثر حلاوة، وهو ما يفسر رغبة الهيئة العليا للسياحة في المملكة في توسيع مظلة السياحة في المدينة لتشمل الجوانب الأخرى من السياحة فضلا عن السياحة والزيارة الدينية المستقطبة أساسا لأعداد وافرة.