هل يستطيع قادة النشاطات العملية تجاهل إفريقيا؟
تشهد إفريقيا في الوقت الراهن نمواً اقتصادياً بعد سنوات من الركود. فهل هنالك فرص في إفريقيا لا يدركها مجتمع النشاطات العملية خارج هذه القارة؟ يقدر مجموع الناتج المحلي الإجمالي بـ 710 مليارات دولار يتركز 36 في المائة منه في جنوب إفريقيا، و 16 في المائة في نيجيريا. وذكر صندوق النقد الدولي في تقرير له الشهر الماضي أن من المتوقع أن تحقق دول جنوب الصحراء الإفريقية معدل نمو اقتصادي يبلغ 6,8 في المائة، مقابل معدل عالمي يبلغ 4,1 في المائة. ويقول جيوف كوتمور، منسق ندوة مرساة أوروبا في CNBC "هل تساهمون في تلك الطاقة؟".
وتقول إيمون أكبوفور، المديرة الإقليمية لمؤسسة التنمية الدولية، وخريجة انسياد في عام 1994 "إن بيئة الاقتصاد الكلي في إفريقيا مشجعة للغاية، حيث تتراجع تكاليف إنشاء النشاطات العملية، وتتحسن البيئة السياسية بصورة ملفتة للانتباه. ولا تزال مسألة الحكم والإدارة تمثل مشكلة قائمة، إلا أن الأمور في سبيلها نحو التحسن".
وتشهد الصناعات النفطية والمعدنية تحسناً، كما أن هنالك تطوراً في أسواق العقارات والأسهم. ويقول سايمون هارفورد، رئيس شركة اكتس في غرب إفريقيا، وخريج انسياد في عام 1994، رداً على سؤال حول الاستثمارات المتاحة في إفريقيا، إن على قادة النشاطات العملية التفكير مسبقاً لمعرفة إلى أين تتجه إفريقيا، والقيام بما يلزم إزاء ذلك، وتكوين وجهة نظر عن هذه القارة. وعليهم ألا ينظروا في المرآة الخلفية لإدراك حجم اقتصاد يخدم نحو مليار شخص، ويتضمن الكثير من فرص الاستثمار، حيث إن إفريقيا تمثل المستقبل في الوقت الراهن، وهي مختلفة تماماً عما كانت عليه في الماضي.
وإن ما شهدته إفريقيا من تقدم كان وراءه القطاع الخاص، وإن على هذا القطاع أن يمضي في سبيله لإنجاز ما تبقى من مهام في هذه القارة. وتعمل الشركات متعددة الجنسيات الكثير في مساعدة أصحاب النشاطات العملية من خلال جعل الحكومات الإفريقية أكثر تفهماً لدور تلك النشاطات في تحقيق النمو الاقتصادي.
ويقول كذلك إنه كلما زاد تطور النشاطات العملية، تراجع الدور الحكومي. ويمكن لتقليص التدخل والفساد زيادة التركيز على التقدم الاقتصادي، وتلبية الحاجات الأساسية للناس. وينظر كثير من الخبراء إلى إفريقيا ككيان ضعيف التنوع، ولذلك فإن كثيرين من المستثمرين يميلون إلى اللجوء إلى أسلوب الانتظار والترقب.
ويشعر جوزيف أيكنبيرغر، نائب رئيس بنك التنمية الإفريقي بأن تنويع اقتصاد هذه القارة يحمل في طياته فرصاً تزيد كثيراً من المكاسب لأولئك الذين يقدمون على إنشاء المشاريع في إفريقيا. أما سبب ضرورة وجود أصحاب المشاريع هناك، فهو أنه لم يحدث في التاريخ أن استطاعت حكومة ما تحقيق التنمية اكتفاءً فقط بمجهود سياساتها الخارجية.
ويرى أيكنبيرجر أن الاقتصادي ادم سميث كان على حق قبل 250 سنة حين قال " إن النمو لا يحتاج إلى أكثر من السلام، والنظام الضريبي السهل، وتطبيق العدالة". وتحقق إفريقيا الآن مستويات جيدة من التقدم لأن الحكومات تنفذ سياسات لم يسبق لها أن نفذتها من قبل. وخلال إحدى الندوات الخاصة بالتنمية الإفريقية تم توجيه سؤال إلى المشاركين حول ما إذا كان العالم الغربي فوّت فرصة اللحاق بركب الاستثمار في إفريقيا، حيث إن الصين تثبت أقدامها الآن في هذه القارة.
تقول هارفورد إن الأمر ليس كذلك، حيث إن الصينيين يسارعون في التوجه التنموي إلى إفريقيا بسبب حاجتهم الشديدة إلى الموارد. غير أنهم يتحركون ضمن أفق ضيق نسبياً، كما أن هنالك أجزاءً أخرى من القصة لا بد من إكمالها. ويشبه التقدم الصيني في إفريقيا معادلة الحصول على الموارد الإفريقية مقابل خدمات مثل إنشاء شبكات السكك الحديدية، وغيرها.
تتفق أكبوفور مع هارفورد في ذلك، وتضيف أن عدداً كبيراً من الدول الإفريقية يدرك الحاجة إلى تنويع النشاطات الاقتصادية. غير أن من بين مصادر القلق الرئيسية لدى تلك الدول هو خوفها من أن تصبح مستعمرة للصين.
ولاحظ المشاركون في الندوة كذلك مدى النشاط الذي تقوم به الصين في البلدان الإفريقية ذات الحكومات غير الفاعلة. ونجد على سبيل المثال أن السودان يفضل التعامل مع الصين التي لا توجه أسئلة كتلك التي تطرحها الشركات متعددة الجنسيات.
وتضيف أكبوفور أن هنالك دولاً إفريقية تراهن تماماً على الصين، بينما تقول دول أخرى إنها ستتعامل مع الصين حيث يكون ذلك التعامل منطقياً، مع التأكيد على سيطرتها على مسألة من يتقدم من أجل الاستثمار فيها.