المؤشر السعودي لاستخدام التقنية
تعكس الاكتتابات التي تشرف عليها هيئة سوق المال في السعودية مؤشراً دقيقاً لنسبة مستخدمي التقنية، حيث كانت عملية الاكتتاب في مصرف الإنماء الذي تم قبل عدة أسابيع وسجل أرقاما قياسية من ناحية عدد المكتتبين، المؤشر الأوثق لمعدل استخدام التقنية في السعودية على مستوى مناطق البلاد كافة.
وبحسب الأرقام التي تضمنها بيان المصرف بعد انتهاء عمليات الاكتتاب، أوضح أن نسبة الاكتتاب عن طريق القنوات التقنية بلغت 86 في المائة، وهذا الرقم يأتي من جملة عدد طلبات الاكتتاب التي ضمت ما يقارب الملايين التسعة مكتتب من خلال مختلف الوسائط من المعاملات الرسمية في البنوك المستلمة كافة، استثمروا مبلغاً إجمالياً قدره 18 مليار ريال بنسبة تغطية 174 في المائة تقريبا من إجمالي المبلغ المطروح للاستثمار.
وتؤكد جملة الأرقام هذه أن اكتتاب مصرف الإنماء سجل أضخم عملية اكتتاب تشهدها السوق السعودية، من حيث عدد الأسهم التي تم طرحها، والتي بلغت 1050 مليون سهم. ويهمنا في هذه الزاوية أن الوسائل التي تم الاكتتاب عن طريقها كانت متعددة، وبالتحديد هنا بعيداً عن الطرق التقليدية، فإن نسبة الاكتتاب عن طريق القنوات البديلة والمقدرة بنحو 86 في المائة حسب قاعدة بيانات الاكتتاب كان منها نسبة 15 في المائة من المكتتبين عن طريق الهاتف المصرفي، والنسبة ذاتها 15 في المائة من المكتتبين عن طريق الإنترنت، وبلغت نسبة أعداد المكتتبين عن طريق الصرافات الإلكترونية 56 في المائة.
وبأخذ قيم المعدلات والأرقام لهذه الحالة على المستوى التقني، فإن هناك نحو تسعة ملايين مستفيد أدخل لهم مئات الملايين من البيانات والإجراءات الإدارية والعمليات المالية والمحاسبية ونفذت بأكملها عبر الحاسب الآلي، وتم تدويرها إلكترونياً باستخدام نظم وحلول برمجية متطورة في غضون أيام معدودة، من خلال الشبكات التقنية المختلفة، وأمكن بواسطة هذه النظم والحلول البرمجية إعلان النتائج آنياً وبشكل دقيق عن مستجدات الاكتتاب في نهاية كل يوم بإحصائيات غاية في الأهمية.
وبهذه المعطيات بجانب البنية التحتية المتكاملة والتجهيزات التقنية المتقدمة التي تتوافر لدى البنوك المحلية، يظهر مؤشر استخدام التقنية ارتفاعا قياسياً يبعث دلالات توضح أن المجتمع السعودي يملك مقومات التعامل مع التقنية، وأنه مؤهل ليكون شريكا ناجحا في جميع المشاريع المتعلقة بالتعاملات الإلكترونية.
ويمكن القول على هذا الأساس إن السعودية في ظل إمكاناتها الحالية، وفي سياق مشاريعها القائمة والمستقبلية والميزانيات المرصودة، فإنها بلا شك الأجدر على أن تحتل مرتبة السيادة المطلقة على مستوى منطقة الشرق الأوسط في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات. كما يمكن لمشاريع مثل الحكومة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني والصحة الإلكترونية وغيرها أن تصبح واقعاً مشهوداً وواسع الانتشار في مجتمعنا بل متطلباً يتمناه وينتظره شريحة عريضة من المستخدمين للتقنية في السعودية.
ومن خلال جولة متفرقة في المدن الرئيسة والقرى، وبعض الهجر في أنحاء البلاد، يجد المتجول فيها أن استخدامات التقنية بجميع أشكالها معمول بها من خلال خدمة الهاتف الثابت أو الجوال أو عبر تقنية الإنترنت وغيرها. وفي مشهد مماثل في دول المنطقة من واقع زيارات سابقة لا يتوافر استخدام مثيل لما في المملكة مع التقنية أو مشاريع تقنية بمستوى ضخامة ونوعية ما لدينا، حتى ولو كانت الدراسات المنبثقة من شركات متخصصة في البحوث والدراسات في تلك البلاد توحي تقاريرها بأرقام تخالف الواقع أحياناً.
والأمل معقود على القطاعات المعنية بالاتصالات وتقنية المعلومات، بأن تتبنى دراسات وبحوث في المجالات المختلفة للتقنية، تسندها إلى جهات متخصصة وموثوق بها وتحت إشرافها المباشر، وبمشاركة لجان علمية لخبراء ومتخصصين في التقنية، حتى تؤسس قاعدة من البيانات والإحصاءات يستند إليها على الصعيدين المحلي والدولي ولكي توزن الأمور بموازينها الصحيحة.