صفقات قطاع الإنترنت التوقيت وزمن التفاوض

صفقات قطاع الإنترنت التوقيت وزمن التفاوض

قطاع العمل على الإنترنت "أميريكا أون لاين" له تاريخ متفاوت منذ أن انضم إلى عملاق الإعلام الأمريكي "تايم وارنر" عام 2002. وفي واقع الأمر، فإن صفقة "تايم وارنر" البالغة 106 مليارات دولار لشراء قطاع العمل على الإنترنت تعد اليوم واحدة من أسوأ الصفقات في تاريخ الشركة. وعندما يسلم رئيس "تايم وارنر"، ديك بارسونز، زمام القيادة في نهاية العام إلى الرجل الثاني في القيادة، جيف بيوكيس، فيمكنه أن يكون راضياً من حيث إنه قاد الشركة في الأوقات الصعبة، وبدأ في إعادة بناء ثرواتها. وعلى أية حال، فإن مساهميها ليسوا سعداء للغاية، إن قيمة أسهم الشركة عند نحو 18 دولارا، هي تقريباً الآن بالمبلغ نفسه الذي كانت عنده عندما تسلم بارسونز المسؤولية عام 2002. وقد نبعت معظم المشكلات من "أمريكا أون لاين". وقال لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أخيرا لاري هافيرتي، مدير المحفظة في "غابيللي"، ومساهم منذ وقت طويل في "تايم وارنر": "لعب ديك دوراً سيئاً للغاية على نحو جيد جيداً. كان بإمكان "أميريكا أون لاين" أن تجلب الدمار للشركة".
كانت مشكلة "أميريكا أون لاين" في وقت اندماجها مع "تايم وارنر" هو أن نموذج الاشتراك عبر طلب الرقم والخاص بها كان يصبح عتيق الطراز. إن أمثال "جوجل"، "مايكروسوفت"، و"ياهو" كانت تمضي قدماً بنماذج الإعلان عبر الشبكة، الذي بدا أنه أفضل طريقة لجني الأموال. أما اليوم، فإن "أميريكا أون لاين" تلحق بالركب، وتهدف إلى المنافسة في الفضاء الإعلاني نفسه. ولهذا السبب، جعلت بريدها الإلكتروني وخدمات البرمجيات الأخرى مجانية للمستخدم، وباعت قطاع الوصول إلى الإنترنت الخاص بها في بريطانيا، فرنسا، وألمانيا. وفي النهاية، ربما تبيع أيضاً قطاع الوصول عبر الإنترنت الخاص بها في الولايات المتحدة والذي يملك حالياً نحو 11 مليون مشترك.
ركزت "أميريكا أون لاين" دوماً على السوق الأمريكية، ولكنها بنت أيضاً عملاً صغيراً في أوروبا، على الأخص في فرنسا, بريطانيا, وألمانيا. وتمر مقارها حالياً في هامرسميث غرب لندن بترميم تجميلي لمدخلها الأمامي. لكن الأمور لم تسر على ما يرام في أوروبا في السنوات الأخيرة أيضاً. لقد ابتلي المكتب الرئيسي المحلي بواحد من أسرع الأبواب الدوارة في تاريخ مجلس الإدارة. ويشغل دانا كوني، وهو مستشار سابق في مكنزي، آخر رئيس تنفيذي لـ "أميريكا أون لاين" في أوروبا وحل مكان فيليب راولي في أوائل هذا العام، والذي طلب منه بدوره أن يتولى القيادة مرة أخرى بعد فترة قصيرة، بصفته رئيس مجلس إدارة غير تنفيذي من أجل أن يحل مكان كارلو داسارو بيوندو، الذي استقال بعد نحو 40 يوماً فقط في المنصب.
إذا احتاجت شركة ما إلى أن تجد محيطاتها الزرقاء ومجالات مفتوحة جديدة لحيز سوقي واضح، فإن ذلك بالتأكيد أحدها. والأمر المثير للغرابة على أية حال، هو سيرها في مجال من أكثر المجالات دموية في عالم التجارة اليوم: محاولة جني الأموال عن طريق الإعلان عبر الإنترنت. فاللاعبون مثل "جوجل"، رواد العالم في هذا المجال، يتبعهم "مايكروسوفت"، وفي الآونة الأخيرة "ياهو".
اكتشفت "أميريكا أون لاين" في أوروبا استراتيجية المحيط الأزرق خلال فترة تولي راولي المنصب. يذكر أنه أصبح معنياً بالأمر بعد أن سمع أستاذا إنسياد، دبليو تشان كيم، ورينيه موهورجين يتحدثان في مؤتمر، ثم قرأ الكتاب.
وأضاف أن الشركة استخدمت المعلومات التي يتضمنها كتابهما لمساعدة الشركة في الخروج بفكرة شعرت الإدارة في ذلك الوقت أن لها إمكانات هائلة. ورغم أن "أميريكا أون لاين" تعزو الفضل إلى راولي لأنه غيّر الشركة، إلا أنه يقول إن مبادرة المحيط الأزرق لم تحصل على دعم كافٍ من مقر الشركة الرئيسي. وقال راولي لمجلة "إنسياد نولدج": "لقد سيطرت أمريكا على الموارد اللازمة لأمر مثل هذا، وعلى الرغم من أنها أحبت الفكرة، لم يكونوا قادرين عندها على تحرير تلك الموارد".
على الرغم من هذا الطريق المسدود الواضح، فإن الرئيس التنفيذي الحالي لـ "أميريكا أون لاين" في أوروبا، دانا دوني، متفائل بشأن علاقة وأهمية تفكير المحيط الأزرق للشركة. وعلى أية حال، فإن الأمر بالنسبة له يتعلق على نحو أكثر بإيجاد ابتكار متزايد في حيز السوق التي توجد الشركة فيها الآن، وليس إيجاد أماكن جديدة بالكامل. وقال دوني لـ "إنسياد نولدج" في مقابلة أجريت معه أن الأمر يتعلق "بالنظر إلى العالم من وجهة نظر مختلفة تسمح لك عندها بجمع الأجزاء التي تحتاج إليها لتكون أكثر تشويقاً ومشاركة بالنسبة لزبون ما، أو لمساهميك، أو لكليهما معاً." لقد قرأ عدد من كبار الأشخاص في الشركة استراتيجية المحيط الأزرق كما قال دوني، ومن ثم تم نقل الأفكار عبر المؤسسة.
إنه أمر مهم، حيث إنه يريد أن يصبح تفكير المحيط الأزرق راسخاً في ثقافة الشركة. إنه يفسر المرحلة الأولى بقوله: "أسسنا مجموعات عمل جمعت الأشخاص في الموقع نفسه - يفكرون حقيقة باستراتيجية المحيط الأزرق لعملنا. ومن ثم وكنتيجة لهذا التمرين، بعد أشهر متواصلة منه، خرجت عدة أمور كانت مفيدة فعلياً لعملنا."
أحد الأمثلة على هذا التفكير كما يوضح، نتج عنه قسم شبكة جديد أطلق عليه ألفين.
يقول دوني "وكان هذا في واقع الأمر تلاعبا بكلمة (الفينسيز) حيث إن الأمر كان حول إعطاء وجبات بسيطة وأخبار ثرثرة بسيطة". ويضيف: "من وجهة نظر المستهلك، كان ثمة نظرة وشعور جديدان. لقد أدخلناه قبل نحو 12 شهراً، وعند ذلك الحين، عندما كنت تنظر إلى صفحاتنا على الشبكة، لقد كان لها مظهر مختلف للغاية عن هذه الصفحة. وكان السبب أننا كنا نفكر أين يمكن أن تكون تلك الأماكن الزرقاء (حيز الأسواق الواضحة) التي نستطيع في واقع الأمر أن نشغلها في سوق مزدحمة للغاية".

الأكثر قراءة