سلطان بن سلمان: التنظيم الجديد لـ "السياحة" يؤصل المحافظة على التراث العمراني
سلطان بن سلمان: التنظيم الجديد لـ "السياحة" يؤصل المحافظة على التراث العمراني
أكد الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار أن التنظيم الجديد للهيئة الذي أقره أخيراً مجلس الوزراء يؤصل للمحافظة على التراث العمراني، مشيدا بالاهتمام الكبير من البلديات بالمحافظة على مباني التراث العمراني وإعادة بنائها.
وأشار الأمير سلطان بن سلمان إلى أهمية تقييم نظام إدارة المدن من منظور شامل لتنميتها اقتصاديا والمحافظة على تراثها وبيئتها وتطوير منظومة الخدمات والفعاليات والبرامج الموجهة لسكانها بشكل مترابط, ونوه الأمير بالشراكة المميزة بين الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الشؤون البلدية والقروية والتي تحظى بدعم من وزير الشؤون البلدية والقروية, مؤكدا أن الهيئة ليست منافسا للوزارة في مشاريعها البلدية بل هي داعمة للبلديات التي تعد المسؤولة بشكل مباشر عن هذه المشاريع.
وأوضح الأمير سلطان في كلمته التي ألقاها البارحة الأولى في حفل افتتاح ندوة " نحو مدن إنسانية صديقة للجميع.. دور أمانات وبلديات المدن في تعزيز البعد الإنساني" أود في البداية أن أشكر أمانة منطقة الرياض على عقد الندوة التي تؤكد تطور قدرات الأجهزة البلدية واهتماماتها، وأنا سعيد جدا بهذا التطور الذي يقوم على جيل جديد من مسؤولي البلديات، وأشعر بأن كثيرا من الطموح الذي عانينا في الدفاع عنه بدأ يؤتي ثماره، وفي الحقيقة أنني أود التأكيد هنا على الشراكة المميزة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والتي قامت تحت مظلتها منظومة كبيرة من المشاريع التي تصب في محور هذه الندوة، والحقيقة أن شراكة الهيئة العامة للسياحة والآثار مع وزارة الشؤون البلدية والقروية كانت شراكة مميزة مدعومة بشكل كبير من وزير الشؤون البلدية والقروية والأمير منصور بن متعب ومن أمناء المناطق، والهيئة لا تنظر إلى قطاع البلديات أن تكون مالكا أو مستثمرا بل داعم للبلديات التي هي المسؤول الأول عن المدن ولم ندخل منافسا بل شريكا، ولذلك نمت شراكتنا مع البلديات من خلال عدد من المشاريع، والأسبوع المقبل ستذهب الدفعة الرابعة إلى إيطاليا لزيارة أماكن التراث العمراني والاطلاع على التجربة الإيطالية في هذا المجال، وفي إطار هذه الزيارات الاستطلاعية التي تنظمها الهيئة العامة للسياحة والآثار ضمن اتفاقيتها مع وزارة الشؤون البلدية والقروية قام العديد من رؤساء البلديات بالاطلاع على التجارب العالمية في مجال التراث العمراني، والحقيقة أنني تلقيت مكالمة من رئيس بلدية النماص يؤكد فيها البدء ببناء حصن أثري كان قد سبق هدمه خطأ، حيث قال "إنه قد بدأ العمل على إعادة بنائه بنفس المواد التي بني بها، وأيضا سبق أن تلقيت مكالمة من أمين المدينة المنورة، أكد فيها أن الأمانة بدأت بإعادة بناء جسر أثري سبق أن هدم خطأ، ولاشك أن هناك تحولا كبيرا في الوعي بأهمية الحفاظ على التراث العمراني، والحقيقة أن الهيئة سعت منذ إنشائها إلى إبراز أهمية هذه المباني كعنصر أساس وصدرت في تعزيز ذلك أوامر كريمة من ولي العهد ومن وزير الشؤون البلدية والقروية ومن وزير الداخلية ومن نائب وزير الشؤون البلدية والقروية، وبعد صدور تنظيم الهيئة العامة للسياحة والآثار الجديدة أصبحت قضية التراث العمراني قضية أصيلة تتولاها الهيئة، والآن رؤساء البلديات يعون بأنفسهم أهمية ذلك، وهنا أشكر الأمير متعب بن عبد العزيز على المبادرة نحو تحويل المدن إلى مدن إنسانية، والحقيقة اليوم نحن لا ننطلق من إنسانية المدن وكأنه شيء جديد أو أتي من مدن في الخارج، البيئة القديمة عندنا في السابق كانت صديقة للإنسان، ومع التطور المتزايد أصبحنا نفقد هذا الجانب، وأهمية المدن الإنسانية أنها لم تعد قضية ثقافية أو حضارية أو رياضية أو بيئية فقط، بل إنها قضية عامة خرجت من المخطط إلى السياسيين والمجالس البلدية للعمل على تحويل المدن إلى مدن وثابة من الجانب الإنساني، ونحن للأسف قضينا على المزايا الإضافية الطبيعية التي كنا نتمتع بها في المدن واليوم نسعى إلى استعادتها. ولاشك أن غياب التخطيط بشكل شامل وغياب الإنسان عن ذلك لأسباب كثيرة منها اتباع المدارس العمرانية الغربية التي تراجعت فيما بعد عن كثير من توجهاتها.
وتابع: في الحقيقة أنه قبل 20 عاما أثرت في مؤتمر رؤساء البلديات والمجمعات القروية في شوال 1408 للحضور من أمثالكم، قضية العناية بالتراث العمراني والخطر على الهوية العمرانية ودعوت إلى وضع برنامج للحفاظ على التراث العمراني، وبعد ذلك بعشر سنوات في صفر 1418 تحدثت في ورشة الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض عن بعض القضايا الرئيسة التي تعانيها المدن بما في ذلك التدهور البيئي وفقدان تراثنا العمراني وعدم وجود قواعد اقتصادية صلبة للمدن، وإلى أهمية وضع الجانب الإنساني في المدن فوق كل اعتبار، منبها إلى أن المعادلة الصعبة الضرورية التحقيق هي في الحفاظ على رموز المدن التراثية وحماية وتنمية بيئتها ومواردها الطبيعية، والعناية بالبعد الإنساني في تخطيطها وتنظيماتها، من أجل إيجاد مدينة إنسانية تتكامل فيها جميع المقومات الحضرية والتنموية، كما تشرفت في عام 1419 هـ برفع تقرير إلى أمير منطقة الرياض ورئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أشرت فيه إلى أن التنمية البيئية والعمرانية والاقتصادية تمثل حلقة مترابطة يدعم كل جانب منها الآخر، وإلى أن نمو المدينة ليس النواتج والتأثيرات البيئية والاقتصادية والعمرانية المنظورة فحسب، وإنما تكامل بكل الجوانب وتفاعلها من أجل خلق تنمية إنسانية شاملة. وعرضت في التقرير للوضع في الجوانب التنموية المختلفة للمدينة بما في ذلك جانب العناية بالتراث العمراني والهوية العمرانية للمدينة وإلى أهمية وضع برنامج لتطوير مدينة الدرعية التاريخية وبرنامج لتطوير وادي حنيفة وآخر لمنطقة الثمامة، إضافة إلى التنبيه إلى أهمية تكوين القاعدة الاقتصادية للمدينة وإلى إعادة النظر في أسلوب إدارة المدينة, وأشرت في كلمة في اللقاء السنوي العاشر لجمعية علوم العمران في أبها عام 1421 هـ إلى أهمية البعد الإنساني في العمران السياحي وإلى فقدان إحدى أكبر إيجابيات السياحة الداخلية تتطلب عناية واثقة بخصوصيتها تجعل من الإنسان المحور الأساس، ويتحقق ذلك بالعناية بمتطلباته ومراعاة تراثه وبيئته وبتوعيته بما هو واجب عليه تجاهها. وأنا أتحدث بهذا التسلسل التاريخي للتأكيد على أن النظرة نحو المدن الإنسانية ليس موضوعا طارئا علينا أو حديثا.
وأضاف الأمير سلطان أن العناية بالجانب الإنساني عملية لابد أن تتضافر فيها جهود العديد من الأجهزة وعلى رأسها البلديات وتعمل الهيئة على المشاركة بدورها في المجال وسأذكر بعضا مما تقوم فيه، ففي مجال العناية بالتراث العمراني تقوم الهيئة ببرنامج لتطوير مراكز المدن التاريخية، وبرنامج لتنمية القرى التراثية، وبرنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة، وهذه البرامج تقوم فيها الهيئة بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية وعدد من الجهات، وبرنامج تطوير النزل البيئية والاستراحات الريفية، وإيقاف إزالة المباني التراثية إلا بعد الرجوع للهيئة للتأكد من أهميتها من الناحية السياحية والعمرانية، وإعداد مواصفات نظام التراث العمراني وإدراجه ضمن نظام الآثار والمتاحف، وبرنامج تطوير الدرعية التاريخية بالشراكة مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وإعداد مواصفات ترميم المباني التراثية الطينية والحجرية بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وفيما يتعلق بالحفاظ على البيئة تقوم الهيئة بالمشروع الوطني لحماية المناطق السياحية من التوسع العمراني، وبرنامج التوعية السياحية البيئية (لا تترك أثر) ومقاييس تطوير المشاريع والوجهات السياحية، ومشروع متنزه الثمامة بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ومشروع تطوير "الحيسية" بالتعاون مع وزارة الزراعة، وتطوير الأنظمة التي تساعد على الحفاظ على التراث العمراني والبيئي وغير ذلك من المشاريع الموجودة على موقع الهيئة الإلكتروني، والحقيقة أنه من المهم إعادة تقييم نظام إدارة المدن من منظور شامل لتنميتها اقتصاديا والمحافظة على تراثها وبيئتها وتطوير منظومة الخدمات والفعاليات والبرامج الموجهة لسكانها بشكل مترابط، وهنا أشير أيضا إلى أننا نعمل على نظام متكامل لنقل الثقل السياحي والقرار السياحي للمناطق من خلال مجالس التنمية السياحية وتأسيس مكاتب لدعم هذه المجالس، إن شاء الله، عام 2009م كل الثقل السياحي سينتقل للمناطق، وكل ذلك سيصب في جعل المدن صديقة للمواطن وقريبة من الإنسان، ونحن نطمح بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية ووزارة النقل إلى إقرار نظام جديد للاستراحات على الطرق السريعة، كما أننا نتعاون مع جامعة الملك سعود لإحداث نقلة مهمة في التعليم في مجال التراث العمراني، كما أن هناك عددا من المشاريع والجهود التي نقوم فيها من خلال مؤسسة التراث، وأشير هنا إلى جائزة التراث العمراني التي سيضاف لها بعد جديد يتعلق بالتراث العمراني في المدن وتحويله إلى مردود اقتصادي، وستكون بإذن الله الجائزة التي سيرعاها الأمير خالد الفيصل.