البورصات على جانبي الأطلسي في أدني مستوى منذ سنوات بسبب الشركات المالية
البورصات على جانبي الأطلسي في أدني مستوى منذ سنوات بسبب الشركات المالية
غمرت موجة من البيع البورصات الأمريكية والأوروبية يوم الخميس، ما دفع بالمؤشرات على جانبي الأطلسي إلى أدنى مستوى لها منذ بضع سنوات.
الشركات المالية على وجه الخصوص تضررت بصورة بالغة، في الوقت الذي ازدادت فيه التوقعات حول المزيد من الخسائر، وشطب قيمة الموجودات من الدفاتر، ومحاولات ترقيع الميزانيات العمومية. هبط مؤشر داو جونز إلى ما دون المستويات المتدنية التي شوهدت في آذار (مارس) حين انهار بنك بير شتيرنز، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أيلول (سبتمبر) 2006. وفي أوروبا، هبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 إلى أدنى مستوى له منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2005.
هذه النزعة التشاؤمية تعمقت بفعل مذكرة من بنك جولدمان ساكس Goldman Sachs، قال فيها إن معدل التدهور في الصناعة البنكية "يبدو أسوء كثيراً" مما كان يعتقد في البداية.
خفض بنك جولدمان توصياته حول شركات الوساطة المالية من "جذابة" إلى "محايدة"، وأضاف البنك الأمريكي الزميل سيتي جروب Citigroup إلى قائمة "البيع المؤكد"، قائلاً إنه ربما يضطر إلى تخفيض قيمة الموجودات في قيوده بمقدار 8.9 مليار دولار في الربع الثاني.
هبط سهم بنك سيتي جروب في نيويورك، وتبعه البنوك الزميلة وشركات الوساطة المالية. وما ساعد على تغذية المزاج القاتم تقارير الأرباح المخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا، وهبوط في أسهم جنرال موتورز General Motors إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1955.
قال كيفن جاردنر، رئيس استراتيجية الأسهم العالمية لدى بنك إتش إس بي سي HSBC, إن المزاج العام يتحول الآن ضد القطاع المالي دون ورود المزيد من البيانات الملموسة حول الأرباح وتخفيض قيمة الموجودات في الدفاتر. "أعتقد أن هذا التوجه هو علامة على مدى التوتر والتقلب الذي يتسم به الناس الآن. كثير من الصناديق التي توجد في حوزتها موجودات اشتُرِيت على أساس ارتفاع أسعارها تجلس الآن ساكنة لا تفعل شيئا، لذلك فإن الأمر لا يتطلب أكثر بكثير من تحول المزاج العام لتحريك سوق تتسم بقلة عدد عروض البيع والشراء".
تشهد أوروبا وضعاً مماثلاً للولايات المتحدة، حيث غرقت أسهم الشركات المالية إلى قعر المؤشرات الأوروبية الكبيرة. خسرت شركة فورتيس Fortis 19.4 في المائة بعد أن قالت هذه المجموعة البلجيكية الهولندية للخدمات المالية إنها ستلغي توزيع الأرباح المرحلية على أسهمها، وستضع 1.5 مليار يورو في أسهم جديدة لتعزيز نسبها الرأسمالية. وهبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 2.5 في المائة.
كذلك تعرضت أسواق الائتمان لوضع عصيب في الوقت الذي قفزت فيه بصورة حادة أسعار التأمين ضد مخاطر إعسار شركات الوساطة المالية الكبرى في الولايات المتحدة وإخفاقها في تسديد ديونها. في أوروبا أقفل مؤشر آي تراكس أوروبا iTraxx Europe فوق 100 نقطة أساس للمرة الأولى خلال شهرين.
الأموال التي تبحث عن ملاذ آمن أخذت تتدفق من جديد إلى السندات الحكومية الأمريكية، ما عزز الأسعار ودفع بالعوائد إلى الأعلى. هبط العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين بمقدار تسع نقاط أساس ليصل إلى 2.73 في المائة، في حين أن العائد على السندات لأجل عشر سنوات هبط بمقدار أربع نقاط أساس ليصل إلى 4.06 في المائة. وجاءت هذه التحركات في الوقت الذي قلل فيه المستثمرون من رهاناتهم على زيادة وشيكة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي.
حقق البنك المركزي الأمريكي توقعات المستثمرين بإبقاء أسعار الفائدة على حالها عند 2 في المائة يوم الأربعاء، ولكن أمضى المحللون معظم يوم الخميس وهم ينقبون في بيان لجنة السياسة النقدية المصاحب لاجتماعات البنك حول وجود ما يشير إلى ما يعتزم البنك القيام به في الخطوة التالية.
أبرز بيان لجنة السياسة النقدية مخاطر كل من النمو الاقتصادي المتباطئ والتضخم المتصاعد، دون إعطاء علامة واضحة حول أي الخطرين أكثر إلحاحاً. إلا أن هناك إجماعاً أخذ في التشكل بين المحللين مفاده أن أي زيادة في أسعار الفائدة لن تتم قبل أيلول (سبتمبر)، مع بعض المراهنة على أن البنك المركزي ربما ينتظر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
قال ماركو أنونزياتا، كبير الاقتصاديين لدى بنك يوني كريدي UniCredit: "إن ارتفاع معدل التضخم الإجمالي، مدفوعاً بالضغط الذي لا يكل ولا يمل من أسعار السلع، يجعل البنك المركزي الأمريكي يحس على نحو متزايد بعدم الارتياح من أسعار الفائدة السالبة إلى حد كبير بالمعدلات الحقيقية. فإذا أكد الاقتصاد متانته وصلابته، فإن الإغراء برفع أسعار الفائدة سيزداد بصورة مستمرة خلال الأشهر المقبلة. ولكن زيادات أسعار الفائدة لن تأتي قريباً، على اعتبار أن مخاطر ذلك على تدني النمو الاقتصادي لا تزال مهمة للغاية."
لا تزال العقود الآجلة لأسعار الفائدة تحتسب قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة هذا العام، ولكنها قللت من شدتها هذا الأسبوع. منذ يوم الإثنين هبط عقد أسعار الفائدة من البنك المركزي تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) ليصل إلى 2.36 في المائة، نزولاً من نسبة 2.50 في المائة، ما يعني ضمناً زيادة في أسعار الفائدة لا تقل عن 25 نقطة أساس.
في أسواق العملات هبط الدولار بمقدار 0.4 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع في مقابل اليورو. تعزز وضع اليورو نتيجة لاعتقاد الأسواق بأن جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، متشدد بصورة قوية. سجل اليورو أعلى رقم قياسي في مقابل الين، حيث تعرقل تقدم الين بفعل التوقعات القائلة إن البنك المركزي الياباني سيبقي أسعار الفائدة على حالها.
سعر الدولار المنخفض كانت له مضاعفات على أسعار السلع، حيث دفع بأسعار الذهب إلى رقم قياسي هو الأعلى منذ شهر. قفز النفط بمقدار 3.45 دولار للبرميل بعد أن قال رئيس منظمة "أوبك" إن النفط الخام يمكن أن يرتفع إلى مستوى عال في حدود 170 دولاراً للبرميل هذا الصيف.