البيانات البريطانية تكشف مشاكل القطاع البنكي وتوتر أسواق المال
ظلت المخاوف من التضخم على رأس أجندة السوق المالية أمس في الوقت الذي أبرزت فيه بيانات نشطة للغاية حول الأسعار الاستهلاكية في بريطانيا المشكلات التي تواجه البنوك المركزية حول العالم وثبتت أسعار النفط عند أرقام قياسية مرتفعة.
ارتفع مؤشر تضخم الأسعار الاستهلاكية في بريطانيا بنسبة مئوية مقدارها 3 في المائة في شهر نيسان (أبريل)، بعد أن كان 2.5 في المائة في شهر آذار (مارس)، وبالتالي فاق التوقعات بكثير.
جاءت بيانات مؤشر الأسعار الاستهلاكية في أعقاب البيانات القوية من أسعار الإنتاج في بريطانيا والبيانات البطيئة حول أسعار التجزئة في بريطانيا وأسعار المساكن أمس.
قال هوارد آرتشر، كبير اقتصاديي بريطانيا في جلوبال إنسايت: "إن تضخم الأسعار الاستهلاكية هو أعلى بصورة واضحة من الرقم المستهدف، ولا يزال متصاعداً، في حين أن مراقب أسعار التجزئة أشار إلى أداء ضعيف للغاية، وأدى بيان سوق الإسكان RICS عن شهر نيسان (أبريل) إلى تعميق المخاوف من أن التباطؤ الاقتصادي آخذ بالتعمق".
"بالتالي فإنه سيتعين على البنك المركزي البريطاني أن يتبع سياسة نقدية حذرة للغاية".
المستثمرون ينتظرون الآن في حالة من الترقب الشديد الأرقام الخاصة بالتضخم في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، التي من المقرر صدورها اليوم وغداً.
قالت كاميلا ساتون، من سكوشيا كابيتال، إن التحول في تركيز السوق من جديد نحو التضخم أبرز النقطة التي تقول إنه في حين أن العصب الاقتصادي الأمريكي ظل ضعيفاً، إلا أن البنك المركزي الأمريكي استبق دورة التخفيف النقدي، وهو من شأنه أن يساعد على تحفيز النمو.
"بالتالي فإنه في حين أن البنوك المركزية الأخرى تواجه الاحتمال الحقيقي بصورة متزايدة وهو تصاعد الضغوط التضخمية، حتى في الوقت الذي تتباطأ فيه اقتصادات بلدانها، إلا أن البنك المركزي الأمريكي في وضع يُحسَد عليه على نحو غريب، على اعتبار أنه قام أصلاً بتخفيض أسعار الفائدة بصورة عجيبة ويستطيع الآن إكمال دورته".
الواقع أنه كانت هناك أخبار أفضل قليلاً من المتوقع حول الاقتصاد الأمريكي، رغم أن المحللين يحذرون من الإفراط في التفاؤل.
هبطت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 0.2 في المائة في الشهر الماضي، رغم أن المبيعات بخلاف السيارات ارتفعت على نحو غير متوقع بنسبة نشطة مقدارها 0.5 في المائة.
قال درو ماتوس، وهو اقتصادي أول لدى بنك ليمان براذرز، إن قوة التقرير عملت على تذكير الناس بمتانة وصلابة المستهلك الأمريكي.
وقال: "ولكن مع تدهور الظروف وتراخي الآثار الإيجابية المحتملة على الإنفاق من الرديات الضريبية خلال الأشهر القليلة المقبلة، فإننا نتوقع أن نرى المستهلك الأمريكي وهو يتخندق خلف الإنفاق".
الأمر الذي ضاعف من مخاوف المستثمرين من التضخم هو الخبر الذي أذيع عن أن أسعار الواردات الأمريكية ارتفعت بنسبة 15.4 في المائة في السنة المنتهية في شهر نيسان (أبريل)، وهي أكبر زيادة سنوية منذ أن نشر المؤشر للمرة الأولى في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1992.
استمر التوتر في أسواق المال في إظهار علامات على التخفيف في الوقت الذي هبط فيه الفرق المعروف بفرق TED، أي الفجوة بين أسعار فائدة ليبور للقروض بين البنوك في لندن على الدولار لأجل ثلاثة أشهر وبين العائد على سندات الخزينة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر، هبط إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر تقريباً.
واصلت أسواق الائتمان تحسنها في أعقاب التوسع الكبير في الفروق بين العوائد على السندات الذي شوهد في الأسبوع الماضي. هبط مؤشر آي تراكس (وهو مؤشر لمستوى الائتمان يراقبه المحللون عن كثب) هبط بمقدار 12 نقطة أساس ليصل إلى 433 نقطة أساس، في حين أن مؤشر سي دي إكس للسندات الممتازة في الولايات المتحدة هبط من جديد إلى ما دون 100 نقطة أساس.
ولكن أسواق الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا لم يكن لديها ما يبعث على الابتهاج في الوقت الذي أعطت فيه مجموعة وول مارت آفاقاً كئيبة غير مشجعة وقالت كريدي أجريكول إنها تنظر في زيادة رأسمالها بقيمة 5.9 مليار يورو بعد أن قامت بالمزيد من تخفيض قيمة الموجودات في دفاترها.
في نيويورك بحلول منتصف النهار هبط مؤشر ستاندارد آند بورز بمقدار 0.3 في المائة، في أعقاب ارتفاعه القوي يوم الإثنين. وفي أوروبا انتهى مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 دون تغيير.
من جانب آخر, كان أداء الأسواق الآسيوية مشجعاً أكثر من ذي قبل، حيث ارتفع مؤشر "نيكاي 225" في طوكيو بنسبة 1.5 في المائة، وارتفع مؤشر تايبيه بمقدار 1.8 في المائة، وارتفع مؤشر سيئول بمقدار 1.1 في المائة. هبط مؤشر شنغهاي بمقدار 1.8 في المائة في أعقاب الزلزال الهائل في مقاطعة سيشوان، ولكن هونج كونج سار بقوة لينتهي عند الإقفال بزيادة مقدارها 2 في المائة.
هبطت السندات الحكومية الأوروبية من جديد بعد أن أشار مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إلى أن الحاجة تدعو إلى أن تظل أسعار الفائدة عند أعلى معدل لها منذ ست سنوات، في سبيل السيطرة على التضخم. في ألمانيا ارتفعت سندات الخزانة الألمانية لأجل سنتين (الحساسة لأسعار الفائدة) بمقدار عشر نقاط أساس لتصل إلى 3.81 في المائة. كذلك هبطت سندات الخزانة الأمريكية وسط مخاوف من التضخم، وارتفع العائد على السندات لأجل سنتين بمقدار تسع نقاط، ليصل إلى 2.41 في المائة.