الجوف: مصور فوتوغرافي يجسد جفاء الأهالي لبيوت الطين

الجوف: مصور فوتوغرافي يجسد جفاء الأهالي لبيوت الطين

بعد أن أصبح اجتياح الأسمنت أرياف المملكة أمرا واقعا فرضته تحولات الحياة الاقتصادية لم يكن أمام "بيت الطين القديم أو بيوت الفقراء" قوة للصمود لفترات طويلة أمام الأسمنت والديكورات الحديثة حتى أصبح في حكم الماضي والتراث الذي يتوجب على الجهات المختصة إعادة تأهيله ليكون فناً معماريا قائما تعرفه الأجيال المقبلة وتعرف أيضا ماله من مميزات اقتصادية تتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة, ومنها أنه يستمد مكوناته من البيئة الطبيعية المتلائمة مع الظروف المناخية. وهذه البيوت لا تحتاج لتكييف تبريد أو تدفئة فهو يمنح الجو المعتدل بحسب المناخ الخارجي, ولا يحتاج لتأهيل أياد عاملة لبنائه فمن يبحث عن السكن يستطيع بناءه في بضعة أيام, ترى مع هذا الانفجار السكاني المثير, كيف يرى المجتمع هذا النوع من الفنون المعمارية؟ وما الطرق التي تتم من خلالها المحافظة عليه؟
من منطقة الجوف تحدث إلينا محمد الغصاب (مصور فوتوغرافي) وذكر "أن بيوت الطين مع الأسف تعاني إهمالا واضحا, رغم جمالها وما تحمله من تراث قديم للمنطقة خاصة أن منطقة الجوف من المناطق الجافة التي تكثر فيها بيوت الطين", وأضاف الغصاب "لابد أن تتحرك الهيئة العامة للسياحة والآثار بعمل دراسة وهيكلة لإعادة صياغة هذه المباني التي بدأت تندثر وتنقرض بشكل مخيف لأن بعض بيوت الطين كانت قصورا ومضيفات كبيرة يتوافد إليها الناس والآن بالإمكان إعادة ترميمها بعد دراسة لهذه الآلية والاستفادة منها كمتاحف خاصة صغيرة داخل الأحياء بدعم مباشر من الهيئة العامة للسياحة والآثار".
وأبان الغصاب "أنه دائما ما يلتقط صورا لبيوت الطين الساقطة أو الآيلة للسقوط في تعبير صوري عن الحال الضعيفة أو الجفاء".
أما فايز المحيسن أحد الكتّاب المهتمين بتراث المنطقة فقال "الكثير لا يعلم ما مدى الحميمية التي كانت بين الناس في زمن بيوت الطين حيث كان الناس على تواصل دائم على العكس تماما من الآن حيث اندثرت الكثير من القيم خلف أسوار الأسمنت, وأضاف المحيسن "كانت بيوت الطين في منطقة الجوف لها فتحات مستديرة بين الجار وجاره لتبادل الطعام والشراب كنوع من الود وحفظ الجيرة على العكس ما يحدث في البيوت الفاخرة التي تتراقص جدرانها على أنغام التلفاز والأجهزة الحديثة.
ويرى المهندس محمد عصيد الشراري "أن بيوت الطين تعاني في الآونة الأخيرة حالة جفاء رغم ما تحمله من فنون هندسية رائعة", وأضاف "مازالت بيوت الطين لها رونقها وجمالها حيث هناك منازل ومساجد في الوقت الحاضر بنيت من الطين", ولفت الشراري إلى "أن هناك مؤسسات متخصصة في بناء بيوت الطين في بعض المناطق المركزية إلا أنها قليلة جدا".

كيف نبني بيت الطين؟

حرفة ضرب وتجهيز اللبن الطيني خاصة لأولئك الذين لم يعاصروا هذه الحرفة يذكر تفاصليها علي السليمان أحد ممثلي منطقة الجوف لمهرجان الجنادرية العام الماضي ويقول "إن بناء البيوت من اللبن أو الطوب يستغرق الوقت الكثير وتعتمد صناعة الطوب على مزج نوع معين من التراب بالماء يضاف إلى كمية من (التبن) ليساعد على تماسكها, ويضيف السليمان " بعد ذلك توضع كمية من الطين المتماسك بقالب مستطيل الشكل يتم نزعه عن الطين مباشرة ويترك ليجف عن طريق تعرضه للشمس والهواء ثم يتم استخدامه.
ويشير السليمان "أن البناء القديم أفضل بكثير من البناء بالطوب المصنوع من الأسمنت وذلك من حيث ملائمته لظروف الطقس إذ إن البناء القديم يكون أقدر على التكيف مع حرارة الصيف وبرودة الشتاء.
وقد عبر عدد كبير من المواطنين عن مدى حبهم لبيوت الطين واتفقوا على أن الثورة الحديثة في بناء وتجهيز المنازل بالتبريد والتدفئة ساعدت على عزوف الناس عن استخدام الطوب الطيني (اللبن).
وأخيرا هناك آراء تستحق أن تكون النهاية فمن يقول نحن العرب كمن أعجبه بيت الأسكيمو الثلجي فبنى لنفسه واحدا في الصحراء!
والقسم الآخر منهم يقول "رغم ضيق بيوت الطين إلا أن اتسعت لشقاوة حياتنا على العكس من البيوت الفاخرة الذي قال عنها الكثير أنها لم تعد تتسع لأصحابها".

الأكثر قراءة