خميس مشيط .. الطريق إلى الثراء يمر من بوابة سوق الخردة
تتفرد سوق الخردة "الحراج" في خميس مشيط بالتقاء مختلف الطبقات الاجتماعية حيث تعد مقصدا للكثير من الزوار والتي تبحث عن أشياء نادرة لم تعد تعرض في الأسواق التجارية المعتادة مثل التحف واللوحات القديمة وبعض الأجهزة القديمة.
يجد الزائر ضالته في هذه السوق التي تعرض أيضا بعض الكتب القديمة والقيمة وطبعات نادرة لمؤلفات مهمة بسعر بخس بينما البعض يعمد إلى شراء الأواني المستعملة والآلات الكهربائية الخاصة بالمنزل والأثاث والملابس بثمن مناسب لإمكاناته المادية ففي هذه السوق تتكامل المصالح لعدة أطراف من جامعي الخردة وتجارها وزبائنها.
الكل في سوق الخردة يبحث عن مصلحته: الموردون يبحثون عن التجار لتصريف بضاعتهم، والتجار يبحثون عن الزبائن لبيع الخردوات التي تراكمت في محالهم أما الزبائن فيبحثون عن أجود البضائع وأرخص الأسعار. وهناك عدد من مؤسسي السوق وقدامى التجار فيها والذين عاشوا سنوات طويلة بين أكوم الخردة يقلبون قطعها بحثا عما ينفع زبائنه.
عندما سألنا سعيد علي عن السوق فقال: بدأت أبيع وأشتري الأشياء القديمة في سوق الخردة منذ صغري، من خلال جمع الأحذية وتصليحها ثم بيعها ثم انتقلت إلى الأجهزة الكهربائية، اشتريها من جامعي الخردة، وأبيعها لأصحاب محال التصليح، ثم بدأت أتنقل في عدة أماكن ومناطق للبحث عن الأشياء التي استغنى الناس عنها، مثل الأثاث وأدوات المطبخ والملابس والكتب والديكورات، وحين كبر ابني تولى هذه المهمة وتفرغت أنا للمتجر في سوق الخردة فنحن نحرص على أن نبيع أجهزة لا تزال تحتفظ بجودتها وقيمتها.
ويدافع عن مهنته بأنها ذات أهمية فهي توفر أجهزة جيدة وآلات رخيصة عن أسعار الأجهزة في هذه الأيام "فهناك عدة آلات وأجهزة نستعملها في حياتنا اليومية وبعد أن تتعرض للتلف وتكون غير صالحة للاستعمال تعرض للبيع في سوق الخردة والبعض من هواة التجديد لبعض الأجهزة المنزلية ونحن نقوم بإصلاح تلك الأجهزة وصيانتها ونبيعها بأسعار رخيصة.
وقال سعيد هناك الكثير من يقتني عددا من الأجهزة من سوق الخردة وفي الغالب يتكرر زبائننا للحصول على أجهزة أخرى حيث يشترون أجهزة معينة ويجدونها تحقق طلبهم فيعودون لاقتناء المزيد من الأجهزة ففي الغالب تكون أجهزتنا جيدة. ويشير سعد أحد تجار الخردة إلى أن هناك بعض الصفقات الرابحة في سوق الخردة في بعض المواسم وخصوصا في فصل الصيف والذي يشهد السوق حراكا جيدا وتمر السوق بحالة من الكساد في بعض الأوقات فالسوق تمر بظروف ركود مثل غيرها من الأسواق فيتحكم فيها العرض والطلب.
وعرج على أهم قضية في السوق وهي العشوائية قائلا: ما يعيب السوق هو عدم التنظيم فالعشوائية تسيطر على السوق بشكل مزعج للبائعين وكذلك للمتسوقين وتحتاج السوق للتنظيم من قبل الجهات المختصة.
وعن هامش الأرباح يقول عايض سعيد, متعامل مع السوق, بأنها أرباح معقولة ولكنها لا تتجاوز نسبة 6 في المائة من قيمة السلعة المباعة, ويشير إلى أن الأجهزة المنزلية هي الأفضل رواجا وكذلك المفروشات أما أسعارها فتتفاوت حسب حالة الجهاز أو السلعة لكنها على العموم تباع بأثمان رخيصة بالنسبة لقيمتها الحقيقية.
ويضيف أنه يطالب بتفعيل الكثير من الأنظمة والقوانين المنظمة للسوق ومنها البيع داخل السوق للخضوع لأنظمته وكذلك للتأكد من مصدر السلع والبضائع حتى يتجنب بيع بعض المسروقات والتي تباع في مداخل السوق بأي أسعار فهناك من يشكل سوقا متناثرة في مداخل السوق وخارجه حتى يهربون من عمولات السوق وضوابطها. فيما يقول بائع المفروشات أحمد صالح بأنه يعمل في السوق لأكثر من 30 عاما ومر بتجربة كبيرة حيث يأتي للسوق بعض من يمارس بداياته في التجارة ويتطور وضعه حتى يهجر السوق ويغير نشاطه لنشاط تجاري أكبر "فسوق الخردة لها دور في تخريج عدد من رجال الأعمال" لأنها مجال للتكسب ولكن تعاني مشكلات كثيرة منها تكتل العمالة الوافدة والتي أغلبها من السائبة وسيطرتها على بعض السلع بطرق ملتوية وكذلك عدم التقيد بأنظمة السوق مثل ضرورة البيع داخل السوق لضمان العمولة وكذلك التنظيم وتكثيف الرقابة والتي لا تحضر في الغالب إلا يوم الجمعة فقط والحاجة إليها طوال أيام السوق.
وبين إن الكثير من البائعين في السوق والمترددين عليها من الزبائن يطالبون عبر "الاقتصادية" بضرورة إخضاع أسواق حراج الخردة للكثير من المراقبة والمتابعة التنظيمية من قبل الأجهزة الأمنية وكذلك البلدية ووزارة التجارة حتى تكون للسوق أهليتها ومرجعية منضبطة بشيء من التنظيم فهناك عمالة وافدة تتحكم في السوق وكذلك بسطات وسوق تنشأ على مشارف السوق فقد يتم فيها بيع عدد من المسروقات المنزلية دون رقابة مثل الأجهزة أو الأسطوانات وغيرها من القصص العجيبة فشدد هؤلاء الخبراء في سوق الخردة على أنه حان الوقت للاعتراف بمثل هذه الأسواق والتي أصبحت جزءا مهما من الحركة الاقتصادية في عدد من المدن ولابد لها من عدد من الأنظمة والتي تحكمها أمنيا وتنظيميا وذلك لتحقق الفائدة حيث يعرف السلع والبضائع الداخلة للسوق والخارجة منه.