لم تخدمنا الكتب المطبوعة فتوجهنا للإنترنت للاتفاق على لغة للإشارة

لم تخدمنا الكتب المطبوعة فتوجهنا للإنترنت للاتفاق على لغة للإشارة

لم تخدمنا الكتب المطبوعة فتوجهنا للإنترنت للاتفاق على لغة للإشارة

عندما بحثت عن إحدى الكلمات المتعلقة بالكمبيوتر في محرك البحث الشهير جوجل، فوجئت بأنه قد أحالني إلى إحدى المواقع المتعلقة بالصم، وقد وضعها في مركز متقدم في البحث، وكان اعتقادي أني لن أجد معلومات جديدة بسبب طبيعة الموقع المخصص للصم فقط.
لكن هذا الحكم المسبق والسريع عن الموقع تغير مع حب الاستطلاع لمثل هذه المواقع المخصصة لفئة معينة من المجتمع، مع اعتقادي الجازم بأني لن أجد شيئاً مختلفاً عن مواقع عديدة تعتمد على استنساخ المعلومة من موقع لآخر دون تطويرها.
لكن الموقع خيب ظني بوجود مدخل كامل عن الكمبيوتر، وزاد في حيرتي بشكل أكبر عندما لم أستطع أن أعرف كلمة واحدة عند الضغط على الكلمة المراد البحث عنها، فقد وجدت أن الحديث عنها كان بواسطة شخص يحرك يديه وفمه بلغة الإشارة، وهي ما يستخدمه الأصم للتواصل.
وأرجو ألا يفوتك أخي القارئ أن الأصم يستطيع القراءة، فما السبب في أن تتحول لغة من لغة مكتوبة إلى لغة إشارة، قد تأخذ مزيداً من الوقت والجهد.
"الاقتصادية" التقت نبيل محمد حسن منيسي، أحد المشرفين على الموقع، ومبرمج الخطوط، الذي عمل عضواً في هيئة تدريس معهد الإدارة العامة في الرياض، خلال الفترة ما بين عامي 1408 و1412 في الكمبيوتر، قام خلالها بتدريب العديد من الصم بعد ابتعاثهم من قبل الدوائر الحكومية التابعين لها لتطوير أنفسهم، وحصلوا على دورات في مجال الكمبيوتر، بعدها انتقل إلى معهد الأمل للصم في الأحساء كمعلم للكمبيوتر حتى عام 1424هـ، وقام بتصميم خطوط أبجدية إرشادية صممت مرفقة بالحرف المكتوب حتى تسهل من التواصل معهم وفهم حديثهم مرجعاً الفضل بعد الله إلى التقنية في انتشار وتوحيد لغة الصم في الدول العربية، وكان معه الحوار التالي:

نعرف أن الأصم يستطيع القراءة، ويتميز موقعكم بوجود لغة التخاطب المخصصة للصم، ألم تكن اللغة المكتوبة أسهل وأسرع في إنشاء الموقع؟
يعود ذلك إلى طبيعة الأصم، فالأصل في اللغة أنها مسموعة ينطقها الإنسان بلسانه وشفتيه فيسمعها الآخر بأذنيه، ولكن المعوق سمعياً لديه مشكلة في السمع، وبالتبعية فهو لا يمكنه النطق لأنه لم يسمع أصلاً، ومن هنا وللتواصل معهم كان لا بد من ترجمة اللغة المسموعة إلى لغة مرئية بالعين، وذلك بالتعبير عن الكلمات بإشارات من اليدين وحركات من الشفتين وإيماءات وتعبيرات بالوجه. فالأصم سيتمكن من الرؤية بالعينين وفهم المعنى، وبهذا يكون قد قام بالتعبير عن نفسه واحتياجاته و إيصال أفكاره، ونكون بالطريقة المستخدمة باستخدام الإشارات قد سهلنا على الأصم أن يفهم المعنى بسرعة وبلغة سريعة. كما أننا لا نفترض أن أي شخص أصم يستطيع القراءة، وعندما تتعامل معه فإنك لن تستخدم ورقة وقلماً للحديث معه، لكنك ستجد لغة أسهل في التخاطب معه عبر الإشارة.
وكما تتكون الكلمة في اللغة من حروف، أيضا تم التعبير عن كل حرف بإشارات من أصابع اليد للتعبير عن هذا الحرف، فكان إطلاق مدخل الكمبيوتر لتوضيح استخدامات أجزاء الكمبيوتر المختلفة وفق لغة الإشارة، وهي التي قادتك إلى موقعنا القاموس الإشاري العربي للصم www.menasy.com ، ويعتبر مدخل الكمبيوتر أحد المداخل المهمة في الموقع.

كيف جاءت فكرة الموقع؟ وما الوقت الذي استغرق لتهيئته؟
جاءت فكرة الموقع عندما قامت ثلاث جهات بجهد مشكور لتوحيد لغة الإشارة للصم على مستوى الوطن العربي، وهي الأمانة العامة لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب التابعة للجامعة العربية، كذلك المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم. وكان من ثمار هذا التعاون الاتفاق على الإشارات للكلمات في القاموس الإشاري العربي للصم، وصدر الجزء الأول من هذا القاموس على هيئة كتاب مطبوع، طبعته مطابع الجامعة العربية بتونس عام 2001. وقد وجد المستفيدون منه صعوبة في تفسير الصور الثابتة المطبوعة في هذا الوقت، فكانت فكرة الموقع أن يتم نشر هذا القاموس على الإنترنت واستخدام التقنيات الحديثة التي يوفرها الكمبيوتر بجعل هذه الإشارات متحركة، وبالتالي تكون مفهومة من كل من يشاهدها صغيرا أو كبيرا، مع أن إمكانات الإنترنت تمكن كل من يحتاج إلى تعلم هذه اللغة في أي مكان على إمكانية الوصول إلى هذا العمل بعكس الكتاب المطبوع الذي تكون إمكانية نشره والوصول إليه محدودة بالطبع . وتواصل العمل فيه حتى صدر الجزء الثاني من هذا القاموس برعاية كريمة من الحكومة القطرية ممثلة في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، صدر الجزء الثاني من القاموس الإشاري العربي للصم بالدوحة عام 2007، وبالتالي فإن عملنا مستمر منذ عام 2001 وحتى الآن. ونحن نستهدف من إنشاء هذا الموقع الفئة العمرية ما بين ست سنوات إلى 80 سنة.

ما نظرتكم للمواقع المتخصصة للصم؟
الحمد لله بدأت المواقع التي تهتمم بنشر التوعية بالاهتمام الشامل بالمعوقين من جميع النواحي التعليمية والتثقيفية والاجتماعية والثقافية، مثل المنتدى السعودية للتربية الخاصة http://www.khass.com/vb/ والشبكة العربية لذوي الاحتياجات الخاصة http://www.arabnet.ws/vb/

هل يعد الموقع فقط مخصصا لفئة الصم، أم أن هناك فئات أخرى؟
بالطبع الموقع مخصص بالدرجة الأولى لفئة الصم، وقد يكون الأهم من الصم أنفسهم هو كل من يهمه التواصل والتفاهم مع الصم، مثل الأسرة، خصوصاً الوالدين والإخوة والأصدقاء والجيران وزملائهم في العمل وأبنائهم ومعلميهم في المدارس ومقدمي الخدمات لهم من الأطباء ورجال الشرطة وموظفي الدولة والقضاء في المحاكم. وإن عدت تجد أن المجتمع بالكامل يجب عليه أن يتعلم لغة الإشارة للتفاهم والتواصل مع فئة الصم.

قمتم بتصميم خطوط مخصصة بلغة الصم لإضافتها إلى محرر النصوص وورد، فما الوقت الذي استغرقه منكم عمل الخطوط؟
كما أسلفنا أن هناك فئات من المجتمع تتخاطب مع الأصم، وقد لا تجيد لغته، لكننا ببرنامج الخطوط وضعنا طريقة للتواصل، حيث إن الحروف على لوحة المفاتيح متناسقة مع الحرف المراد كتابته. فبالإمكان كتابة اللوحات الإرشادية لهم في أحد القطاعات الخدمية دون الرجوع إلى أحد المتخصصين. وقد قمنا بإطلاق برنامج الأبجدية الإشارية بنسخته الأولى قبل عشر سنوات، حيث صدرت النسخة الأولى على نظام ويندوز 95، ثم طورنا البرنامج لمواكبة الإصدارات المختلفة للويندوز، ويعمل حالياً مع إصدار xp، وما زال العمل مستمر ودائم للتطوير والتحسين. وتم تصميم البرنامج بلغة c++، وبالنسبة للاعتماد فقد حصلنا على اعتماد الاتحاد العربي للهيئات العاملة في رعاية وتعليم الصم، وصدرت في الجزء الأول والثاني من القاموس الإشاري العربي.

ما الفئة المستهدفة بعمل هذه الخطوط ؟
هذه الوصلة التقنية جعلتنا نتعامل مع من يحتاج إليها من المعوقين سمعياً على مستوى العالم، والمعلمين الذين يعلمون المصابين بالصمم، حيث يمكنهم استخدام هذا الخط في تدريب الطلاب على الأبجدية الإشارية العربية والإنجليزية، أو في إنتاج الوسائل التعليمية والراغبين في التعلم. كما أن المراكز والهيئات العاملة بإمكانها استخدام البرنامج لتوصيل المعلومة إلى الأصم لأن الحرف بالإشارية مقترن بالحرف المعروف، ويمكن الكتابة كما هي الكتابة على لوحة المفاتيح .

كيف تجدون التوجه من قبل الجهات المعنية بالتقنية نحو فئة الصم؟ وهل هناك دورات نحو استخدام الكمبيوتر وأخرى نحو التوعية؟
تهتم الحكومة السعودية، حفظها الله، ممثلة في وزارة التربية والتعليم بتدريس التقنية نحو فئة الصم، فقد كان التخصص المهني الأول لطلاب الثانوية المهيئة للصم هو الكمبيوتر، ويدرس الطلاب مواد بالكمبيوتر تؤهلهم لأن يصبحوا موظفين على برامج، كأعمال السكرتارية و إدخال البيانات وأعمال الطباعة وتصميم الجرافيكس، وذلك منذ أكثر من 15 عاما في معاهد منتشرة في جميع أنحاء المملكة, وحاليا زادت الرعاية لهم بأن أصبح بإمكان الصم إتمام دراساتهم الجامعية في الكليات التقنية في تخصصات الكمبيوتر. كما أن القطاعات المختلفة كانت تبعث موظفيها الذين كان من بيهم من هو أصم للمعهد الإدارة العامة، والذي كان يقدم لهم الدورات بلغتهم.

هل تواجهون عقبات تعوق طموحاتكم ومطالبات تتمنون تحقيقها؟
يعاني الإخوة من الصم من غلاء أسعار الاتصالات، وكما تعرف فإنهم يستخدمون الاتصال المرئي، فنتمنى من الشركات المقدمة للخدمة أن تراعيهم من هذا الجانب. وبالنسبة لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات نتمنى أن يوجدوا بعض المبادرات الخاصة بالصم. ومن وزارة الخدمة المدنية توفير وظائف تناسب حالهم، وإعطائهم نسبة من عدد الوظائف المتوافرة، ومساعدتهم على اختبارات التوظف أسوة بما كان متبعا سابقاً.

الأكثر قراءة