4 قرارات نحو التكامل بين أسواق المال .. أولها تحرير تداول الأسهم

4 قرارات نحو التكامل بين أسواق المال .. أولها تحرير تداول الأسهم

4 قرارات نحو التكامل بين أسواق المال .. أولها تحرير تداول الأسهم

أحرزت دول مجلس التعاون الخليجي مستوى عاليا من التقارب في السياسات الاقتصادية كافة، ولاسيما السياسات المالية والنقدية والتشريعات المصرفية، إلى جانب وضع معايير لتقريب معدّلات الأداء الاقتصادي ذات الأهمية لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
ومن بين تلك الخطوات، سعي دول المجلس إلى تحقيق التكامل بين أسواقها المالية وتوحيد السياسات والأنظمة المتعلقة بها، والتي مرت بعدة مراحل أولها إقرار المجلس الأعلى في دورته التاسعة (ديسمبر 1988) بالسماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم الشركات المساهمة ونقل ملكيتها وفقاً لعدد من القواعد التنظيمية لذلك، والتي تم تعديلها في قرار المجلس الأعلى في دورته الخامسة عشرة (نوفمبر 1994) وتجيز تلك القواعد استثناء بعض الشركات كشركات التأمين والبنوك، كما تسمح بوضع قيود أخرى على تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات، وقد أصدرت جميع دول المجلس عدا قطر في حينه القرارات الداخلية لتنفيذ هذا القرار. ولكن عند التطبيق العملي لقواعد تملك وتداول الأسهم المشار إليها أثبت قلة المستفيدين منها وإحجام مواطني دول المجلس عن الاستثمار في هذا المجال بسبب صرامة الضوابط المرفقة بقرارات السماح لمواطني دول المجلس والاستثناءات التي وضعت لذلك، لذا وانسجاماً مع الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، صدر قرار المجلس الأعلى في دورته الثالثة والعشرين (ديسمبر 2002) بالنص على المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات، وإزالة القيود التي قد تمنع من ذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2003. وفي نهاية عام 2005 كانت جميع الدول الأعضاء قد أصدرت قرارات تمنح المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في هذا المجال، ضمن ضوابط محددة في بعض الحالات.
ونظراً إلى أن تطبيق قرار المجلس الأعلى على أرض الواقع يتطلب وضع آليات فنية وقانونية تتيح للمواطنين والمؤسسات المالية وشركات الوساطة المالية فرصة الاستفادة من ذلك القرار، فقد كُلّفت شركة استشارية دولية بإعداد الآليات اللازمة لتطوير وتكامل الأسواق المالية بين دول المجلس، وتم إنجاز الدراسة في نيسان (أبريل) عام 2005، حيث تعكف اللجان المختصة في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بمراجعة هذه الآليات تمهيداً لرفعها إلى المجلس الأعلى لإقرارها.

إزالة القيود على تملك الخليجيين للأسهم

وتأتي انطلاقة السوق الخليجية المشتركة رسميا مطلع هذا العام وبعد مضي 26 عاما من مسيرة العمل الخليجي المشترك تتويجا للجهود التنسيقية التي بذلت من قبل اللجان المختصة في الدول الأعضاء بوضع التنظيمات والقرارات المتعلقة بتحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية بما في ذلك المساواة التامة بين مواطني دول المجلس في الأحكام والشروط نفسها التي يخضع لها مواطن كل دولة في مجال تملك الأسهم المُدرجة في السوق وتداولها سواء من الأشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بجنسية إحدى دول مجلس التعاون أو الشخصيات الاعتبارية المملوك غالبية رأسمالها لمواطني دول المجلس أو حكوماتها وتتمتع بجنسية إحدى الدول الأعضاء. وهو ما تضمنته المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية لدول المجلس والتي تنص على "أن يعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء معاملة مواطنيها نفسها دون تفريق أو تمييز في المجالات الاقتصادية كافة، ومنها تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات"، بحيث لن يكون هناك أي نوع من القيود المفروضة من قبل الجهات المسؤولة عن أسواق المال على نسبة تملك الخليجيين في الشركات المساهمة، وأن المرجعية في هذا الأمر ستكون هي النظام الأساسي لكل شركة مساهمة.

إيجاد سوق مشتركة لاستيعاب السيولة الضخمة

أمام ذلك، دعا محللون ماليون وخبراء في مجال أسواق الأسهم إلى ضرورة العمل على تأسيس سوق مالية خليجية موحدة تستوعب السيولة المالية الضخمة التي يتم التداول بها يوميا في الأسواق الخليجية، ما يدعم حلم المنطقة بالوحدة الاقتصادية المشتركة.
وأكدوا أن المستثمرين الخليجيين أصبحوا أكثر دراية بقواعد الاستثمار في أسواق المال، الأمر الذي ينبغي على المسؤولين التفكير فيه بجدية لامتصاص هذه السيولة وإعادة توظيفها أو استثمارها في المنطقة بدلا من هجرتها والدخول في أسواق عالمية تكون مخاطرها غير محسوبة، مشيرين في هذا الصدد إلى أن هناك عددا من الشركات الخليجية تستثمر أموالها في معظم دول العالم بملايين الدولارات ومن الطبيعي البحث عن صيغ مناسبة لإغرائها بالعودة إلى الاستثمار في منطقة الخليج.

حجم القيمة السوقية للبورصة تريليون دولار

ويرى المحللون أن الفرصة في منطقة الخليج مواتية أكثر من أي وقت مضى لتأسيس بورصة موحدة لأسواق المال دون السعي لاستصدار قانون خليجي لتنظيمها, لأن الواقع يشير إلى أن الشركات الخليجية تداول في الأسواق الحالية بكل سهولة ويسر، خاصة أن المتابع لشروط الإدراج أو الأنظمة المعمولة بها في أسواق المال الخليجية يلحظ أنها متشابهة إلى حد ما، الأمر الذي يمهد إلى خروج المشروع إلى حيز التنفيذ الذي بدوره سيسهم لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة ورسم خريطة جديدة لها ضمن الأسواق العالمية، متوقعين أن يبلغ حجم القيمة السوقية للسوق الخليجية الموحدة في حال ظهورها نحو التريليون دولار, ولاسيما بالنظر إلى الشركات العملاقة المدرجة في الأسواق المحلية للدول الأعضاء التي تتجاوز رساميلها مئات الملايين من الدولارات.

جذب رساميل أجنبية جديدة

ولفت المحللون إلى أن إيجابيات سوق المال الخليجية الموحدة ستكون متعددة, لأنها ستعمل على تحسين صورة المنطقة استثماريا مما تجذب رؤوس أموال جديدة, وتغري الأجانب إلى ضخ المزيد من استثماراتهم في سوق تتبع معايير عالمية, ما يصب في صالح الاقتصادات الخليجية، داعين إلى تكاتف مسؤولي أسواق المال الخليجية من أجل توحيد النظم الكفيلة بإخراج المشروع على أكمل وجه في حال وجدت الرغبة الرسمية في إنشائه.

نجاح السوق مرهون بإصدار العملة الموحدة

في حين ذهب بعض المحللين إلى أن نجاح مثل هذه الخطوة مرهون بموضوع إصدار عملة خليجية موحدة، معللين ذلك في أن التعامل بعملة واحدة سيقضي على المخاطر المتعلقة بأسعار صرف العملات الخليجية ويعمق مفهوم السوق الواحدة، وهو الأمر الذي سيسهم بشكل فاعل في تطوير وتكامل الأسواق المالية الخليجية خاصة سوق السندات، ويساعد على تطوير أسواق الأسهم, ويؤثر فيها تأثيرا ملحوظا من حيث الحجم والعمق والسيولة.

الأكثر قراءة