ترقب أسعار الفائدة وبيانات التوظيف تضعان الأسهم في خانة المعاناة
أسواق الأسهم في حالة من المعاناة، وأسعار النفط عادت من جديد لتسجيل أرقام قياسية، في الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون "وعليهم آثار الصدمات والكدمات" القرارات المهمة التي تصدر اليوم حول أسعار الفائدة وبيانات التوظيف.
لعق مستثمرو الأسهم جراحهم بعد جلسة مؤلمة أمس الأول، وهم ينتظرون صدور بيانات مهمة حول سوق العمل الأمريكية، وهي بيانات يتوقع أن تعطي علامات حول إذا ما كان الاقتصاد الأمريكي المعتل سيتماثل للشفاء.
لم تكن الآمال كبيرة أمس بعد أن أظهر تقرير ليس ذا أهمية كبيرة أن شركات القطاع الخاص قلصت عدد الوظائف لديها بقدر يفوق أربع مرات تقريباً توقعات المحللين في حزيران (يونيو). وكان من شأن هذه البيانات هبوط الدولار بمقدار 0.3 في المائة في مقابل سلة من ست عملات رئيسة، وإلى أدنى سعر له في مقابل اليورو خلال عشرة أسابيع.
مع ذلك، تمكن وول ستريت من إبقاء رأسه فوق الماء إلى أن ارتفعت أسعار النفط نحو أسعار قياسية، على خلفية هبوط مخزونات النفط الأمريكية إلى مستويات أدنى مما كان متوقعاً. وصل سعر النفط أرقاماً عالية عند مستوى 143.27 دولار للبرميل، ما أشعل المخاوف بتصاعد التضخم وعرقلة النمو. قال فرانسيسكو جارزاريلي، من بنك جولدمان ساكس Goldman Sachs: "الحلقة المفرغة من التفاعل بين النفط الخام وأسواق الأسهم لا تزال متواصلة".
بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط مؤشر داو جونز للشركات الصناعية بمقدار 0.4 في المائة، في حين أن مؤشر ستاتدارد آند بورز 500 هبط كذلك بنسبة 0.4 في المائة.
في آسيا وأوروبا وبريطانيا، تسبب المزيج المتكون من التضخم المدفوع بأسعار السلع والنمو المتباطئ في إحداث أضرار مرة أخرى. في طوكيو هبط مؤشر نيكاي 225 لليوم العاشر على التوالي، وهي أطول فترة من الخسائر المتتالية خلال 43 سنة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 هبط بمقدار 0.7 في المائة، وهبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بمقدار 1 في المائة.
قال جراهام سيكر، من بنك مورجان ستانلي Morgan Stanley، الذي من رأيه أن الأسهم في حاجة إلى الهبوط بنسبة إضافية مقدارها 5 إلى 10 في المائة قبل أن تبدأ في التعافي: "المزاج العام يأخذ الآن في التوجه نحو هبوط الأسعار، كما كانت عليه الحال في النصف الثاني من عام 2002. ولا يوجد اهتمام من العملاء للسعي إلى وضع حد لذلك. يمكن أن تجد أسواق الأسهم بعض العون إذا كانت البنوك المركزية راغبة في النظر إلى ما وراء الضغوط التضخمية قصيرة الأجل وتخفض أسعار الفائدة".
كان يبدو على البنك المركزي الأوروبي أنه يكاد يكون من المؤكد أنه سيتجاهل هذه النداءات بعد أن عمل تقرير التضخم في أسعار المنتجين في منطقة اليورو الصادر أمس على تأكيد التوقعات بأن البنك سيرفع أسعار الفائدة اليوم بمقدار 25 نقطة أساس.
الأسواق المترددة تأمل في أن يعطيها المؤتمر الصحافي الذي يعقده البنك المركزي الأوروبي بعد قرار أسعار الفائدة، علامة على إذا ما كان قرار رفع أسعار الفائدة سيكون لمرة واحدة فقط أم أنه سيكون بداية لدورة من التشدد ورفع الأسعار، على الرغم من تراجع النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.
قال محللون لدى بنك دانسكه بانك: "الأسواق تسبق البنك المركزي الأوروبي بمسافة لا بأس بها، حيث احتسبت تقريباً ما مقداره 80 نقطة أساس من الزيادة في أسعار الفائدة خلال السنة المقبلة. فإذا أعطى جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، تعليقات حاسمة تماماً، بمعنى أن يقول إنه لن تكون هناك زيادات أخرى في أسعار الفائدة، أو يقول إن المزيد من الزيادات في الطريق، فسيكون لهذه التعليقات وقع لا يستهان به على السوق".
انتعشت الآمال بأن البنك المركزي البريطاني ربما يكون أكثر تفهماً بعد أن أظهرت الأرقام أن قطاع الإنشاءات البريطاني تراجع بأسرع معدلاته منذ عام 1997. وكانت هذه البيانات هي الأخيرة في سلسلة من البيانات السلبية حول الاقتصاد البريطاني، التي اجتمعت مع إصدار تحذيرات للمساهمين بانخفاض الأرباح من واحدة من كبريات الشركات البريطانية، وهي شركة ماركس آند سبنسر Marks and Spencer، في إرسال الجنيه الاسترليني إلى الأدنى.
قال محللون للعملات لدى بنك بي إن واي ميلون BNY Mellon إن المستثمرين يتحولون الآن بعيداً عن بريطانيا. وقالوا إنه خلال الأيام الخمسة الماضية شهدت بريطانيا ثاني ورابع وخامس أكبر تدفقات خارجية للأسهم خلال الأشهر الـ 18 الماضية، وهذا من شأنه فقط "أن يعمق من قناعتنا بأن الاسترليني منذ فترة فاق التوقعات المعقولة".
بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط الاسترليني بنسبة 0.6 في المائة في مقابل اليورو، وهبط بنسبة 0.1 في المائة في مقابل الدولار.
في أسواق العملات الأخرى، قفز الدولار الأسترالي بمقدار 1 في المائة في مقابل الدولار الأمريكي، بعد أن أظهرت التقارير أن مبيعات التجزئة في أستراليا كانت أفضل من التوقعات.
حقق الون الكوري الجنوبي ارتفاعاً مماثلاً، حيث سجل زيادة مقدارها 1 في المائة على خلفية تقارير بأن البنك المركزي الكوري باع ثلاثة مليارات دولار في محاولة لمساعدة العملة المحلية.
في أسواق السلع لم يكن النفط وحده هو الذي يحرك أسواق الأسهم. هبطت أسعار الفحم الحجري بصورة حادة فيما قال عنه المراقبون إنه تصحيح متأخر عن أوانه وتحتاج إليه السوق منذ فترة، على اعتبار أنه وصل إلى مستويات قياسية في أوائل هذا الأسبوع. وكان من شأن الأسعار الهابطة أن دفعت إلى الأدنى بأسعار الأسهم في شركات الموارد الطبيعية، بما في ذلك شركتا أنتوفاجاستا Antofagasta وريو تينتو Rio Tinto.
ارتفع سعر النحاس بمقدار 2 في المائة ليصل إلى 8780 دولاراً للطن، وهو أعلى معدل له منذ أكثر من شهرين، في الوقت الذي واصل فيه عمال المناجم الإضراب في بيرو.
هبطت العوائد على السندات الحكومية في بريطانيا والولايات المتحدة وسط تعمق النظرة القاتمة حول الاقتصاد في البلدين، ولكن العوائد ارتفعت في منطقة اليورو على خلفية توقعات بارتفاع أسعار الفائدة.