قانونية "البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل" تثير تساؤلات المستهلكين!
قانونية "البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل" تثير تساؤلات المستهلكين!
رفض استبدال أو إعادة بضاعة، يقلق دائما المستهلكين، فعبارة "البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل"، باتت تأخذ مكانا بارزا في محال العاصمة، وتعني "خذ أو اترك"، رغم أن عدم استبدال البضاعة أو إعادتها يعني ضياع أموال المستهلك، في الوقت الذي تساءل فيه مستهلكون عن مدى قانونية هذا النظام المعمول به في معظم المحال، خصوصاً عندما تكون البضاعة غير مناسبة.
ويرى كثير منهم أن هذا الشرط فيه خلل واستغلال، وبخاصة إذا كانت البضاعة المشتراة من الأشياء التي لا تفسد عند خروجها من المحل مثل الفساتين والملبوسات، حيث يبحث المشترون الراغبون في الاستبدال أو رد نقودهم عن جواب ماذا يفعلون بالبضاعة التي لا يريدونها؟ متسائلين في الوقت نفسه هل تذهب أموالهم أدراج الرياح بسبب هذا الشرط؟.
استياء ومقارنة
يبدي محمد الحمد أحد الزبائن ومتخصص في التسويق، أسفه حينما يرى مثل هذه العبارة، حيث تدل على فهم تسويقي ناقص من قبل المستثمر، الذي يطرد زبائنه بهذا الأسلوب من محله.
ويشير إلى أن كل المهتمين بالتسويق يعرفون ماذا تفعل الشركات الغربية بزبائنها من الاهتمام وطلب رضاهم، ويروي قصته أنه حينما كان في إحدى الدول الأوروبية اشترى فستانا لطفلته، قائلاً: "اشتريت لابنتي فستانا من أحد المتاجر وعندما قامت ابنتي بلبسه فوجئنا أن الفستان ليس على مقاسها، وبعد مرور يومين من الشراء ذهبت للمتجر الذي اشتريت منه وأوضحت له رغبتي في استبدال الفستان، وإذا ابتسامة تظهر من محياه وهو يقول خذ ما يناسبك أو تسترد نقودك"، مبيناً أن تصرف البائع بهذه الطريقة يدل على فهم تسويقي ناجح.
وأضاف أن ذكر على نقيض ما تفعله العمالة الأجنبية في محالنا وأسواقنا من تصرفات سيئة تطرد المستهلكين، مؤكداً أن هذا الشرط هضم لحقوق المستهلك الذي وصفه بالمغلوب على أمره.
ظلم وسلب للأموال
من جانبه، ذكر عبد الله السلوم الذي كان يهم بتغير بضاعته في أحد المحال التي ترفع لافتة " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " أن جميع محاولاته لتغير بضاعته باءت بالفشل، وأن عذر البائع أن الفاتورة مذيلة بشرط أن البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، متعجباً من هذا الشرط الذي يصفه "بالظالم وسلب للأموال".
وطالب وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك بوقف مثل هذه المهازل على حد تعبيره، ويشير إلى أن كثيرا من الدول العربية والخليجية مثل مصر والإمارات بدأت بإزالة هذه الشرط الجائر وملاحقة وفرض العقوبات والغرامات على المخالفين.
سبب العبارة
وعند سؤال البائع الذي ينتمي إلى إحدى الجنسيات الشرق آسيوية عن سبب رفضه طلب استبدال القطعة، ذكر أن نظام المحل لا يسمح له بذلك، وأنه ينفذ تعليمات كفيله، وأن محله لم يكن يضع هذا الشرط في الفاتورة إلا بعد أن رأى صاحب المحل كثرة الاستبدال والاسترجاع وأن هذا الشيء أجبره على وضع الشرط تجنبا للإحراج والاستغلال من بعض الزبائن .
الفتوى
من جانبه أكدت فتوى للجنة الإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- أن بيع السلعة "بشرط ألا ترد ولا تستبدل" لا يجوز لأنه شرط غير صحيح لما فيه من الضرر، ولأن مقصود البائع بهذا الشرط إلزام المشتري بالبضاعة ولو كانت معيبة، واشتراطه لا يبرؤه من العيوب الموجودة في السلعة لأنها إذا كانت معيبة فله استبدالها ببضاعة غير معيبة أو أخذ المشتري أرش العيب .
ولأن كامل الثمن مقابل السلعة الصحيحة وأخذ البائع الثمن مع وجود عيب أخذ بغير حق، ولأن الشرع أقام الشرط العرفي كاللفظي وذلك للسلامة من العيب حتى يسوغ له الرد بوجود العيب تنزيلا لاشتراط سلامة المبيع عرفا منزلة اشتراطها لفظا.
العبارة جزء من التعاقد
يرى المحامي الدكتور عمر الخولي أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز، أن صاحب المحل إذا وضع هذه العبارة في مكان بارز بحيث يتاح للجميع العلم بهذا الشرط ورؤيته، أو إذا دونه على الفواتير الصادرة من المحل للزبون، فحينها تصبح العبارة جزءا من التعاقد، ويغدو لازما واجب الإعمال ما لم تكن السلعة المباعة معيبة، فهنا يبطل الشرط ويؤول الحكم إلى القواعد العامة التي تلزم البائع بضمان العيوب الخفية.
واعد أن هذا الشرط جزءا من عقد البيع، حيث إن من قبل به أبرم العقد واشترى، ومن لم يقبل به لا يشتريه، موضحا أنه إذا ما علم الشخص بالشرط وقبل الشراء فإنه يكون قابلا للشرط، وبالتالي يصبح الشرط لازما له تسري عليه مفاعليه، ولا يحق له بعد ذلك إعادة السلعة أو طلب استبدالها.
وأوضح الخولي أن في المملكة إمكانية لإعادة أو استبدال البضاعة المشتراة، ما لم يشترط البائع عدم الإعادة أو الاستبدال، حيث إن مصدر هذه الإمكانية ليس هو التشريع أو القانون، وإنما هو العرف شبه الملزم، وقال:" نجد أن الوضع مختلف في كثير من الدول الأخرى، إذ يكون القانون هو مصدر الالتزام فتوجد قوانين تلزم البائع أو بالأحرى تمنح الحق للمستهلك في إعادة السلعة المعيبة أو منتهية الصلاحية أو التي لم يقتنع بها إلى البائع مقرونة بما يثبت الشراء خلال مدة زمنية معينة من تاريخ الشراء، وله أن يسترد ثمنها أو يستبدلها بسلعة أخرى مماثلة أو غير مماثلة، ولاحظنا ذلك في أمريكا وبريطانيا التي توجد فيها أنظمة متقدمة لحماية المستهلك".