أمن المعلومات متطلب وطني

أمن المعلومات متطلب وطني

أمن المعلومات متطلب وطني

أمن المعلومات يشكل الهاجس الرئيس في المجتمع الرقمي بجميع شرائحه الموزعة في أرجاء العالم قاطبة، وهذا المجتمع لا يمثل فئة محدودة في مكان محدد، بل يمثل أفراداً ومجموعات وفي أماكن مختلفة من هذا العالم الواسع. والذين يتناقلون عبر وسائط الاتصال مئات الملايين من البيانات والمعلومات على مدار الساعة في زمن لحظي وعن قرب، وكأنهم في قرية صغيرة تحتضن القارات السبع بكل محتوياتها.
ومنذ السنوات الأولى لانتشار شبكة الإنترنت، أخذ الاهتمام بخدماتها والاستفادة منها بالتزايد، حتى أصبحت أداة ضرورية يعتمد عليها الجميع في حاضرنا، ولا غنى عنها في مناحي الحياة كافة. وبمرور الزمن ورغم تطور نظم المعلومات والبرمجيات والحلول التي تقوم عليها الإنترنت، إلا أنها تتعرض للتهديد كل يوم بوسائل وطرق مختلفة.
وفي هذا العدد من ملحق تقنية المعلومات، قام الزملاء المحررون في "الاقتصادية" باستقراء هذه المشكلة بالبحث والدراسة على مستوى منطقتنا، وخلصت جهودهم إلى ملف شامل عن أمن المعلومات ومخاطرها والطرق المثالية لمواجهتها، ومن ثنايا هذا الملف ظهر أن هناك أعمال غير مشروعة على الشبكة، مثل نشر الفيروسات وطرق ابتكارها، واختراق أجهزة الغير، وسرقة المعلومات، إضافة إلى حالات تشهير وتهديد ونصب واحتيال.
وأوضح الملف أن السبب الرئيسي في تنامي هذه المخاطر ناتج عن ضعف الاهتمام بتعزيز وسائل الحماية لدى المستخدم على مستوى الفرد، والتهاون في تحسين أداء نظم أمن المعلومات على مستوى المؤسسات. وذكرت إحصاءات حديثة أشرنا إليها بالتفاصيل في هذا الملف، صدرت في تقرير من شركة "سيمانتيك" عن زيادةً متنامية في عدد الهجمات والنشاطات الخبيثة في بلدان الشرق الأوسط. وألمح التقرير إلى أن السعودية تجاوزت الإمارات، لتتصدر القائمة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من حيث عدد النشاطات الخبيثة لكل مشترك في الإنترنت عبر الإنترنت.
ومن منطلق أنه نتيجة لوجود أكثر من 22 مقدم لخدمة الإنترنت في السعودية، مع الجهود الناجحة لتحرير هذا القطاع وظهور استثمارات متنامية في البنية التحتية للاتصالات ليزيد معها عدد مستخدمي الإنترنت من الشركات والأفراد، إلى جعل المملكة هدفاً جذاباً للمهاجمين والنشاطات الخبيثة، وهو توجُّه موجود أيضاً على الساحة الدولية.
وخلصت الإحصاءات على الصعيد العالمي إلى أن المملكة تحتل المرتبة 35 من حيث عدد الشفرات الخبيثة، والمرتبة 41 في أجهزة زومبي البريد الإلكتروني التطفلي، والمرتبة 55 في استضافة مواقع تصيّد المعلومات، إضافة إلى المرتبة 56 في برامج الروبوتات. ورغم احتلالنا المرتبة الوسط، إلا أننا أمام مطلب مهم لبذل المزيد من الجهود للمساعدة على مكافحة هذه المخاطر، حيث يجب إجراء حملات فعالة للتوعية بأمن المعلومات، واستخدام الحلول البرمجية الملائمة لها ذات القيمة المضافة التي يوفرها مقدمو خدمة الإنترنت، وتطبيق التشريعات المتعلقة بجرائم الإنترنت.
وبالنظر إلى هذه الأرقام والنسب لما يخص المملكة، ولتلافي تفاقمها في ظل أن بلادنا تحتل مركز متقدم في قائمة أفضل الدول من حيث نمو قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. فعلينا معرفة أن أمن المعلومات أصبح جزءاً حيوياً وأساسياً من الأمن الوطني، لتأمين سرية المعلومات وسلامتها وجودتها في محيطنا. ويمكن الوصول لذلك بما سبق وأن أوصى به خبراء ومتخصصون في مناسبات وطنية سابقاً إلى "إنشاء مركز أمن معلومات وطني"، مرتبط إدارياً بجهة ذات سلطة أمنية تنفيذية تخوله بالقيام بمهامه مثل التحري والتحقيق في الجرائم المعلوماتية، وإلزام الجهات المختلفة بتطبيق الأنظمة الكفيلة بالحد من المخاطر الأمنية، وتطبيق عقوبات في حق من يخالف تلك الأنظمة، بالتنسيق مع الأجهزة القضائية.

[email protected]

الأكثر قراءة