السندات تصعد مع خفوت الآمال في خفض أسعار الفائدة وإحباط البنوك

السندات تصعد مع خفوت الآمال في خفض أسعار الفائدة وإحباط البنوك

ارتفعت السندات الحكومية من أولها إلى آخرها يوم الثلاثاء في الوقت الذي حاولت فيه البنوك المركزية التقليل من توقعات المستثمرين حول الزيادات في أسعار الفائدة العالمية.
وكانت صورة أسعار الفائدة غائمة بفعل أرقام التضخم من الولايات المتحدة وبريطانيا، وبيانات ضعف الثقة بين المستهلكين في ألمانيا، وتجدد التقلب الكبير في أسعار النفط.
وقال توماس ستولبر، من بنك جولدمان ساكس، إن تسريب الأخبار إلى الصحافة، الذي يبدو أنه يتم على نحو منسق من قبل البنك المركزي الأمريكي، يوحي أن البنك المركزي ليس مرتاحاً من توقعات السوق حول زيادات أسعار الفائدة.
وأوضح ستولبر: "نوافق تماماً على وجهة النظر المذكورة. في نهاية الصيف سيكون معدل التضخم الإجمالي قد وصل إلى أعلى مستوياته في الاقتصادات الكبيرة. ونحن نتوقع أن يعود النمو الاستهلاكي في الولايات المتحدة في شهري تموز وآب (يوليو وأغسطس) إلى سابق عهده من الاتجاه العام (الذي كان في حالة تراجع). ويفترض أن يؤدي هذا إلى إزالة التشدد النقدي للبنك المركزي والذي يجري احتسابه الآن في العقود الآجلة".
ورسمت بيانات أسعار المنتجين في الولايات المتحدة صورة تجمع بين الجوانب الإيجابية والسلبية. ورغم أن المؤشر الإجمالي لأسعار المنتجين قفز بمقدار 1.4 في المائة في الشهر الماضي، وهي نسبة كانت أعلى من المتوقع، إلا أن معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد الغذائية والطاقة، لم يرتفع إلا بمقدار 0.2 في المائة فقط.
وقال زاك باندل، وهو اقتصادي لدى بنك ليمان براذرز: "في حين أن معدل التضخم الأساسي لأسعار المنتجين ظل ضعيفاً نسبياً في أيار (مايو)، إلا أن الضغوط التضخمية الآتية من الأسواق توحي أن القراءات الحميدة للبيانات ربما تكون قصيرة العمر".
من جانب آخر، قام البنك المركزي الأوروبي بمحاولات أخرى للحد من التوقعات حول أسعار الفائدة، في أعقاب التحذير الذي أصدره في الفترة الأخيرة جان كلود تريشيه، رئيس البنك، من أن رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية هو أمر ممكن في الشهر المقبل.
قال لورنزو بيني سماجي، وهو عضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، إن زيادة أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس يفترض أن تكون كافية لإعادة التضخم في منطقة اليورو إلى ما دون معدل 2 في المائة الذي يستهدفه البنك في قراراته.
ولكن ملاحظاته جاءت في أعقاب نشر تقرير من معهد زيو ZEW Institute يبين أن ثقة المستهلكين الألمان هبطت هذا الشهر إلى أدنى مستوى لها منذ 15 سنة.
وقال كارستن برجسكي، وهو اقتصادي لدى مؤسسة آي إن جي: "على الرغم من العلامات الواضحة على حدوث المزيد من التباطؤ في الاقتصاد، إلا أنه يبدو أن البنك المركزي الأوروبي مصمم على مكافحة التضخم. ولن يكون مؤشر معهد زيو كافياً لتغيير رأي البنك، ولكنه بالتأكيد سيجعل الصقور في البنك المركزي يعانون وقتا عصيبا." وانخفضت التوقعات حول أسعار الفائدة في بريطانيا حتى في الوقت الذي جاءت فيه أحدث بيانات التضخم على نحو أقوى مما كان متوقعاً.
وارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية في بريطانيا بمقدار 0.6 في المائة في الشهر الماضي، وأدت بالتالي إلى رفع المعدل السنوي للتضخم ليصل إلى 3.3 في المائة، وهو أعلى ارتفاع منذ أن بدأت السلسلة في عام 1996. وكان معنى تحرك التضخم إلى ما فوق 3 في المائة أن محافظ البنك المركزي البريطاني كان مضطراً إلى إرسال كتاب توضيحي إلى وزير المالية البريطاني، استنتج فيه أن مسار أسعار الفائدة اللازم للوفاء بهدف 2 في المائة في معدل التضخم كان غير مؤكد.
وقال فيليب شو، وهو اقتصادي لدى إنفستيك: "رغم أن أرقام التضخم كانت سيئة، إلا أن المحافظ تمكن من طمأنة أسوأ مخاوف الأسواق، التي كانت ترى أن لجنة السياسة النقدية في البنك يمكن أن تكون راغبة في المخاطرة بإحداث هبوط حاد في الاقتصاد في سبيل دفع معدل التضخم إلى الهبوط بسرعة".
وكان رد فعل الأسواق البريطانية حاداً. تفوقت سندات الخزانة البريطانية لأجل سنتين، الحساسة لأسعار الفائدة، على أداء السندات الحكومية لأجل عشر سنوات، في الوقت الذي انحدر فيه العائد بمقدار 20 نقطة أساس ليصل إلى 5.34 في المائة. وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين بمقدار 11 نقطة أساس ليصل إلى 2.93 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل سنتين بمقدار ست نقاط أساس ليصل إلى 4.63 في المائة.
في أسواق العملات، كان الاسترليني هو الخاسر الأكبر، حيث خسر 0.5 في المائة من قيمته في مقابل الدولار، و0.7 في المائة من قيمته في مقابل اليورو. عوض الدولار عن أدنى مستوى له خلال أسبوع في مقابل اليورو في أعقاب نشر تقرير معهد زيو.
في أسواق المال، عادت أسعار الفائدة على القروض بين البنوك بالاسترليني إلى سابق عهدها على الرغم من أنه كان من الواضح وجود علامات على الضغوط التمويلية، في الوقت الذي ارتفع فيه سعر الفائدة الإضافي على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر وقروض الاسترليني، في الوقت نفسه الذي ارتفعت فيه أسعار الفائدة من البنك المركزي.
شهدت أسواق الأسهم جلسة فيها جوانب سلبية وأخرى إيجابية. في البداية تقدم "وول ستريت" إلى الأمام بعد ظهور نتائج مطَمئِنة حول التقارير الربعية من بنك جولدمان ساكس، ولكن بحلول منتصف اليوم هبط مؤشر "ستاندارد آند بورز" 500 بمقدار 0.4 في المائة.
وحبس المستثمرون الأوروبيون أنفاسهم وأقفل مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بارتفاع مقداره 0.5 في المائة، رغم أن ذلك كان بعيداً عن أعلى مستوى أثناء اليوم. وفي لندن ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بمقدار 1.2 في المائة. وفي طوكيو انتهى مؤشر نيكاي 225 دون تغيير، ولكن مؤشر شنغهاي هبط هبوطاً كبيراً بنسبة 2.8 في المائة ليقفل عند رقم قياسي جديد هو أدنى مستوى له منذ 15 شهراً.
وضاقت الفروق بين العوائد على السندات الحكومية وسندات الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا بعد أن شعر المستثمرون بالاطمئنان من أرقام بنك جولدمان ساكس والإعلان عن عملية إعادة هيكلة كبيرة في قطاع الأدوات الاستثمارية المهيكلة. وفي أسواق السلع استقر سعر النفط عند 134 دولاراً للبرميل، بعد أن حقق بعض التراجع في أعقاب الرقم القياسي الذي سجله يوم الإثنين بمعدل 139.89 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة