جدة: حلقة الخضار.. عزوف سعودي وسيطرة أجنبية.. والتجار يرفعون أجور السعوديين

ما زالت فرص العمل في بيع الخضار والفواكه في حلقة جدة المركزية مهملة من الشباب السعودي في حين تستغل في الخفاء من قبل الوافدين للظفر بالمكاسب العالية التي تدرها عليهم, ومع مرور ثماني سنوات على تشكيل لجنة حكومية لسعودة حلقة الخضار إلا أن العمالة مازالت متواجدة وبكثافة في السوق, فقرار منعهم من دخول السوق مسبقا أدى إلى خسارة وتكدس بضائع تجار الخضار بالجملة.
ويرى ملاك البسطات في الحلقة المركزية أن سبب كثرة العمالة وسيطرتها على بسطات السوق يعود إلى عزوف الشباب السعودي عن العمل فيها, وفي المقابل يبرر عدد من الشباب العاملين في الحلقة سبب رفض الشباب للعمل بتدني الأجور التي يحصلون عليها من أصحاب البسطات الذين غالبيتهم من الأجانب ويقومون بتوظيف سعودي براتب متدن ولساعات عمل طويلة خوفا من لجان السعودة, وعدم امتلاكهم رأس المال الذي يمكن المخاطرة به وفتح بسطة خاصة.
وكشف لـ "الاقتصادية" الشاب سليمان الجهني أنه يعمل بالأجر اليومي في إحدى البسطات التي يملكها وافد بتستر من كفيله ويحصل على مبلغ 100 ريال يوميا مقابل عمل متواصل لـ 12 ساعة يوميا, ولكن البطالة والحاجة دفعته إلى القبول بهذه المهنة, ويرى أن سبب تكدس العمالة الوافدة في السوق بهذه الصورة ومزاولتهم للبيع علنا ومنافسة الشباب السعودي في فرص العمل في السوق هو زهد أجورهم، فالشاب السعودي الذي كان يجد فرصة لدى أصحاب البسطات والمحلات براتب شهري يتراوح ما بين 1500 ريال و1800 لم يعد يجد ذلك بسبب وجود الوافدين الذين يعملون برواتب تتراوح ما بين 400 ريال و800 وأصحاب المحلات والمباسط يبحثون دائماً عن الأقل أجراً ولو على حساب السعودة، وشجع الجهني الشباب السعودي ممن يملكون رأس مال متواضع على افتتاح بسطات خاصة بهم تؤجر من البلدية بمبالغ رمزية مشيرا إلى ارتفاع العائد المادي للبسطات حيث لا يقل دخل البسطة الصغيرة عن عشرة آلاف ريال في الشهر.

البنغلادشيون يسيطرون على حلقة جدة

وهذا ما أكده محمد اليامي شاب سعودي يملك بسطة حيث قال إن صافي ربحه اليومي يصل إلى 800 ريال ولا يقل عن 500 ريال في بعض الأيام,رغم تواضع بسطته ولكنها مفتوحة طوال اليوم ويعمل فيها شباب سعوديون بالأجور اليومية,داعيا الشباب العاطلين عن العمل إلى الالتفات إلى المهن البسيطة التي تدر دخلا عاليا ولا تحتاج إلى مؤهلات دراسية أو دورات تدريبية.
وطالب اليامي بضرورة تكثيف الجولات التي تقوم بها لجنة السعودة وأن تتم بطريقة عشوائية مشيراً إلى أن الوافدين يغادرون السوق أثناء الجولات المعلنة ويعودون إليه بعد رحيل اللجنة. مبينا أنه يعمل في حلقة الخضار منذ خمس سنوات وخلال هذه المدة استطاعت العمالة الوافدة السيطرة عليها.
مرجعا تدني نسبة السعودة في السوق إلى ظاهرة التستر، فالوافدون يستعينون بمواطن ليكون غطاء لهم مقابل مبالغ زهيدة.

من يتواطأ مع المتخلفين ؟

اتهم الشباب السعودي الدلالين في حلقة الخضار بالمحاباة والوقوف بجانب العمالة الأجنبية ودعمها مادياً ومعنوياً وفي وضح النهار مشيرينً إلى أن هناك ما يقارب العشرين دلالاً سعودياً والبعض منهم متستر ويعمل لديه عشرات الأجانب بينما هناك عدد كبير من الدلالين ليس لديهم رخص مزاولة الدلالة, وأضاف أن الدلالين لديهم عدد كبير من البسطات داخل الحلقة وليسوا في حاجة إليها, حيث إن الأجانب يريدون العمل من داخل هذه البسطات ويجنون من خلالها الآلاف شهرياً والتي تذهب وللأسف خارج الحدود والمصيبة الكبرى أن الشباب السعودي يعمل لدى هؤلاء الوافدين بأجر شهري لا يتجاوز ألفي ريال وهذا مقابل أن يكون السعودي في واجهة البسطة وكأنها للسعوديين بينما هي للعامل الأجنبي.
ويقول صالح الشابحي إنه يعمل في الحلقة منذ تسعة أعوام ولديه خبرة في السوق مبيناً أن الشباب السعودي الذي يبحث عن العمل يصطدم بوجود العمالة الأجنبية التي تسيطر على السوق مشيراً إلى أن الحلقة المركزية في جدة بحاجة إلى نحو 300 شاب سعودي دخلهم الشهري لا يقل عن ثمانية آلاف ريال, وأضاف "أن السعودي في الماضي كان يطالب بأرباح كبيرة أما الآن فلا يطلب سوى القليل وبإمكان السعودي العمل طوال الأربع وعشرين ساعة وسوف تكون لديه الخبرة الكافية فالعمال الأجانب أتوا إلى هنا وهم لا يملكون أي خبرات وإنما مع الوقت أصبحوا من كبار التجار ومن كبار الدلالين ودخلهم الشهري يتجاوز عشرات آلاف..

شيخ الحلقة: دراسة لرواتب السعوديين

من جهته كشف عصمت أبو زنادة شيخ سوق الخضار عن عزم تجار السوق على رفع سقوف الرواتب للسعوديين العاملين معهم وهذا ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات الأخيرة التي جمعتهم مع لجنة السعودة الموجودة في السوق، لافتا إلى معاناة التجار من عدم استمرارية الشاب السعودي في العمل فغالبيتهم يأتون للعمل باليومية وبعد انتهاء عمله وتسلم أجر لا يعود في اليوم التالي,وعن ساعات العمل قال أبو زنادة إن جميع العاملين معه لا تتجاوز ساعات عملهم ثماني ساعات في اليوم.
من جانبه كشف حسين برغوش العسيري رئيس لجنة تنظيم وسعودة حلقة الخضار المركزية في جدة عن تعرض تجار الجملة لخسائر وتكدس في بضاعتهم إبان تشكيل لجنة السعودة في السوق حيث جرى منع أي أجنبي من البيع أو الشراء لحكرها على السعوديين إلا أن قلة المقبلين على العمل في الحلقة من السعوديين أدى إلى حدوث أزمة في تصريف كميات الخضار والفواكه الموجودة, وساعد في ذلك في جعل حلقة الخضار مأوى لمن يريد الترحيل من الوافدين فيعمل بدون مقابل لدى أحد التجار لينتظر مرور دورية الجوازات وترحله إلى بلده، مشيرا إلى أن التستر أوجد عمالة في السوق رغم أن كافة الإجراءات نظامية فمستأجر البسطة سعودي ومن يعمل بها سعودي ولكن تدار من أجنبي في الخفاء, ثم سمحت اللجنة بعمل الأجنبي في التنظيف والتحميل ويمنع مزوالته للبيع, وعند معرفة اللجنة عن أجنبي يزاول البيع خلال جولتها اليومية على السوق يقبض عليه وتفرض عليه غرامة مالية تصل إلى ألفي ريال, لافتا إلى أن عمل السعودي ولو كان تحت التستر يعتبر نجاحا للجنة حيث وفرت له فرصة عمل متواضعة وتكفل قوت يومه, وقال إن اللجنة تقدم خصومات ودعما للراغبين في فتح بسطة خاصة يملكها بدلا من عمله لدى الأجنبي بعد اكتسابه للخبرة,
وأكد أن نسبة السعودة في الحلقة وصلت إلى 80 في المائة أخيرا بعد انتقال عملية الإشراف السوق من وزارة الداخلية إلى وزارة العمل.
واستطاعت اللجنة في إعادة الحركة التسويقية والتسوق العائلي في حلقة الخضار بنسبة 75 في المائة، ورفعت من مستوى التنظيم والنظافة في الممرات وألزمت الشركة المسؤولة عن السوق بوضع استراحات للجلوس ومظلات لمواقف الثلاجات لحفظ المنتجات من التلف.
وما زالت أعمال اللجنة مستمرة في استقطاب الشباب السعودي للعمل فتوجد مئات البسطات تنتظر من يستغلها, حيث ساهم منع الوافدين في خلو العديد منها.
يشار إلى اللجنة المسؤولة عن السعودة في حلقة الخضار المركزية مشكلة من وزارة الزراعة وأمانة المحافظة والشرطة وترأسها وزارة العمل.