السيارات الصينية تخرج لغزو العالم لكن الطريق غير ممهد
تعمل ايرما كورتيز مندوبة مبيعات لمنتجات التنظيف وتحتاج إلى سيارة كي يمكنها الوصول إلى العملاء وقد كانت على وشك شراء أول سيارة صينية لها على الإطلاق من معرض في العاصمة الإكوادورية.. سيارة شانجي صغيرة يقل ثمنها 25 في المائة عن الطرز المنافسة.
وقالت كورتيز وهي امرأة بدينة في منتصف العمر "ابنتي طالبة اقتصاد وأخبرتني ألا أشتري سيارة صينية بسبب الاسم التجاري.. أنا شخصيا لدي بعض التحفظات بشأن الجودة لكن نظرا لوضعي الاقتصادي يبدو الأمر معقولا".
وتسير السيارات الصينية في طرق كيتو منذ عام تقريبا لكنها تتحول بسرعة إلى قوة يعتد بها في طوابير المرور الأفعوانية التي تخنق عاصمة الإكوادور ذات التلال.
ويتطلع صناع السيارات الصينيون إلى أن يكونوا قوة التصدير التالية في طرق العالم وقد جعلوا الأسواق الصاعدة من أمريكا اللاتينية إلى روسيا دليل استحقاقهم.
ولديهم ما يدعو إلى الشعور بالرضا حتى الآن.. فبحسب وزارة التجارة باعت الصين 612 ألفا و700 سيارة في الخارج العام الماضي بزيادة نحو 80 في المائة والجانب الأكبر من المبيعات في العالم النامي.
لكن مثل شركات السيارات اليابانية والكورية، التي سبقتها تجد الشركات الصينية أن عليها الفوز بالزبائن عن طريق خفض الأسعار قبل أن تستطيع ترسيخ أسمائها.
وقال رفاييل بادر المدير التجاري لدى سيناسكار أكبر مستورد للسيارات الصينية في الإكوادور وكولومبيا وفنزويلا "الناس لا يعرفون هذه السيارات. يرونها صينية فحسب ويعتقدون أن هذا يعني أنها سيئة. "إنه واقع علينا مواجهته."
وتحاول سيناسكار تغيير التصور السائد عن طريق حملة علاقات عامة وعرض فترات ضمان ممددة وأسعارا تقل من 20 إلى 25 في المائة عن المنافسين.
وتعمل الشركة في الإكوادور منذ عشرة أشهر فقط وتظهر أرقامها أنها قفزت بالفعل إلى المركز الحادي عشر من حيث الوحدات المباعة من أصل 43 موزع سيارات في البلاد.
غير أنه يصعب تبديد الشكوك حيال الجودة فالسيارة شانجي ايديال التي كانت كورتيز تفكر في شرائها فيها عيوب واضحة حتى للعين غير الخبيرة فقد لصقت علامة السيارة على عجل فيما يبدو واتخذت زاوية مائلة وقد سقط بعض الطلاء عن جسمها والفجوات بين الألواح الجانبية غير متساوية.
وحتى نكون منصفين فقد كانت شانجي من أرخص السيارات المعروضة بل إنه يصعب العثور على سيارة رخيصة هكذا في الصين إذ يستبقي المنتجون الصينيون عموما أفضل سياراتهم للسوق المحلية مستهدفين عن عمد الشريحة الدنيا من الأسواق الأجنبية.
وتلازم مخاوف السلامة السيارات الصينية في محاولاتها دخول الولايات المتحدة وأوروبا. وجاءت الحلقة الأحدث ضمن سلسلة فشل اختبارات التصادم في العام الماضي مع السيارة بريليانس بي ا التي يروج لها باعتبارها سيارة سيدان فاخرة بسعر اقتصادي.
وقالت مجلة "كار آند درايفر" لدى مراجعة نتائج الاختبار "يملك مكعب ثلج فرصة أفضل للبقاء في الصحراء الكبرى من سائق سيارة بي.ا في تصادم أمامي أو جانبي قوي".
وقد عادت بريليانس أوتو شريكة بي إم دبليو في الصين إلى لوح التصميم بعد الإحراج واقتنصت السيارة بي ا ثلاث نجوم من خمس في أحدث اختبار ممهدة الطريق أمام إطلاقها في أوروبا خلال بضعة أشهر.
ليست مفاجأة إذن أن يجد منتجو السيارات الصينيون سهولة أكبر في طرح إنتاجهم في البلدان النامية حيث معايير السلامة والانبعاثات أقل عادة.
لكن الدول الفقيرة تقدم ما هو أكثر من مجرد مسار أقل مقاومة، إذ يقول محللون إنها توفر أيضا سوقا ضخمة غير مستغلة وفرص نمو مغرية.
ومن مكتب سيناسكار في كيتو يفتح بادر المهذب ذراعيه ليظهر ما ينتظر منتجي السيارات، الذين يمكنهم تقديم أسعار رخيصة. وهو يقول إنه حتى الآن لا يستطيع 80 في المائة من الإكوادوريين شراء السيارات نظرا لتدني مستويات الدخل. وقال "نجلب فرصا للخادمة التي تحلم بامتلاك سيارة لكنها تضطر إلى التنقل بالحافلات."
بيد أن صانعي السيارات الصينيين ليسوا وحدهم في محاولة فتح الشريحة الاقتصادية في الدول النامية فقد كشفت شركة السيارات الهندية تاتا النقاب عن أرخص سيارة في السوق في كانون الثاني (يناير) بطرازها الجديد نانو الذي يبلغ ثمنه 2500 دولار وأطلق عليه "سيارة الشعب".
وتجهز "رينو" و"نيسان" و"هيونداي" خططا شبيهة. ويحذر أنصار الحفاظ على البيئة من أن انتشار السيارات منخفضة التكلفة قد ينذر إلى جانب زيادة الازدحام بكارثة لجهود كبح انبعاثات الكربون.