السكري يشكل العبء الأكبر على دول العالم
تنبأت منظمة الصحة العالمية زيادة تفشي داء السكري عبر العالم بنسبة قد تصل إلى (39%) بين عام (2000 – 2030م), إلا أن مجلة لانست الطبية الشهيرة أظهرت أن هذا العدد من الممكن أن يكون مبالغا فيه وقيد التخمين.
ولكن باستعمال البيانات السكانية الواردة من مناطق متفرقة في العالم يمكن ملاحظة ارتفاع كبير في نسبة تفشي داء السكري، فقد وصلت النسبة إلى ما يقارب (69 %) في الفترة من عام (1995 – 2005م), وهذه نسبة تزيد على نسبة تنبؤ منظمة الصحة العالمية.
وفي دراسة حديثة أكد الباحثون أن مستويات الإصابة بداء السكري المتصاعدة والملحوظة من الممكن أن ترد ولو بشكل جزئي إلى الهجرة الواسعة من أقاليم سكانها عرضة للإصابة بهذا المرض, وخاصة الدول الواقعة في جنوب آسيا.
وأشارت الدراسة إلى أن الأصل العرقي يشكل عاملا معروفا من عوامل الإصابة بداء السكري، فقد لوحظ انتشاره بين الأفارقة، والكاريبيين (سكان أمريكا اللاتينية)، وكل المنحدرين من الأصول الآسيوية.
ويقول الدكتور خالد الربيعان استشاري الغدد الصماء والكلى ومدير المركز الجامعي للسكري في جامعة الملك سعود إن داء السكري من حيث انتشاره على المستوى العالمي قد جاوز ما كان معروفاً سابقاً وهو 5 في المائة ليستقر عند 7 في المائة وقال إن داء السكري يستنزف 33 في المائة من ميزانيات الصحة في الدول الأوروبية ويكلف الولايات المتحدة الأمريكية 115 مليار دولار سنويا حسب إحصائيات عام 2004, وعن التكلفة المباشرة على مستوى المملكة يقول الدكتور الربيعان إنه لا توجد حاليا دراسات ميدانية منشوره بهذا الخصوص لكنه يضيف أنه باستخدام الطرق الحسابية ذات الدقة العالية فإنه من المتوقع أن يكلف النوع الأول من السكري خزانة الدولة ما يقارب 1.3 مليار ريال سنويا في الوقت الذي يكلف فيه النوع الثاني الأوسع انتشار خزانة الدولة 4.6 مليار سنويا أي بأجمالي قدره 5.9 مليار ريال سنويا كتكلفة مباشرة, ويضيف يكفي لتأكيد هذا الرقم أن نعرف أن مرضى السكري الذين أصيبوا بالفشل الكلوي التام ويحتاجون إلى الغسيل الدموي يبلغ عددهم حاليا ما يقارب أو يزيد على ثلاثة آلاف مريض حسب تقرير المركز الوطني لزراعة الأعضاء ويكلف هؤلاء المرضى خزانة الدولة ما يقارب ثلث مليار ريال سنوياً لعملية الغسيل فقط.
وكل من أصيب بهذا المرض فهو في مرحلة خطر متزايدة من المضاعفات بما فيها بتر الأعضاء، والفشل الكلوي. وهذه المراحل الخطرة تتطلب جهدا فائقا من العناية والوقاية، وبخاصة بين أوساط الأقليات العرقية والشباب إذا أردنا أن نحقق مستويات عالية من انخفاض معدل الوفيات وإطالة أمد الحياة.
ويجب على الجهات الصحية المعنية في تلك البلدان عمل برامج مسح شاملة ومنظمة للحالات الحرجة والتشخيص المبكر لها والتحكم الفعال في المضاعفات الناتجة عن الإصابة بهذا الداء، وهذا يعني أن الوقاية هي أفضل الطرق لخفض الأعباء الناتجة عن الإصابة بداء السكري.
كما يجب على الأطباء المعنيين أن يكونوا على دراية بالتأثيرات الحضارية التي تطرأ على المواطنين وخاصة المعرضين للإصابة به، مثل: الحمية, وأسلوب المعيشة, وطرق العناية الصحية.
ويعد تثقيف المجموعات العرقية المعرضة للإصابة بهذا المرض، وإعلام المؤسسات المعنية، ووضع مقاييس وقائية والعناية الفعالة من الأمور التي أصبحت ضرورة ملحة يجب علينا القيام بها.
وعلى كل حال, يجب تحقيق مستوى عناية متساوٍ لجميع المرضى المصابين بالسكري؛ وذلك للحد من تفشي هذا الداء لدى الأقليات العرقية المعرضة للإصابة به ووصولهم إلى مرحلة حرجة؛ فمقياس واحد لجميع التطورات ليس مثاليا لعلاج الأمراض التي تؤثر في المواطنين. فكل بلد يحتاج إلى وضع خطة عناية خاصة به؛ تعتمد على التصنيف العرقي لمواطنيه, وذلك للسيطرة العالمية الفعالة على داء السكري.