شجون في التدريب

شجون في التدريب

التطوير والتغيير أمران ملحان في الحياة بشكل عام، فالنفس البشرية بطبعها ملولة تكره التكرار في الأشياء دائما، وكذلك القلوب تمل أيضا فهي في حاجة دائما إلى التغيير والترويح عن النفس أحيانا.
ما أريد قوله هو ما شد انتباهي من قيام وزارة التربية والتعليم بتخصيص 250 مليون ريال فقط لتدريب المعلمين، وذلك ضمن مشروع تطوير التعليم الذي تتعدى مخصصاته تسعة مليارات ريال، وفي نظري أن هذا مبلغ زهيد مقابل الخروج بتعليم متطور ومفيد ومخرجات يعول عليها، فمتى أردنا أن نطور في التعليم بجميع مراحله فعلينا الاهتمام بالمعلم أولا وأخيرا.
لست بصدد الآن أن أتحدث عن حقوق المعلم المادية المهضومة فقد أصبحت واضحة للعيان، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة وعلم بها القاصي والداني، وكثيرا ما تخرج الوزارة وتصرح بين الفينة والأخرى بتحسين مستويات أعداد كبيرة من المعلمين كل مرة، ولكن ليست كلها ترى النور، وهناك قضية مرفوعة من عدد من المعلمين يطالبون فيها بحقوقهم الضائعة، وأعتقد أن الوزارة نفسها هي السبب في ذلك!! نعم لأنها لم تف بمتطلبات المعلمين والتزامها تجاههم.
ما نود الحديث عنه حقيقة موضوع التدريب وهو في رأيي أمر مهم جدا، وقد أعجبت بطرح أحد الزملاء المعلمين في هذه الصفحة عن أهمية التدريب وضرورة جعله إلزاميا لكل معلم ومعلمة شرط أن يكون في مكان المعلم، أي في مدرسته، وأن يحسب ضمن الجدول اليومي الدراسي، فبهذه الطريقة نضمن أن يكون التدريب فاعلاً ومؤثرا، إضافة إلى الدورات المسائية لمن أراد الاستفادة أو الاستزادة.
وقد يرى البعض أن هذا أمر فيه صعوبة من حيث تنقل المدربين بين المدارس لإعطاء الدروس والمحاضرات، ولكن لا أظن أن هناك صعوبة تذكر، فعدد المعلمين في المدرسة يفوق 40 معلما، وهذا عدد مناسب جدا لإقامة عدد من الدورات واستفادة أكبر عدد منها، كما يمكن الاستعانة بمدارس قريبة في الحي نفسه لأخذ دورات متخصصة لأصحاب تخصصات معينة بعينها مثل الرياضيات، واللغة العربية، والعلوم وغيرها.
ويجب حقيقة أن نهتم بأن يتم التدريب بشكل أسبوعي كأن تكون هناك حصتان على الأقل في جدول المعلم الدراسي للتدريب، وتدخل ضمن نصابه كأن يأخذ 22 حصة مثلا ـ وهي بالفعل كثيرة ـ ويكمل النصاب بحصتين تدريبيتين ليكون النصاب قد اكتمل.
التدريب أمر حيوي ومهم في حياة كل موظف وموظفة، ولا بد من تفعيله وتقنينه، وإذا كان هناك توجه حقيقي من وزارة التربية والتعليم إلى تدريب معلميها وتحسين مستوياتهم، الأمر الذي سينعكس بكل تأكيد إيجابا على العملية التعليمية ومخرجات التعليم، فلا بد أن تلتفت إلى هذا الموضوع المهم جدا، وهو تدريب المعلمين في مدارسهم وتخفيض أنصبتهم الدراسية اليومية.
وأخيرا يجب أن يكون المدربون على قدر عال من التأهيل ويكونوا من الأكاديميين الممارسين، ونشدد على الممارسين، إضافة إلى عدد من أصحاب الخبرات الجيدة من المعلمين ممن هم على رأس العمل والتشديد على أن يكونوا من المتميزين، وممن يشهد لهم بالكفاءة إلى جانب الخبرة وهم كثر، ولله الحمد، فقط يحتاجون إلى البحث عنهم أو إعطائهم الفرصة للبروز، ليتبقى أمر مهم، وهو ضرورة ربط الدورات بعدد من المحفزات كحوافز مادية، وتقليل الأنصبة من الحصص، وهذا بالتأكيد فيه حافز كبير جدا على الإقبال على هذه الدورات حتى إن كانت إلزامية. والله من وراء القصد.

[email protected]

الأكثر قراءة