بين واشنطن وطهران.. حسابات على القائمة السوداء بسبب مكان الإقامة

بين واشنطن وطهران.. حسابات على القائمة السوداء بسبب مكان الإقامة

بين واشنطن وطهران.. حسابات على القائمة السوداء بسبب مكان الإقامة

تجميد حسابك بسبب عنوانك، المسألة ليست شخصية، بدت موظفة البنك آسفة إلى حد بعيد وهي تبلغني بأن التعامل معي لم يعد مرغوباً فيه لأنني أعيش في إيران التي تخضع لعقوبات مشددة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة بسبب طموحاتها النووية المتنازع عليها.
تجادلت معها عبر الهاتف وقلت "لكنني مواطن من الاتحاد الأوروبي"، ولكن بلا طائل، تم تجميد الحساب الذي فتحته لدى بنك بروكسل لامبرت "بي. بي. ال" عندما كنت أعمل في العاصمة البلجيكية في منتصف التسعينيات ويتعين علي نقل أموالي إلى بنك آخر.
أبلغتني بأن إيران تأتي ضمن "قائمة سوداء" تلقاها البنك، وقالت "من المستحيل التعامل مع عنوانك"، ورغم أنني أقيم في طهران منذ العام الماضي إلا أن هذه هي المرة الأولى التي أتأثر فيها شخصياً بالعقوبات المالية وغيرها من العقوبات التي فرضت على رابع أكبر منتج للنفط في العالم.
وفي ظل قيام بنوك غربية بقطع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية تتزايد صعوبة نقل الأموال إلى البلد البالغ عدد سكانه نحو 70 مليون نسمة، وتجبر العزلة المالية المتزايدة لطهران البعض على جلب الأموال معهم على الطائرة من دبي المركز التجاري في الخليج أو غيرها في لفات من الأوراق المالية فئة مائة دولار.
ويشكو أصدقاء إيرانيون ومغتربون آخرون أعرفهم أيضاً من أنه لم يعد في مقدورهم فتح أو الاحتفاظ بحسابات بالدولار في الخارج، لكنني مازلت مندهشاً من مكالمة تلقيتها من مجموعة الخدمات المالية الهولندية "إي.إن.جي" التي اشترت "بي. بي. إل" في أواخر التسعينيات تبلغني بوجود مشكلة بخصوص حسابي.
اعتقدت أن الحساب آمن نظرا لأنه كان باليورو ولأنه لم يسبق لي قط أن استخدمته في نقل أموال من إيران أو إليها، لذلك اتصلت هاتفياً بفرع البنك في بروكسل الذي تعاملت معه على مدى أكثر من عشر سنوات، لكن موظفة البنك أكدت لي النبأ وقالت "إنها السياسة الدولية بحسب فهمي".
وزاد المتحدث باسم "إي. إن. جي" في أمستردام ريموند فيرمولين الأمر وضوحاً بالنسبة لي، وقال فيرمولين إن البنك اتخذ "قراراً عملياً" في العام الماضي بوقف أغلب التعاملات المرتبطة بإيران لكن عدد العملاء المتأثرين محدود.
وقال "هناك مجموعة كاملة من القواعد والعقوبات الدولية وهي تتطلب إجراءات فحص مكثفة وعمليات إثبات للامتثال"،أدى هذا إلى زيادة كبيرة في تكاليف معالجة التعاملات مع بلد مثل إيران".
وأفاد التقرير السنوي لبنك "أي. إن. جي" لعام 2007 أنه بصدد وقف التعامل مع كوريا الشمالية وميانمار والسودان وسورية وكوبا وجميعها دول تواجه إجراءات عقابية أمريكية مختلفة.
وتتصدر واشنطن حملة لعزل طهران بسبب أنشطة تشتبه في أنها تهدف لصنع أسلحة نووية وهو ما تنفيه إيران، لكن فيرمولين امتنع عن قول ما إذا كانت الضغوط الأمريكية لعبت دوراً في قرار "إي. إن. جي".
راودتني فكرة تحدي البنك لكنني آثرت في النهاية نقل أموالي إلى بنك آخر في أوروبا في الوقت الذي تأملت فيه كيف أن أصولي المالية المتواضعة حصرت وسط مواجهة متصاعدة بشأن برنامج إيران النووي.
وأوقفت بنوك غربية من بينها دويتشه بنك وإتش.إس. بي.سي وكريدي سويس تعاملاتها بالدولار مع ايران أو قطعت علاقاتها معها برمتها، وتشير أدلة جمعت من روايات لأفراد إلى أنه لا تزال هناك سبلاً للتحايل على العقوبات.
ويقول زميل سويدي إن في إمكانه تحويل أموال إلى إيران من خلال البنك الذي يتعامل معه في الدول الاسكندنافية، كما تتلقى امرأة إيرانية أعرفها أموالاً من فرنسا عبر دولة ثالثة، ويعطي آخرون عناوينهم خارج إيران حتى تظل حساباتهم سارية، غير أن الخناق يضيق شيئا فشيئا على ما يبدو مع انخفاض عدد البنوك المستعدة للدخول في أي تعاملات مرتبطة بإيران.
وقال ستيوارت ليفي المسؤول الكبير في وزارة الخزانة الأمريكية الشهر الماضي "استجابة للتحركات الأمريكية والمتعددة الأطراف، أوقفت المؤسسات المالية الرائدة في العالم إلى حد كبير التعامل مع إيران، ةلا سيما مع البنوك الإيرانية، بأي عملة".
وهونت إيران التي تقول إنها جنت 70 مليار دولار من صادرات النفط خلال العام الماضي من تأثير العقوبات، لكن بالنسبة لي .. على الأقل .. فقد بدأت أشعر بوطأة العقوبات.

الأكثر قراءة