المضاربون والمحللون .. قوة جديدة تأخذ دورها في توجيه أسعار النفط

المضاربون والمحللون .. قوة جديدة تأخذ دورها في توجيه أسعار النفط

المضاربون والمحللون .. قوة جديدة تأخذ دورها في توجيه أسعار النفط

تلعب التوقعات الخاصة بسعر البرميل، والمضاربون، خاصة العاملين في صناديق التحوط دورا في الارتفاع الذي تشهده أسعار النفط في الوقت الحالي، الأمر الذي دفع المفوضية التجارية للسلع المستقبلية إلى التحقيق في الدور الذي تلعبه الصفقات الآجلة في تحديد سعر البرميل الذي يتأثر به المستهلكون في نهاية الأمر.
وتشير بعض التقارير إلى أن الصناديق التحوطية وجدت بعض الثغرات في الإجراءات التي تحكم العمل في شارع المال وول ستريت، وهو ما أسهم في دفع الأسعار إلى أعلى. ويشار إلى أنه تم استثناء الشركات العاملة في هذا المجال من الإجراءات والقوانين التي كانت تحد من المضاربات، وهو إعفاء كان مقصورا على بعض المؤسسات مثل شركات الطيران والشاحنات التي كانت تتاجر في العقود المستقبلية لضمان عدم تأثر إمداداتها من الوقود بارتفاع الأسعار مستقبلا.
خطوة أخرى سهلت الأمور على المضاربين وتتعلق بالتسهيلات التي سمحت بالتعامل في الأسواق الخارجية، وهو ما يمكنهم من تجميع كميات ضخمة من العقود تمثل حجما من الإمدادات المستقبلية لا يستهان به وشرائها من أسواق ليست محكومة بالإجراءات الصارمة المطبقة على الأسواق الأمريكية.
وتشير بعض التقارير إلى أنه وخلال السنوات الخمس الماضية، أصبح المستثمرون والمضاربون في هذه الأسواق قوة لا يستهان بها للدرجة التي أصبحت فيها شهيتهم للتعامل في عقود النفط الآجلة مساوية لحجم الطلب الصيني على النفط في الفترة نفسها، كما يقول مايكل ماسترز، أحد مديري هذه الصناديق في شهادة له أمام إحدى لجان الكونجرس الشهر الماضي، مضيفا أن هذا النمو فاجأ العاملين في هذا المجال الذين لم يتوقعوا للأسواق المالية أن تلعب هذا الدور.
فالمشترون يبرمون عقودا مستقبلية تسهم بدورها في تحديد السعر الذي سيباع به البرميل في وقت ما مستقبلا، ثم يعاد بيعها مرة ثانية، وهي بذلك لا تمر بأيديهم قط، وإنما كل تعاملهم على الورق، الأمر الذي يعفيهم من بعض الإجراءات ذات التكلفة مثل التخزين، وهذا ما دفع البعض ليطلق عليهم في بعض الأوقات "وزراء نفط أتاري" في إشارة إلى اللعبة المعروفة التي تبدو افتراضية. لكن رغم وضعها الافتراضي هذا إلا أن لهذه التحركات تأثيرها في السوق، إذ يشعر بها المستهلكون كما هو حادث حاليا، رغم أنها لا تعكس وضع العرض والطلب.
وأدى هذا الوضع إلى بروز مؤشر صناديق السلع التي تعمل كالصناديق الاستثمارية التبادلية، لكنها تعمل في مجال العقودات المستقبلية وليست أسهما، الأمر الذي أصبح جاذبا للعديد من المتاجرين في السلع، إذ الأمر بالنسبة لهم صار أسهل وشمل ذلك صناديق التحوط والمعاشات والأوقاف. وأدى هذا الاتجاه إلى أطلاق صيحات تحذير من قبل المستثمر الدولي المعروف جورج سوروس أن هذه الصناديق يمكن أن تخلق فقاعة وعند انفجارها ستصيب بشظاياها البنوك وصناديق المعاشات وغيرها وبالتالي تكرار تجربة الانهيار الذي شهده عام 1987 بسبب محافظ التأمين.
وساعد على تعزيز هذا المناخ تنامي صدقية التوقعات المستقبلية الخاصة بسعر برميل النفط. وبرزت شركة جولدمان ساكس كأحد أكبر اللاعبين في هذا المجال، وهي لفتت الأنظار بالتوقع الذي نشرته مطلع عام 2005 عن قفزة في سعر البرميل ليراوح بين 50 و150 دولارا خلال فترة من ستة إلى 24 شهرا. ونسبة لأن الأسعار تضاعفت خلال السنوات الثلاث التي سبقت، فإن السوق لم تحمل تلك التوقعات محمل الجد، لكن جاء إعصار كاترينا بعد ستة أشهر ليصل سعر البرميل إلى 70 دولارا.
ورغم أن الكثيرين، ومن بينهم وزير الخزانة هنري بولسون، لا يحملون المضاربين مسؤولية أساسية عما تشهده السوق، إلا أن هناك مسؤولية ما، الأمر الذي يتطلب عمل شيء والبدء بتجميع بعض المعلومات، وهي عملية من الصعوبة بمكان لأن معظم العمل يتم عبر شركات خاصة في أسواق خارجية ليست مقننة بصورة واضحة.
ويقول الرئيس المناوب للمفوضية والتر لوكين إنهم يمرون بوقت صعب لمتابعة ما يجري في الأسواق الخارجية، خاصة مع انفجار ومضاعفة حجم التعاملات، الذي نما ستة أضعاف منذ عام 2000، وهو العام الذي قامت فيه بعض الشركات مثل إنرون بتكثيف اتصالاتها واستخدام علاقاتها مع أعضاء الكونجرس لتخفيف الإجراءات الصارمة التي كانت تحكم العمل، هذا في الوقت الذي تراجع فيه عدد العاملين في المفوضية إلى أدنى معدل له منذ تأسيسها قبل 33 عاما.

الأكثر قراءة