حصة هلال
حصة هلال
هي أنثى عملت إلى جانبها فترة من الزمن، عرفت خلال عملي معها أن "الرجولة" ليست حكرا على الذكور فقط، فقد كانت مضربا للمثل في حسن الخلق والسيرة والتعامل الراقي مع الكبير والصغير، وقبل هذا وذاك كانت من الصحافيين الندرة الذين يلتزمون مهنيا بمنهجية عمل، وبالأوقات المرتبطة بهذه المنهجية حسب أجندة واضحة لا نراها كثيرا مع آخرين يبررون إخفاقاتهم بربط الإبداع بالمزاج.
مع مراقبتي لعمل هذه المرأة تيقنت أن العمل بجهد والتزام من "الفروسية"، وأن "الفروسية" ليست حكرا على "الذكور" كما حاول المنقول من حكايا أسلافنا إفهامنا، وأن الاستثناء ليس أن تكون المرأة "فارسة"، بل الاستثناء هو تكريس حصول "المتخاذلين" أيا كان جنسهم وتكوينهم البيولوجي على لقب فارس! هذه المرأة علمتني أمورا كثيرة دون أن تقصد أو حتى تلاحظ هذا الأمر، ومع ذلك فوجئت أنها تركت العمل الصحافي قبل فترة لتتفرغ لزوجها وبناتها والكتابة في آخر القائمة.
خسارة كبيرة لساحة الشعر والأدب عموما ابتعاد شخصية كـ "أم نوف"، أو حصة هلال (ريمية) الأنثى التي اقتحمت ساحة الذكور، ونافستهم بـ "مرجلة"، وحصلت رغما عن الوعي البسيط والعقول المتكلسة على تقدير عالٍ يستحق أن يُخلد كنتيجة منطقية لكفاحها، وأقول "كفاحا" واقعا وليس مجازا، لأن هذه المرأة قلبت الاستثناء على نفسه وأضحت قاعدة ستتكئ عليها كثيرات ممن اصطدمن بعوائق كثيرة وتوقفن!
قرأت لـ "أم نوف" مقالا هذا الأسبوع تتحدث فيه عن "مويضي البرازية"، أحسست بالانحياز الكبير في المقال للأنثى وليس لشعرها، ربما كان الانحياز حيادا، ربما كانت تركيبة الشاعر البيئية وما يحيط به والمكون الأساسي لشعره ومعانيه المرتبطة بمن هو؟ هي الأجدر بالدراسة من جماليات الشعر وتركيبه الداخلي في النص وما يعني؟ ربما كان عزل النص عن قائله خطأ فادحا وكبيرا نقع فيه! خرجت من مقال "أم نوف" بأسئلة كثيرة قد لا يسعفني وقتي على سردها، إلا أن الحقيقة المجردة التي تغلبني الآن هي أن هذه المرأة ما زالت تتلمذني وتعلمني وهي لا تدري، وأن وجودها الأدبي مهم جدا لساحة الشعر الإعلامية، وأن "الرجولة" أفعال تنبع من ذات جُبلت على التخلق بها، وبالتأكيد لا علاقة لمفردة "الرجولة" بالذكورة نهائيا!