الدول الفقيرة تتحمل العبء الأكبر من أزمة الاقتصاد العالمي

الدول الفقيرة تتحمل العبء الأكبر من أزمة الاقتصاد العالمي

شهدت اقتصاديات العالم، وعلى الأخص منها الاقتصاديات الناهضة واقتصاديات العالم الثالث، موجة من الانعكاسات السلبية التي نتجت عن مجموعة من الأزمات والمشكلات التي شهدتها الأسواق، ومن أبرزها وأقواها أزمة الائتمان العقاري، التي هزّت تأثيراتها اقتصاديات دول جنوب وشرق آسيا، ومنها الاقتصاد الصيني.
وبدأت حكومات بعض الدول في اتخاذ إجراءات احترازية خوفا من مزيد من التدهور، منها فرض حظر فوري على تصدير منتجات غذائية أساسية استراتيجية مثل الأرز، وكذلك تجميد بعض أسعار السلع للسيطرة على التأثيرات السيئة للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة في العالم.
وقد بلغ عدد تلك الإجراءات ما لا يقل عن 48 إجراء اتخذتها حكومات في العديد من أنحاء آسيا منذ مطلع العام الحالي، حيث تأمل تلك الحكومات في أن تكون انعكاسات الصدمة الحالية مؤقتة، وألا تستمر أكثر مما استمرت.
كما انتهجت البنوك المركزية أسلوب استيعاب السيولة النقدية، وسمحت لقيمة العملات في الارتفاع، لكن يبدو أن الكثير من هذه الإجراءات جاءت متأخرة.
فقد ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية في فيتنام مثلا بنسبة 20 في المائة، كما ارتفعت بمعدل يزيد على 8 في المائة في الصين وإندونيسيا.
كما ارتفعت نسبة التضخم إلى أعلى معدلاتها منذ 26 عاما في سنغافورة، ويرتفع التضخم في الهند بمعدلات تنذر بالخطر.
ويرى بعض المحللين أنه بات على صنّاع السياسات في آسيا الاستعداد للحرب المقبلة، حرب التدهور والتراجع في الأداء التي بدت بوادرها في الظهور من خلال التراجع المتوقع في طلبات التصدير.
وبدأ شبح التدهور ظاهرا في خطابات كبار المسؤولين الماليين في شرق آسيا، فهذا شو سياوشوان رئيس بنك الشعب "المركزي" الصيني، الذي قال خلال اجتماع مجلس إدارة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، إن "الصورة المستقبلية للاقتصاد كئيبة ويجب الاستعداد لمخاطر تدهورات قوية في عام 2008".
ولكن في حال أسهمت تلك الإجراءات في التخفيف من السرعة الحالية للتدهور، سيكون من المنطقي أن تتراجع أسعار الاستهلاك، خصوصا إذا ما وضع في الحسبان أن القطاع الزراعي في العالم بدأ ينشط بقوة أكبر لرفع مستويات الإنتاج للاستفادة من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مثل الأرز والقمح والذرة.
ولا يمكن أيضا إغفال التأثيرات الإيجابية لانتهاء موسم الجفاف في أستراليا، أحد منتجي الغذاء الرئيسيين في العالم، وهو ما يعني تحسنا متوقعا لأوضاع أسواق المواد الغذائية الأساسية في العالم.
ولكن ماذا لو كان التضخم في أسعار السلع ظاهرة غير مؤقتة، في هذا يعتقد العديد من المراقبين وخبراء الاقتصاد أن آسيا بدأت تدفع ثمن سنوات من التراخي في السياسة النقدية، وظاهرة التباين الطويل الأمد لصالح عملاتها أمام العملات الرئيسية.
كما ستعاني تلك الاقتصاديات تراجعا في معدلات صادراتها تبعا للتراجع الذي شهدته العملة الأمريكية، المترافق مع العجز المتفاقم في ميزان المدفوعات الأمريكي.
لكن ما هو مؤكد هو أن شعوب العالم الثالث الفقيرة ستمر في مراحل ضاغطة وأكثر صعوبة مما حدث في مصر والفلبين وهاييتي، التي شهدت احتجاجات ومظاهرات ساخطة أدى بعضها إلى سقوط ضحايا بين قتلى وجرحى، وهذا هو ما حذر منه رئيس البنك الدولي روبرت زوليك، الذي قال إن ما يقرب من 100 مليون إنسان في البلدان الفقيرة سيجدون أنفسهم في مزيد من الفقر والحرمان بسبب ارتفاع أسعار تلك المواد.

الأكثر قراءة