مطالب بفرض عقوبات على "القراصنة" وترحيل الوافدين المتورطين

مطالب بفرض عقوبات على "القراصنة" وترحيل الوافدين المتورطين

مطالب بفرض عقوبات على "القراصنة" وترحيل الوافدين المتورطين

حدد عدد من الخبراء والمهتمين بمجال حماية الحقوق الفكرية جملة من الحلول التي يمكن من خلالها وضع حد لأعمال "القرصنة" والتعدي على حقوق الملكية الفكرية في السعودية، على رأسها تفعيل تطبيق نظام حماية الحقوق الفكرية من خلال فرض العقوبة الصارمة، ومحاكمة المخالفين للنظام بالسجن والغرامة وترحيل الوافدين المتورطين بمجرد القبض عليهم متلبسين مع تكثيف الحملات المفاجئة.
وبين الخبراء أنفسهم أنه لا يمكن التغلب على "القرصنة" إلا من خلال وضع حلول عملية تتمثل في تطبيق النظام بصرامة وشفافية على أن تشارك فيه كل الأطراف المعنية وعلى رأسها وزارة الإعلام وقوات الشرطة، شريطة أن يتم تطبيق عقوبات رادعة بحق الأشخاص الذين يتم القبض عليهم متورطين في هذا العمل، مطالبين بأن يتم التعامل مع قضايا "القرصنة" على أنها جرائم اقتصادية على غرار ما هو مطبق في كثير من الدول.
ويرى الخبراء في حديثهم مع "الاقتصادية" أنه لا بد من إيجاد "وعى شعبي مضاد لعمليات القرصنة" من خلال قيام وسائل الإعلام بدور فعال في تعرية صورة هذه الممارسات لدى الناس وما يؤدي إليه استخدام البرامج المنسوخة أو المقلدة من إضرار بالمستخدمين بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام". في الحلقة الرابعة، الأخيرة من سلسلة تحقيقات "الاقتصادية" لفتح ملف التعدي على حقوق الملكية الفكرية وسارقي جهود المبدعين سنطرح بعض الحلول التي يمكن من خلالها وضع حد لظاهرة "القرصنة" وكيفية ترسيخ استخدام البرامج الأصلية كسلوك حضاري. إلى التفاصيل:

اتفق عدد من الخبراء في مكافحة "القرصنة" على أن لدى المملكة نظاما قويا لحماية الحقوق الفكرية غير موجود في كثير من دول العالم، بل إنه أحد الأسباب لقبول المملكة في منظمة التجارة العالمية، لكن المشكلة تكمن في تطبيق هذا نظام الذي يعاني خروقات متكررة وفي مقدمتها ما يتعلق بـ "قرصنة" البرامج، مشيرين إلى أن معظم الدول التي نجحت في الحد من القرصنة عمدت إلى تطبيق نظام حماية حقوق الملكية الفكرية بصرامة.
وأكد الخبراء أن ما حلته وزارة الثقافة والإعلام من قضايا خلال السنوات الماضية لا يشكل إلا جزءا بسيطا من جملة القضايا التي يتم ضبطها يوميا، مستشهدين بالإحصائية التي أعلنتها وزارة الثقافة والإعلام عن العام الماضي، حيث ورد للجنة النظر في قضايا التعدي على حقوق الملكية الفكرية 356 قضية، لكنها لم تصدر أحكاما إلا بحق 122 قضية بعضها تخص قضايا سابقة لدى اللجنة.

وعى شعبي مضاد للقرصنة

أما فيما يتعلق بالحلول فإن معظم المهتمين بمجال مكافحة التعدي على حقوق الملكية الفكرية يرون أنه لا بد من إيجاد "وعى شعبي مضاد لعمليات القرصنة" من خلال قيام وسائل الإعلام بدور فعال في تعرية صورة هذه الممارسات لدى الناس وما يؤدى إليه استخدام البرامج المنسوخة أو المقلدة من إضرار بالمستخدمين بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام
كما أنه من الضروري مساندة هذه الحملات الإعلامية بدعم من أصحاب القرار في الجهات المعنية من خلال القيام بدور فعال في ملاحقة المخالفين ومحاسبتهم فعليا، إضافة إلى تنظيم المؤتمرات والندوات التي تهتم بحماية حقوق الملكية الفكرية بشكل عام ومكافحة قرصنة البرمجيات بشكل خاص.

التجربة اليابانية

استشهد هؤلاء المراقبون بالتجربة اليابانية في مكافحة القرصنة باستخدام طريقتي التوعية المكثفة والعقوبة الصارمة، حيث استطاعت من خلالهما تقليص نسبة كبيرة من حجم الخسائر الفادحة التي تكبدت جراء قرصنة البرامج التي انتشرت في البلاد في عام 1995، التي تجاوزت خسائرها 1.1 مليار دولار.
وفيما يتعلق بارتفاع أسعار البرامج الأصلية، وإن كان يشكل معوقا في طريق مكافحة قرصنة البرمجيات، أكد المراقبون أن نشر الوعي الخاص بحماية الملكية الفكرية لن يجدي نفعا مع عدم قدرة كثيرين على استخدام البرامج الأصلية بسبب ارتفاع أسعارها، لكنهم قالوا: إنه يمكن حل هذه المشكلة من خلال تفعيل الاتفاقات بين الجهات الحكومية والشركات العالمية المنتجة للبرمجيات تقضي بحصول الأولى علي تراخيص استخدام برامج هذه الشركات بتكلفة مخفضة بهدف ترسيخ استخدام البرامج الأصلية كسلوك حضاري.

"الثقافة والإعلام" تتحدث

هنا أوضح عبيد الله العبيد الله مدير عام حقوق المؤلف في وزارة الثقافة والإعلام، أن ممارسة "القرصنة" ليست حكرا على ‏‏السعودية، وإنما توجد في عدد كبير من دول العالم، مرجعا أسباب انتشارها بهذه الصورة إلى سهولة النسخ ورخص التكاليف مقابل ارتفاع في سعر البرامج الأصلية.
وقال: "إن ارتفاع أسعار البرامج الأصلية جعل المستهلك لا يقبل على شرائها، كما أعطى "القراصنة" فرصة للكسب من خلال هامش السعر الكبير بين سعري الأصلي والمنسوخ، وهو الأمر الذي قاد إلى إغراء العمالة الوافدة، وكذلك السعوديين لامتهان هذا العمل لسهولته وللعائد المادي الكبير من ورائه".
وفيما أفاد العبيد الله أن وزارة الثقافة والإعلام ممثلة بإدارة حقوق المؤلف تبذل جهودا كبيرة في مكافحة التعدي على حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق ببرامج الكمبيوتر، إلا أنه قال: "علينا ألا ننسى أن هناك أكثر من 11 مهمة مماثلة تقوم بها الوزارة ولها علاقة بحماية حقوق الملكية الفكرية وتحتاج منا إلى أن نعيرها اهتماما هي أيضا".

سلطتنا على أصحاب المحال

لفت العبيد الله إلى أن الجولات التفتيشية التي تقوم بها الوزارة بمساندة من الجهات المعنية الأخرى قامت بزيارة نحو ثمانية آلاف منشأة العام الماضي، تم من خلالها مصادرة أكثر من أربعة ملايين مادة مخالفة، مشيرا إلى أن سلطة الوزارة تكون على أصحاب المحال وليست على الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرصفة لأن ذلك من مسؤولية جهات أخرى، وهي تقوم بدورها من خلال الحملات التفتيشية المشتركة التي تتم بين الوزارة والجهات الأخرى مثل: البلديات، وزارة التجارة والصناعة، الجوازات، والجهات الأمنية.
وزاد: لقد كان للحملات الأمنية التي شهدتها المملكة أخيرا نتائج إيجابية جدا في ضبط كثير من المخالفات التي لها علاقة بحماية الحقوق الفكرية من خلال تفتيش مواقع العمالة الوافدة، وقد ساهمت بشكل كبير في تقليص هذه الممارسات.

اسألوا اللجنة عن العقوبات

فيما يتعلق بتفعيل العقوبات، أكد مدير عام حقوق المؤلف في وزارة الثقافة والإعلام أن دور الوزارة هو ضبط المتورطين والتحقيق معهم ومن ثم إحالة القضايا إلى لجنة النظر في المخالفات التي تقوم بدورها بإصدار العقوبات ومن ثم اعتمادها من وزير الإعلام، لتقوم الوزارة بعد ذلك بعملية التنفيذ، ما يعني أن دور الوزارة تنفيذي لما يصدر عن اللجنة. وقال: "إذا كان هناك أي قصور في نوعية العقوبات فهذا يرجع للجنة النظر في المخالفات نفسها ولا علاقة لنا به".
ويرى مدير عام حقوق المؤلف في وزارة الثقافة والإعلام أن الحد من "القرصنة" يتم من خلال التوعية الإعلامية من ناحية ومواصلة الحملات التفتيشية من ناحية أخرى، وأضاف قائلا: "نحن لا نقر هذه الممارسات المخالفة وإنما هذا هو الواقع، لكن لا بد من بذل جهود أكبر في سبيل مكافحتها".

تطبيق نظام سعري لبيع البرامج

يشير حديث مسؤول وزارة الثقافة والإعلام إلى أن ثقافة حقوق الملكية الفكرية من الأمور المغيبة لدى المتعاملين مع التقنية في السعودية شأنها في ذلك شأن كثير من الدول الأخرى، نظرا لحداثتها من ناحية ولجهل كثيرين بخطورة استخدام برنامج الكمبيوتر المنسوخة من ناحية أخرى، وقال: "لا بد أن يكون للإعلام دور في إقناع الأشخاص الذين يتعاملون مع هذه البرامج بتلك الحقيقة".
يتبين من ذلك أنه على أصحاب الحقوق تخفيض أسعار البرامج كي لا يكون هناك هامش كبير بين سعري الأصلي والمقلد, ولا يعطى "القراصنة" فرصة للاستثمار في هذا المجال, كما يتطلب من الشركات تطبيق النظام السعري المطبق في بلدانها، كأن ينخفض سعرها سنويا بحيث تكون الأسعار في العام التالي أقل من الذي قبله, وكذلك توفير نسخة الطلاب والطبيب وغيرها.

ضعف تطبيق النظام

من جهته بين اريك سميث رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الملكية الفكرية IIPA، في حديث لـ "الاقتصادية" أن الإجراءات التي تتخذها المملكة ـ ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام ـ في التصدي لحالات القرصنة التي تتم داخل البلاد غير كافية، لأن تطبيق الأنظمة يشوبه الضعف.

جرائم اقتصادية

وقال: "من الضرورة أن تتحرك السعودية في اتجاه تحسين تطبيق العقوبات والملاحقة القضائية للمتورطين في القرصنة، خاصة أن هذه الممارسات يقوم بها عمالة وافدة تخصصت في امتهان هذا العمل وتحقق من ورائه عوائد مالية مجزية.
أفاد سميث الذي يملك خبرة واسعة في مجال حماية الحقوق الفكرية بحكم اطلاعه على التجارب المطبقة في أكثر من 90 دولة في هذا المجال، أنه لا يمكن التغلب على "القرصنة" إلا من خلال وضع حلول عملية تتمثل في تطبيق النظام بصرامة وشفافية على أن تشارك فيه كل الأطراف المعنية وعلى رأسها وزارة الإعلام وقوات الشرطة، شريطة أن يتم تطبيق عقوبات رادعة بحق الأشخاص الذين يتم القبض عليهم متورطين في هذا العمل، والتعامل مع هذه القضايا على أنها جرائم اقتصادية على غرار ما هو مطبق في بعض الدول.

الكرة في ملعب الجهات الرقابية

أكد سميث أن خفض نسبة القرصنة المتواصل مربوط ‏في جزء كبير منه بزيادة المعرفة والوعي لدى المجتمع بالضرر الذي تلحقه النسخ غير الشرعية، وتحرك الجهات الحكومية لحماية حقوق الملكية الفكرية ‏للبرامج، وتفعيل تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، وقال: "إن الكرة الآن في ملعب الجهات الرقابية ونعول عليها كثيرا في حسم الأمر".
وطالب سميث لجنة النظر المكلفة بإصدار العقوبات بفرض السقف الأعلى من الغرامة التي حددها نظام وزارة الثقافة والإعلام كي تكون رادعة للمتورطين، خاصة إذا ما علمنا أنهم يحققون أرباحا تفوق حجم الغرامة التي يدفعونها بعدة أضعاف وفي فترة وجيزة.

شفافية في إصدار الأحكام

ذكر سميث أنه قبل سنتين قامت السلطات السعودية بمصادرة أكثر من 2.2 مليون مادة مقرصنة في دهم لها في المنطقة الشرقية، لكن للأسف إلى الآن لم نعرف ما العقوبة التي طبقت بحق المتورطين، إذ إن الأمر يحتاج إلى شفافية في إصدار الأحكام والإعلان عنها لتكون رادعة، وقال: "لقد طبقنا حلول تغليظ العقوبات التي وصفها بـ "الناجعة" في أكثر من 90 دولة حول العالم وأثبتت نجاحها".
وتابع قائلا: إن النظام يعطي وزارة الثقافة الإعلام الحق في فرض غرامة تصل إلى حد أقصى 250 ألف ريال، كما يجيز للوزارة أن تطالب بغرامة أكبر من خلال الرفع إلى ديوان المظالم، لكن حسب علمنا لم تصل أية قضية تتجاوز غرامتها 100 ألف ريال إلى ديوان المظالم حتى الآن، ما يعني أن العقوبات المغلظة لم يعمل بها قطعياً في السعودية.
وأعرب رئيس الاتحاد الدولي لحماية حقوق الملكية الفكرية عن أمله في أن تقوم الجهات الرقابية في السعودية بدور أكبر في القضاء على "القرصنة"، التي تتعرض لها المنتجات الأصلية من برامج الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية، والإعلان بشكل مستمر عن الإجراءات العقابية التي تتخذ ضد منتهكي حقوق الملكية.

لا للإجراءات الروتينية

من جهته اعتبر أحمد فهد الحمدان رئيس جمعية الناشرين السعوديين نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب، أن عدم تطبيق الأنظمة الخاصة بحماية الملكية الفكرية في السعودية هو السبب الأساسي في نشوء سوق خصبة للمقرصنين والمزورين. وقال:"إن عدم تفعيل نظام حماية الحقوق الفكرية جعل المقرصنين يمارسون جريمتهم دون خوف من الأنظمة".
وكرر الحمدان أكثر من مرة أن المشكلة تكمن في عدم تفعيل النظام، وهو الأمر الذي يجعل السعوديين في حرج كبير لما يحتويه تطبيق النظام من إجراءات روتينية بطيئة ينتظر فيها صاحب الحق سنوات إلى أن يمل ويترك حقه.

مضاعفة الغرامات

طالب رئيس جمعية الناشرين السعوديين نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب بمضاعفة الغرامات وبإجراءات رادعة تتعدى ما تفرض الآن من غرامات قد لا تتجاوز آلاف الريالات مما يدفع المقرصن إلى العمل مرة أخرى، في حين أن خسائر أصحاب الحقوق تتجاوز عشرات الملايين، خاصة إذا ما علمنا أن 80 في المائة من المقرصنين في السعودية هم من العمالة الوافدة.

جهل المسؤولين بحجم المشكلة

أرجع المحامي محمد الضبعان ممثل اتحاد منتجي برامج الكمبيوتر التجارية BSA في السعودية، أسباب انتشار "القرصنة" إلى ضعف العقوبات التي يتم تطبيقها في حق المتورطين، إضافة إلى عدم اقتناع المسؤولين بحجم المشكلة وخطورة هذا النوع من الجرائم على المدى البعيد الأمر الذي يؤمن لهذه الظاهرة أرضاً خصبة للنمو والاتساع.

تراخ ومحسوبيات

اعتبر الضبعان أن التراخي في التعامل مع هذه الظاهرة كان وراء إعطاء المخالفين الجرأة للتمادي والوصول إلى ما وصلت إليه، مؤكداً أهمية إصدار العقوبات الرادعة لمثل هذه الممارسات، كما أنه لم يستبعد وجود بعض المحسوبيات والمصالح المشتركة لدى بعض المطلعين على القرارات التي تصدرها الجهات المعنية بحق المخالفين وبالتالي العمل على تخفيفها أو تأجيلها.

توحيد الجهة القضائية

بصفته محاميًا وممثلاً لاتحاد منتجي برامج الكمبيوتر التجارية في السعودية اقترح الضبعان عددا من الحلول لهذه المشكلة بدءا من توحيد الجهة القضائية المختصة بالنظر في المخالفات لأحكام حقوق الملكية الفكرية، وسرعة إنجاز إجراءات المتقاضين، وانتهاء بالسجن والغرامات والمتابعة الدقيقة للأشخاص الذين تم رصدهم في عديد من المواقع والتي أصبحت تعمل بشكل منظم غير مسبوق.
وقال: "إن الاتحاد سبق أن رفع قضايا ضد عدد من المخالفين للنظام، وطالب في مرافعاته بتشديد العقوبات، وتحديداً السجن والتعويضات بمبالغ عالية في بعض الحالات، خاصة في حق الذين اعتادوا مخالفة حقوق الملكية الفكرية منذ سنوات ولم يرتدعوا".

التعاقد مع شركات أمنية

زاد الضبعان: " لو تم تطبيق الحكم الصارم على شركة واحدة مخالفة وكان هذا الحكم رادعا، سيكون له تأثير إيجابي في الملكية الفكرية في السعودية بشكل كبير.
وطالب الضبعان الجهات المعنية بإعطاء اتحاد منتجي برامج الكمبيوتر التجارية في المملكة الحق في التعاقد مع شركة أمنية خاصة مرخص لها من قبل وزارة الداخلية للاستعانة بها في ملاحقة المخالفين وإخلاء الأماكن التي يوجد فيها "القراصنة"، خاصة الذين يفترشون الأرصفة لمنعهم من القيام بهذه الممارسات.

الأكثر قراءة