الوقود الأحيائي يدفع بالأزمة إلى مستويات قياسية
أثارت جهود الدول الصناعية لخفض اعتمادها على مصادر الطاقة الأجنبية وخفض الانبعاثات الغازية التي باتت تتهدد مناخ الأرض ردود فعل مضادة قوية من جانب بعض الدول النامية التي تواجه أزمة غذائية تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم.
وتكمن المشكلة في الوقود الحيوي وهو مصدر بديل للطاقة غالبا ما ينتج من محاصيل غذائية. وقد أعلن البنك الدولي الأسبوع الماضي أن الدفعة القوية التي تلقتها عملية إنتاج الوقود الحيوي هي المسؤولة بدرجة كبيرة عن الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية التي بلغت 83 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأدت أسعار المواد الغذائية المرتفعة التي يقول البنك الدولي إنها لن تنخفض على الأرجح بشكل دراماتيكي قبل عام 2015 إلى حدوث نقص حاد في تلك المواد بل وأحداث شغب في الدول الأكثر فقرا. وأعرب بعض الوزراء الذين حضروا الاجتماع السنوي للبنك الدولي في الربيع أمس الأول عن غضبهم - علانية وداخل الغرف المغلقة - من قيام الدول الغنية بإشباع حاجاتها إلى الوقود بينما تتضور الشعوب في الدول النامية جوعا.
وقال وزير المالية الهندي بي شيدامبارام في بيان "في عالم يوجد فيه جوع وفقر فإنه ليس ثمة ما يبرر تحويل المحاصيل الغذائية إلى وقود حيوي"، داعيا لإنهاء أشكال الدعم للوقود المستخرج من المحاصيل الزراعية كافة. وأردف "تحويل الغذاء إلى وقود ليس بالسياسة الطيبة لا للفقراء ولا للبيئة".
وصرح دومنيك شتراوس - خان رئيس صندوق النقد الدولي بأن عددا كبيرا من الوزراء أعربوا له بشكل خاص خلال عطلة نهاية الأسبوع عن مخاوف مماثلة وأن بعضهم وصف عملية إنتاج الوقود من الغذاء بأنها "أزمة إنسانية".
وصرح كل من شتراوس - خان ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك بأن أزمة الغذاء الحالية تهدد بتدمير المكاسب التي تحققت منذ عام 2000 في مجال خفض الفقر في مختلف أنحاء العالم. وتتهدد المجاعة مئات الألوف من البشر حسبما صرح شتراوس - خان يوم الخميس الماضي بينما قدر البنك الدولي أن 33 دولة يمكن أن تواجه اضطرابات اجتماعية بسبب نقص الغذاء. وأقال برلمان هايتي الحكومة يوم السبت الماضي بعد مقتل خمسة أشخاص على الأقل هذا الشهر في مظاهرات طعام تخللتها أحداث شغب. وبينما لم يدع زوليك لوقف إنتاج الوقود الحيوي فإنه قال إن على الدول الصناعية الظمأى للطاقة أن تلبي الحاجة العاجلة لتوفير مساعدات غذائية بقيمة 500 مليون دولار بحلول نهاية الشهر الجاري.
وعلى الرغم من إقرار الاقتصادات المتقدمة بالتهديد الذي يمثله ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالنسبة للدول الفقيرة فإنها تتحرك ببطء لمعالجة ارتباط الأزمة باحتياجاتها هي من الطاقة.
وصرح وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون بأن قضية الوقود الحيوي لم تثر خلال اجتماع وزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى في العالم خلال اجتماعهم يوم الجمعة الماضي على الرغم من أنهم أعربوا عن قلقهم إزاء ارتفاع أسعار الغذاء.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة والبرازيل هما أكبر منتجي العالم لغاز الميثانول - وهو وقود للسيارات جعلته إدارة بوش بين العناصر الأساسية في مسعاها للتقليل من الاعتماد على البترول من بعض الدول الأجنبية التي يكون بعضها – أحيانا – معاديا. ويعتمد منتجو الإيثانول في الولايات المتحدة على الذرة أساسا في إنتاجه، أما في البرازيل فيعتمدون على قصب السكر.
وقد أشيد بالوقود الحيوي باعتباره الحل لقضية تغير المناخ فهو بديل نظيف ومتجدد للطاقة يمكنه خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن ارتفاع درجة حرارة الأرض.