تسرب "سريع" بين موظفات مراكز خدمات العملاء الهاتفية في الشركات الوطنية
تسرب "سريع" بين موظفات مراكز خدمات العملاء الهاتفية في الشركات الوطنية
شجعت بيئة العمل المتواضعة التي توفرها الشركات الوطنية موظفات مراكز خدمات العملاء عبر الهاتف على ترك العمل وبصورة سريعة ومستمرة وفق متابعين، رغم ملاءمة طبيعة العمل وظروفه والتي منها استقلالية موقع العمل للمعطيات التي تقبل بها شريحة واسعة من الفتيات السعوديات, خصوصا من يحملن مؤهلات الثانوية عامة فأقل.
وقالت لـ "المرأة العاملة" مختصات وموظفات إن شريحة كبيرة من العاملات السعوديات اللاتي رغبن في تجربة العمل ضمن هذا النوع من الأعمال لم يجدن الدوافع الكافية من الشركات المحلية التي تسمح وتشجع الفتيات على الاستمرار، التي منها ضعف التدريب, تدني الأجور, استعانة معظم الشركات بمؤسسات خارجية توفر خدمات العملاء الهاتفية عوضا عن افتتاح أقسام داخل الشركة، وعوائق أخرى تتعلق بالمستقبل المهني، إلى جانب تعامل بعض العملاء غير اللائق.
وذكرت موظفات في مراكز مختلفة لخدمات العملاء الهاتفية أنهن لا يرين مستقبلا لهذه المهنة وأنهن محبطات, معللات ذلك بقلة اهتمام الشركات العاملة في المجال بتطوير موظفاتها وانعدام الحوافز وتدني الرواتب رغم أن مراكز خدمات العملاء الهاتفية ـ بحسب رأيهن ـ تمثل واجهة مهمة للشركات تؤثر في مستوى مبيعاتها كونها حلقة وصل بين الشركة وعملائها.
وفي هذا السياق ترى مختصة في خدمات العملاء أن هذا القطاع لم يلق الاهتمام اللازم محليا, فمعظم الشركات لا تهتم بتأهيل العاملات في هذا المجال, مبينة أن معظم الدورات التأهيلية التي تتلقاها موظفات خدمات العملاء قبل الانخراط في العمل لا تتجاوز الشهر رغم حساسية الوظيفة وأهمية إتقان مهارات معينة لا يمكن تمكنهن منها في أقل من ثلاثة أشهر على الأقل.
وتشير الدراسات الأجنبية في هذا الجانب إلى أن معظم العاملين في قطاع خدمات العملاء الهاتفية من النساء، وتتركز نسبة كبيرة من تلك المراكز في دول معينة مثل الهند بسبب كفاءة العاملين هناك وجودة البنية التحتية للاتصال في مدن مثل مومباي, حيث تشير التوقعات إلى أن مراكز خدمات العملاء الهاتفية ستصل هذا العام في الهند وحدها إلى ما يزيد على مليون مركز وتمثل النساء معظم العاملات في هذا القطاع، ويذكر أن كثيرا من الشركات الأمريكية والأوروبية تستعين بمراكز خدمات عملاء هاتفية مقرها الهند.
وترى هيفاء الصالح مدربة خدمات عملاء أن تدريب موظفات خدمات العملاء لم يلق الاهتمام المناسب، مبينة أن معظم المنشآت تقدم تدريبا لا يتجاوز الشهر الواحد وهذا ـ بحسب رأيها ـ لا يكفي لإتقان المهارات اللازمة, وتضيف أن جهات العمل تركز خلال التدريب على إلمام المتدربة بمعلومات عن نشاطات الشركة والخدمات التي تقدمها بشكل مكثف، أما المهارات الأساسية والتي يعتمد عليها مفهوم خدمات العملاء لا تلقى الاهتمام اللازم وتترك كل موظف بحسب مهاراتها الشخصية.
وتوضح هيفاء أن هناك مهارات أساسية لا بد أن تتوافر في موظفة خدمات العملاء مثل اللباقة في الحديث وإتقان الحاسب وسرعة البديهة إلا أن هذه المهارات لا تكفي, فلا بد من التدريب على كيفية التحكم في سير المكالمة ونبرة الصوت وطرح الأسئلة في الوقت المناسب، مبينة أن التدريب العملي يساعد المتدربات على كيفية التعامل مع مختلف المشكلات التي قد يواجهنها في العمل.
وتشير إلى أن مراكز خدمات العملاء تعد مرآة للشركة أمام الجمهور, لذا لا بد من إعطائها اهتماما كبيرا، وتهيئة البيئة المناسبة للموظفات وتزويدهن بالمعلومات أولا بأول، مضيفة أن الحوافز المادية والمعنوية تسهم بشكل كبير في بث الحماس والمنافسة الشريفة بين الموظفات.
وفي استطلاع لآراء موظفات في مراكز خدمات عملاء هاتفية قال خلود العبدلي: إن العمل في هذا القطاع يناسب الفتيات بشكل كبير خاصة خريجات الثانوية، أما بالنسبة للجامعيات فغالبا ما يتركن العمل في هذا المجال بعد فترة قصيرة ويبحثن عن فرص أفضل, معللة ذلك بأن خدمات العملاء وظيفة ليس لها مستقبل وليس هناك مجال لأن تترقى فيها الموظفة أو تحصل على منصب أفضل.
وتضيف العبدلي أن العمل في هذا القطاع يعد من الأعمال التي يتعرض الموظفون فيها إلى ضغط كبير, حيث إن هناك مدة محددة لكل مكالمة لا تتجاوز الدقيقتين وعلى الموظفة أن تتحمل كل أنواع المضايقات والشخصيات المختلفة لكيلا تخسر العميل، لافتة إلى أن جهات العمل دائما ما تلقي اللوم على موظفة خدمات العملاء في حال خسرت العمل حتى لو كان العميل مخطئا.
وتشير إلى أن ظروف العمل في مراكز خدمات العملاء صعبة للغاية حيث تتغير ورديات العمل كل شهر ما يسبب إرباكا لوضع الأسرة كل شهر, فمثلا شهر تعمل فيه الموظفة من الساعة الثامنة إلى الرابعة وشهر من الـ 12 حتى السابعة مساء وهذا التوقيت لا يناسب الكثيرات من الموظفات ما يؤدي إلى تسربهن من العمل خاصة أن الرواتب متوسطة كما لا توجد أي حوافز للمتميزات.
أما ندى الشايقي فتقول: إن أكثر الصعوبات التي نواجهها هي المعاكسات خاصة من صغار السن, منوهة إلى أن معظم الخطوط الهاتفية لمراكز خدمات العملاء خطوط مجانية تستقبل الاتصال من الهاتف الثابت والجوال وهذا ما أسهم في رأيها في كثرة المعاكسات, حيث إن كثيرا من صغار السن يتصلون من أرقام مختلفة معظمها تكون الشرائح مسبقة الدفع التي لا يمكن معرفة هوية صاحبها، وتضيف لتجنب الإزعاجات المتكررة وضعنا قائمة بالأرقام التي تكرر منها المضايقات فلا نقوم بالرد عليها.
أما منيرة محمد فترى أن المجتمع لم يتقبل بعد الفتيات كموظفات خدمات عملاء، فتقول" إن كثيرا من المتصلين خاصة الرجال لا يثقون بالحلول التي نقدمها لهم ومنهم من يقدم شكوى ليست في محلها لمجرد أن الرد لم يعجبه"
وتضيف: إن من المشكلات التي نواجهها هي نقص المعلومات فكوننا قسما منفصلا عن قسم التسويق لا تصلنا العروض التسويقية في وقتها ما يعرضنا في أوقات كثيرة للإحراج مع العملاء، إضافة إلى ضغط العمل, فموظفة خدمات العملاء لا تستطيع الابتعاد عن مكتبها ولا لدقائق, فهي مطالبة بأن تكون إلى جانب الهاتف طوال فترة العمل باستثناء فترة راحة لا تتجاوز نصف ساعة وفترة للصلاة لمدة ربع ساعة فقط، كما أن الموظفة لا تستطيع أن تبدي استياءها للعميل حتى لو كان يستفزها أو يتلفظ بألفاظ غير لائقة ما يؤثر في نفسيتها وفي أدائها عملها.
وهنا ذكرت هيفاء أن المعاكسات الهاتفية يمكن السيطرة عليها بتدريب الموظفات على الطريقة المثلى لإنهاء المكالمة بأسلوب لبق، مؤكدة أنه لا توجد عقوبات رادعة لمن يجرون الاتصال لأن معظمهم يستخدمون بطاقات الدفع المسبق التي يصعب تتبعها.