محللون: الصناديق الإسلامية انحازت إلى تعظيم الأرباح على حساب حاجات المجتمع

محللون: الصناديق الإسلامية انحازت إلى تعظيم الأرباح على حساب حاجات المجتمع

أوضح مختصون في الصناعة المصرفية الإسلامية أن الصناديق الإسلامية لم تحقق تطلعات المجتمع، وأنها انحازت إلى تعظيم الأرباح دون الالتفات إلى مقاصد الشرع وحاجات المجتمع.
وأشار المختصون إلى أن الصناديق الاستثمارية الإسلامية فقدت أخيراً هويتها التي أنشئت من أجلها بسبب السعي الحثيث وراء الأرباح، لافتين إلى أن معظم القائمين على مثل تلك الصناديق غير مؤهلين فكرياً وعملياً، مطالبين بضرورة البدء في التأهيل الجاد للكوادر التي تقود هذه الصناديق.
واعتبر الخبراء أن الحاجة باتت ملحة لمثل تلك الصناديق المتخصصة والجادة التي تستهدف المشاريع التنموية وتدرج وحداتها في السوق، وتكون قادرة على تمويل طويل الأجل.
وعند بدء الصناديق الاستثمارية الإسلامية في الظهور كان الهدف منها مساعدة المجتمع على التخلص من الربا وذلك من خلال إيجاد قنوات استثمارية مباحة والمساهمة في التنمية عبر نقل الأموال من الفئة التي لديها فائض مالي، إلى الفئة ذات العجز المالي، بطريقة تضمن العدالة والتوازن.
وهنا أشار لاحم الناصر الخبير المصرفي إلى أن المطالعة السريعة على قوائم الصناديق الإسلامية في أي سوق من الأسواق الخليجية التي تزخر بالموارد المالية الضخمة والفوائض النقدية تدل على مدى انحراف هذه الصناديق عن تحقيق طموحات وتطلعات المجتمعات التي تعمل بها وانحيازها إلى تعظيم الأرباح دون النظر في مقاصد الشرع وحاجات مجتمعاتها، مبيناً أن جلها تستثمر أموالها إما في أسواق الأسهم أو في صناديق المرابحات الدولية، وأن السوق السعودية الثانية من حيث الأصول المدارة إسلامياً.
وأضاف الناصر "وفقاً لتقرير التنافسية الصادر عن ماكينزي تشكل الصناديق الإسلامية فيه من مجمل الصناديق العاملة نحو 76 في المائة بموجودات تبلغ 13.7 مليار دولار تقريباً، ومعظمها تستثمر إما في المرابحات التي تتم مع شركات عالمية في الأسواق الدولية أو في سوق الأسهم وكلها أنشطة غير منتجة.
وأضاف الناصر "قد يتساءل البعض ويقول هذا ما يريده المستثمرون، فأقول وهل خُير المستثمرون بين أوعية استثمارية مختلفة فرفضوا، بالتأكيد لا، ولا أدل على ذلك من إقبال المستثمرين على الصناديق العقارية التي طرحت حيث تمت تغطيتها في فترة قياسية، وأما من يتعلل من المصارف بعدم تقبل المستثمرين للمخاطر الناتجة عن الاستثمار في المشاريع المنتجة، والأفكار الخلاقة فنرد عليهم بتساؤل مماثل، وهل هناك أخطر من أسواق الأسهم؟ ومع ذلك فقد بلغ عدد المستثمرين فيها في السعودية في عام 2006م 663 ألف مستثمر بمبالغ تجاوزت 138 مليار ريال إضافة إلى ما تعرض له الكثير من المستثمرين من ضياع لأموالهم نتيجة لما يعرف بالمساهمات المتعثرة فهل يقال بعد ذلك أن المستثمرين غير مستعدين لتحمل مخاطر الاستثمار".
وتابع الناصر "الحقيقة التي لا مرية فيها التي يجب أن نواجهها هي أن صناديق الاستثمار الإسلامية فقدت هويتها والأساس الذي أنشئت من أجله بسبب سعيها وراء الأرباح السهلة السريعة التي تتحقق من عمولات التداول وأجور الإدارة والحفظ وغيرها من الرسوم فهي التي تجني الأرباح والمستثمر البسيط هو الذي يتحمل الخسائر، إضافة إلى أرباح التمويل بضمان استثمارات العميل في الصندوق".
وألمح الناصر إلى عدم أهلية الكثيرين من القائمين على هذه الصناديق، وقال "هناك حقيقة أخرى لا يمكن تجاهلها وهي أن الكثير من أمناء الاستثمار ومديري الصناديق غير مؤهلين في جانب الاستثمار فكرياً وعملياً فهم عاجزون عن الابتكار وغير متابعين لمستجدات هذه الصناعة في العالم، وإلا ففي العالم آلاف الصناديق العاملة في مختلف المجالات التي يمكن تعديلها لتتوافق مع متطلبات الشريعة الإسلامية، مثل صناديق رأس المال المخاطر وهذه الصناديق من أهم الأدوات التي تسهم في رعاية الإبداع.
ودعا الناصر صناديق الاستثمار الإسلامية إلى العودة وتحقيق مقاصد الشرع في أعمالها وتأهيل كوادرها بالشكل المناسب الذي يقتضيه العصر لكون مجتمعها في أمس الحاجة إليها. مضيفاً " من المعيب أن تكون الصناديق التقليدية أكثر نفعا وإيجابية لمجتمعاتها من الصناديق الإسلامية".
من جهته يرى فاروق فؤاد غلام شريك تنفيذي ورئيس قسم إدارة الأصول في شركة الخبير للمتاجرة في الاستثمار والتمويل أن صناعة الصناديق الاستثمارية الإسلامية تطورت وتبين مدى فاعليتها وأنها أصبحت تملك الصفات التي تؤكد نجاحها وفاعليتها.
وأضاف غلام "بدأت صناعة الصناديق الاستثمارية الإسلامية منذ عشرات السنين، وقد دأبت على التطور لمواكبة الاحتياجات والمتطلبات الاستثمارية المتنوعة التي تخدم جميع شرائح المستثمرين، ولا شك اليوم أننا عندما ننظر إلى البنوك العالمية بل أكبرها نلاحظ وجود نوافذ إسلامية بها لخدمة المستثمرين الراغبين في الحصول على خدماتها ومنها بالطبع الصناديق الاستثمارية الإسلامية".
وتساءل رئيس إدارة الأصول في شركة الخبير عن مدى إمكانية أن تحقق الصناديق الإٍسلامية وجودا أكبر وتوفيراً لمنتجات متنوعة، في الوقت الذي أشار فيه إلى تقصير القائمين على الصناديق من ناحية توفير الدعم لمراكز الأبحاث.
من جهته قال الدكتور محمد القري الخبير في الاقتصاد الإسلامي أن النجاح يقاس على حسب الغرض المقصود، وأن صناديق الاستثمار الإسلامية منها ما حقق أهدافه ومنها ما فشل في ذلك، مع ملاحظة أن النجاح والفشل راجع إلى قدرات المدير ولا تتعلق بكون الصندوق منضبط بالضوابط الشرعية، لأن هذه الضوابط ليست ضماناً للنجاح إنما هي محققة للمشروعية على حد قوله.
وتابع القري "أما كون أن التنمية الاقتصادية غرض لصناديق الاستثمار الإسلامية فإن كان المقصود بالتنمية الجهد الذي يرمي إلى رفع مستوى المعيشة لكافة أفراد المجتمع وزيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد، فهذا يحتاج إلى مشاريع طويلة الأجل مثل مشاريع البنية التحتية والمصانع ونحوها، وأكثر الصناديق الاستثمارية الإسلامية الموجودة هي صناديق مفتوحة وتكون استثماراتها قصيرة الأجل لأن مطلب السيولة فيها يحتاج إلى بيع الأصول، وهي لا تصلح لتمويل مشاريع التنمية وإن لها آثارا غير مباشرة على التنمية".
ولفت القري إلى الحاجة الملحة لمثل هذه الصناديق المتخصصة بقوله "لاشك أننا أحوج ما نكون إلى الصناديق المتخصصة التي تكون مغلقة لعدد من السنوات وتستهدف المشاريع التنموية ويمكن إدراج وحداتها في السوق، والقادرة على تمويل طويل الأجل، وتتحقق السيولة فيها ليس عن طريق الاسترداد وإنما عن طريق التداول في السوق".

الأكثر قراءة