معلمو الصفوف الأولية : التأهيل المغيب وضعف الحوافز يلقيان بظلالهما على المخرجات

معلمو الصفوف الأولية : التأهيل المغيب وضعف الحوافز يلقيان بظلالهما على المخرجات

معلمو الصفوف الأولية : التأهيل المغيب وضعف الحوافز يلقيان بظلالهما على المخرجات

الدكتور في مجاله فقط هو الذي يدرس الصف الأول والثاني في كندا، وحامل الماجستير المؤهل الوحيد لتعليم المرحلة نفسها في اليابان، وغير هذه الشهادات لا يكمن قبوله أو تأمينه على تدريس هذه المراحل.
الصفوف الأولية، الصف الأول، الثاني، والثالث، مرحلة مهمة في تاريخ أبنائنا، ففيها يتعلم مهارات مهمة جدا، القراءة والكتابة، الحساب، مدخل إلى علوم الدين، فعندما يتولى تدريس هذه المرحلة معلم غير مختص أو غير خبير، فإن النتائج ستكون كارثية بالتأكيد، فقد يصل التلميذ إلى الصف الخامس والسادس الابتدائي وهو لا يعرف القراءة أو لا يعرف بعض الحروف، وعدم حفظه لمهارات أساسية في الحساب كجدول الضرب مثلا, ناهيك عن العمليات الحسابية الأربع التي قد يصل معها الطالب إلى الثانوية العامة وهو لا يجيدها.
السبب في ذلك هو عدم تأهيل المعلم الكفؤ لتدريس هذه المرحلة، وغير الكفؤ كأن يكون غير متخصص أو غير مؤهل أو غير خبير، فمع اشتراط شهادات عليا أو على الأقل خبرة في التدريس لا تقل عن 10 و15 عاما نجدنا نسند تدريس هذه المرحلة لمعلمين جدد وهنا الكارثة، رغم وجود عدد كبير بين المعلمين أنفسهم من هم من حملة الدكتوراة والماجستير وما زالوا على وظائفهم، ولكن رغم أن النظام لدينا اشترط الخبرة لمدة عامين قبل أن يكون المعلم معلم صف لإحدىهذه المراحل، ولكن بعض المدارس أسندت تدريس هذه المرحلة لمعلمين جدد وفي السنة الأولى بسبب النقص، ما حدا بوزارة التربية والتعليم إلى اشتراط موافقة موجه الصفوف الأولية على المعلم قبل أن تسند إليه هذه المهمة، الأمر الذي يزيد الأمر تعقيدا وغموضا، فكيف للموجه أن يعلم بإمكانات كل معلم من المعلمين في المدارس التي تتبع له، الأمر الذي يجعله بالتأكيد يستعين بالمدير لحل هذه المعضلة، والمدير قد يكون لا حول له ولا قوة، فكيف سيسد النقص الذي عنده، خصوصا مع إحجام بعض المعلمين أو عدم وجود بعض التخصصات في مدرسته المناسبة نوعا ما لتدريس هذه المرحلة.
وانتقد البروفيسور يوسف الرميح وكيل كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية في جامعة القصيم النظام التعليمي السائد لدينا تجاه تعليم الصفوف الأولية ووصفه بغير الواضح والمهمل للطفل وثقافته داخل المدرسة.
وأضاف قائلا: رغم أن الصفين الأول والثاني بالذات تعد أخطر مرحلة عمرية تتشكل بها ثقافة الطالب، إلا أن اختيار معلميها وللأسف يتم بناء على عقوبات لهؤلاء المعلمين، أو من لديهم ملاحظات، أو للباحثين عن أنصبة أقل، وهذا في النهاية سيقود إلى خلق طلاب فاشلين دراسيا، يكرهون المدرسة ويهربون منها بسبب عدم توظيف الكوادر البشرية بالشكل الملائم، وبالتالي مهددين بالانحراف وممارسة سلوكيات خاطئة، تجعل منهم أعباء على المجتمع بأسره.
وطالب بأهمية تأهيل المعلمين لهذه المرحلة وأن لا يقل مؤهله الأكاديمي عن ماجستير، وذلك لأن الطالب في هذه المرحلة ينتقل من أسرته والده وأمه وأشقائه إلى مؤسسة اجتماعية تربوية تنشئه على كثير من المتغيرات الاحترافية التي تجعله يتعايش مع المجتمع.
أما خالد حمد العيدي معلم الصف الأول الابتدائي فيقول إنه يجب على وزارة التربية والتعليم أن تختار لمعلمي الصفوف الأولية من يتم صقله وتهيئته للتعامل مع الوسائل التعليمية التي تخدم الطالب، مشيرا إلى أنه يجب أن يكون معلم الصف مهيأ نفسيا وتربويا لأداء هذه المهمة العظيمة ذات المسؤولية المضاعفة، وإلا فإن من يدرس هذه المرحلة دون تأهيل كاف فإن مصيره الفشل، والضحية الصغار، ويجب أن يمضي على الأقل بين 10 و15 سنة في التعليم غير الدورات.
أما محمد المرداسي معلم الصف الثاني فيؤكد أن وزارة التربية خصصت دبلوم سنة كاملة لمعلمي الصفوف الأولية، إلا أنه وللأسف وما يثير الاستغراب هو أن الالتحاق بهذا الدبلوم لا يحق للمعلم أن يتقدم به ما لم يلتحق أولا بتدريس الصف الأول، فكيف يدرس الطلاب ثم يؤهل.
وأضاف: المشكلة تكمن في أن التقدم لهذا الدبلوم قد يقاتل المعلم ليحصل عليه بعد عدة سنوات، نظرا لأن الحاصل على الدبلوم يتم منحه علاوة إضافية، كما أن المعاناة تبدأ بعد ذلك, فالمعلم الذي يلتحق بهذه الدورة يؤخذ عليه تعهد بعدم أحقيته للعودة لمدرسته الأولى ويعطى إخلاء طرف منها، ويوزع من جديد حسب الاحتياج وكأنه معلم جديد.
وطالب المرداسي بضرورة منح معلمي الصفوف الأولية حوافز أكثر معنوية ومادية نظير المعاناة التي يعيشونها، كما طالب التربية بضرورة تخصيص ميزانية مادية لمعلمي الأولية فهم في أمس الحاجة إلى دعم الفصول بالوسائل الحديثة وبشكل مستمر.
ويروي المعلم صالح الفهد تجربته مع تدريس الصف الثاني الابتدائي بقوله:" تم تحويلي من المرحلة المتوسطة إلى الابتدائية، وهناك ظهر لي حاجتهم إلى معلم صف نظرا لانتقال زميل، ونظرا لأن أغلب تخصصات الموجودين لغة عربية ورياضيات وعلوم، فلم يكن من بد لأن أقبل رغم عدم خلفيتي المطلقة بهذه المرحلة".

الأكثر قراءة