خبير عالمي يصنف السعودية ضمن قائمة الـ 5 الأكثر تعديا على حقوق الملكية الفكرية
خبير عالمي يصنف السعودية ضمن قائمة الـ 5 الأكثر تعديا على حقوق الملكية الفكرية
وأكد اريك سميث لـ "الاقتصادية"، أنه أطلع أياد مدني وزير الثقافة والإعلام خلال اللقاء الذي تم بينهما ضمن ملتقى حماية الملكية الفكرية الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام في الرياض أخيرا، على خطورة الأمر، في حين وعده الوزير مدني بأن يتولى هو شخصيا مهمة متابعة الوضع ومعالجته بالشكل المناسب.
وقال سميث إنه حصل على CD ـ DVD يتضمن سبعة برامج سعر البرنامج الأصلي الواحد منها في محلات بيع التجزئة لدى الموزعين يتجاوز 700 دولار، في حين يباع المقلد منها في السوق السوداء في السعودية بـ 30 ريالا وهو ما يعادل (8 دولارات) للبرامج السبعة، مشيرا إلى أنه أطلع الوزير على تلك النسخ وشرح له تفاصيل شرائها من "حراج الكمبيوتر" في حي العليا.
دون رقيب أو حسيب
وفيما أبدى سميث استيائه للوضع الذي شاهده بنفسه من اللامبالاة في بيع الأقراص المنسوخة في السعودية، حيث يتم بيع أقراص ألعاب الكمبيوتر، وأفلام الفيديو والموسيقى غير النظامية في أي مكان وفي ساحات مفتوحة دون رقيب أو حسيب.
وزاد: هذا الأمر "كارثة"، خاصة بالنسبة للشركات التي تملك حقوق توزيع هذا المنتج، "أعتقد إن وزير الثقافة والإعلام لم يكن على علم بشكل كامل بخطورة هذا الأمر".
وأكد سميث أن هناك الكثير من الشركات الأجنبية المعروفة التي تملك حقوق توزيع الألعاب الإلكترونية gems، وكذلك الموسيقية الـ CD والـ DVD تمر حاليا بمرحلة حرجة جداً جراء معاناتها مع القرصنة التي تتم في السعودية وغيرها من البلدان الأخرى التي تنتهك فيها حقوق الملكية الفكرية، وقال: "إذ لم يتم تطبيق إجراءات عملية صارمة لردع المتورطين في هذه الجريمة الاقتصادية فإن نسبة كبيرة من تلك الشركات ستغلق أبوابها وتعلن إفلاسها".
35 مليار دولار خسائر سنوية
ولم يخف رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الملكية الفكرية من وجود شكاوى تقدمت بها شركات متخصصة في البرمجيات ضد جهات تقوم بتقليد منتجاتها في السعودية، إذ يتم على أثر ذلك وضع تصنيف للدول حسب قوتها في حماية الملكية الفكرية، لذا فإنه من الضرورة أن تتحرك السعودية في اتجاه تحسين نظام تطبيق العقوبات والملاحقة القضائية للمتورطين في القرصنة، مقدرا حجم الخسائر التي تتكبدها الدول جراء عمليات القرصنة عالميا بين 30 و 35 مليار دولار سنويا.
وأشار سميث إلى أن الدافع من وراء زيارته إلى المملكة لم يكن بهدف مناقشة موضع القرصنة تحديدا، وإنما كانت بهدف التباحث مع الجهات المعنية عن حماية الحقوق الفكرية وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام.
وقال: "إنني كنت أخطط منذ فترة طويلة لزيارة المملكة، كما أنني كنت مصرا على أن تتضمن الزيارة مقابلة وزير الثقافية والإعلام السعودي للتباحث معه حول أفضل الطرق لحماية حقوق الملكية الفكرية في السعودية".
50% من حالات القرصنة تتم محليا
وأضاف قائلا: "لقد التقيت بعدد من المسؤولين المعنيين بصون حقوق الملكية الفكرية في البلاد من بينهم: وزير الداخلية، وزير المالية، وزير الثقافة والإعلام، رئيس ديوان المظالم، ومساعد مدير العام الجمارك.
وحول إن كانت عمليات القرصنة تتم داخل المملكة أو يتم استيراد البرامج المنسوخة من الخارج، أفاد سميث أن التقديرات التي توصل لها تشير إلى أن أكثر من 50 في المائة من المواد المقرصنة التي تباع في المملكة تتم قرصنتها من داخل البلاد من قبل عمالة أجنبية تخصصت في امتهان هذا العمل وتحقق من ورائه عوائد مالية مجزية.
وأوضح سميث أن القوانين الحالية الخاصة بحماية المادة الفكرية في السعودية لا يسعها حماية البرامج بصورة كافية، ذلك لأنها مشوبة بالضعف الشديد في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى ضرب جديد من الحماية.
مضاعفة الغرامة
وفيما يتعلق بكيفية مواجهة مشكلة القرصنة في البلاد، أفاد سميث أنه من خلال خبرته المتراكمة واطلاعه على التجارب المطبقة في أكثر من 90 دولة في هذا المجال، فإنه لا يمكن التغلب على هذه المشكلة إلا من خلال وضع حلول عملية تتمثل في تطبيق قانون صارم وشفاف تشارك فيه كل الأطراف المعنية وعلى رأسها وزارة الإعلام وقوات الشرطة، على أن يتم تطبيق عقوبات رادعة بحق الأشخاص الذين يتم القبض عليهم متورطين في هذا العمل، على اعتبار أن هذا النوع من الجرائم يشكل تهديدا للنشاطات الاقتصادية.
الكرة في ملعب الجهات الرقابية
وفيما ذكر خبير مكافحة القرصنة الدولي أن الخسائر في مبيعات البرامج الأصلية بسبب القرصنة، لا تعتبر حكرا على السعودية، إلا أنه قال: "إن الوضع يشعرنا بالقلق تجاه حجم الدمار الذي قد يحدثه النسخ والتوزيع والاستخدام غير الشرعي للبرامج على الاقتصاد والمجتمع ككل في حالة استمراره بهذه الصورة".
وأكد سميث أن خفض نسبة القرصنة المتواصل مربوط في جزء كبير منه بزيادة المعرفة والوعي لدى المجتمع بالضرر الذي تلحقه النسخ غير الشرعية، وتحرك الجهات الحكومية لحماية حقوق الملكية الفكرية للبرامج، وتفعيل تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، وقال: "إن الكرة الآن في ملعب الجهات الرقابية ونعول عليها كثيرا في حسم الأمر".
وطالب سميث بضرورة رفع سقف العقوبة التي حددها نظام وزارة الثقافة والإعلام لأن هذا المبلغ لا يعتبر رادعا للمتورطين كونهم يحققون أرباحا تفوق هذا المبلغ بعدة أضعاف في فترة وجيزة.
شفافية في إصدار الأحكام
وذكر سميث أنه قبل سنتين قامت السلطات السعودية في مصادرة أكثر من 2.2 مليون مادة مقرصنة في مداهمة لها في المنطقة الشرقية، لكن للأسف إلى الآن لم نعرف ما هي العقوبة التي طبقت بحق المتورطين، إذ إن الأمر يحتاج إلى شفافية في إصدار الأحكام والإعلان عنها لتكون رادعا، وكذلك زيادة العقوبات، وقال: "لقد طبقنا هذه الحلول التي وصفها بـ "الناجعة" في أكثر من 90 دولة حول العالم وأثبتت نجاحها".
وتابع قائلا: إن النظام يعطي وزارة الثقافة الإعلام الحق في فرض غرامة تصل إلى حد أقصى 250 ألف ريال، كما يجيز للوزارة أن تطالب بغرامة أكبر من خلال الرفع إلى ديوان المظالم والمطالبة بذلك، لكن حسب علمنا لم تصل أية قضية من هذا النوع إلى ديوان المظالم حتى الآن، ما يعني أن العقوبات المغلظة لم يعمل فيها قطعياً في السعودية.
إلى أن يقتنع المسؤولون!
وحول الدور الذي يقوم به الاتحاد الدولي لحقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بمكافحة القرصنة، رد سميث: "نحن نعمل جاهدين لتحقيق تقدم في مكافحة القرصنة، حيث تكون بدايتنا من خلال أقناع المسؤولين في الجهات المعنية لمساندة الاتحاد بشن حملات دورية ومتواصلة ضد مروجي البرامج المنسوخة بجميع أشكالها، والحد من انتشارها، لأن القرصنة تهدد بالفعل أعمالنا، إذ إن هؤلاء لا يدفعون مقابل البحث والتطوير لكنهم يحصدون الفوائد".
ووصف سميث قضية القرصنة واستنساخ البرامج وتزويرها بأنها من أهم العقبات التي تواجه مستقبل صناعة الكمبيوتر والمعلومات، كونها تكبد الشركات العاملة في هذا المجال مليارات الدولارات سنويا، حيث انقلبت المعادلة: "إبداع وإنتاج يقابله تراجع وخسائر".
وتابع حديثه قائلا: إن تأثير القرصنة يمتد إلى ما هو أبعد من الخسائر التي تصاب بها هذه الصناعة، بل إن هؤلاء القراصنة يسرقون الوظائف من أمام الشباب في قطاع تكنولوجيا المعلومات بالطريقة نفسها التي يسرقون فيها الملكية الفكرية.
أكثر الدول مكافحة للقرصنة
وفيما يتعلق بأبرز البلدان التي بدأت تتراجع فيها نسبة القرصنة، ذكر سميث أنها: كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، هونج كونج، ماليزيا، وباكستان، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الأخيرة كانت قد أغلقت نحو 40 مصنعا مخالفا كانت تصدر برامج الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية المنسوخة إلى السعودية مما جعلها تدخل ضمن قائمة أفضل الدول التي تكافح القرصنة.
وأعرب رئيس الاتحاد الدولي لحماية حقوق الملكية الفكرية عن أمله في أن تقوم الجهات الرقابية في السعودية بدور أكبر في القضاء على القرصنة التي تتعرض لها المنتجات الأصلية من برامج الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية، والإعلان بشكل مستمر عن الإجراءات العقابية التي تتخذ ضد منتهكي حقوق الملكية.