حين .. يغير الزوج القناة ( 1 من 2 )
حين .. يغير الزوج القناة ( 1 من 2 )
ماذا تفعل لو أنك كنت تنتظر دورك في الطابور, لتدفع ثمن مشترواتك التي اشتريتها من السوبرماركت, وفجأة .. جاءك شخص مسرع من خارج الطابور وطلب منك بلطف أن تدعه يمر أمامك لأنه تأخر على موعد مهم؟
أنت الآن محتار بين موقفين, فالتزامك بمخططاتك وسير أعمالك يدفعك إلى أن تمارس حقك الشخصي للوصول إلى صندوق المحاسبة دون تعطيل، كما أن تعاطفك مع الآخر يعني أن تصغي إليه وتتنازل عن دورك حتى تلبي حاجته بألا يتأخر, وعليك في ثوان التصرف بطريقة تحقق فيها التوازن بين احترامك لذاتك واحترام رغبات الآخر, وذلك ليس بالأمر السهل, حيث إن مهارتك في ممارسة السلوك التوكيدي هي وحدها التي تمكنك من التعامل مع الموقف بسرعة ولباقة وتوازن.
و لفهم ملامح وأبعاد السلوك التوكيدي – أي المؤدي إلى خلق التواصل الفعال بين مكاسب الذات والآخر – فلا بد من مقارنته بالسلوكيات الأخرى الناتجة عن أساليب خاسرة من التواصل غير الفعال, مثل السلوك السلبي أو السلوك العدواني أو السلوك التلاعبي, والتعرف على محددات وسمات كل نوع, حيث يتسم أصحاب السلوك السلبي بعجزهم عن توكيد ذواتهم أو الاعتراف بحاجاتهم والتعبير بشكل واضح وصريح عن مشاعرهم وأفكارهم ووجهات نظرهم, وهم بالتالي يدفعون بالآخرين إلى تجاوز رغباتهم والتقليل من احترامهم, ولأن تصرفاتنا هي التي تعلم الآخرين كيف يتعاملون معنا, فإن تصرفات أصحاب السلوك السلبي غير المؤكدين لذواتهم في الاتصال ترسل رسالة تقول للآخر: " لا تأبه لمشاعري وأفكاري, فأفكارك ومشاعرك ورغباتك هي فقط المهمة, فأنا لا أستحق الاهتمام وأنت وحدك المهم "، ويحضرني هنا مثال واضح عن هذه الفئة السلبية, ومتكرر في العديد من المنازل, فأحيانا تكون الزوجة منسجمة في متابعة برنامج معين على التلفزيون, ثم يدخل الزوج الغرفة ويمسك الريموت كنترول ليغير القناة معلقا – أو غير مكترث بالتعليق أحيانا – "أريد متابعة برنامج مهم", فلا تقول له الزوجة شيئا, لكنها تكتم في داخلها الكثير من مشاعر الانزعاج والإحباط, والتي تؤدي فيما بعد إلى إحداث الغضب والاكتئاب, أو كمثال آخر حين يقترض شخص ما ( س ) مبلغ 7000 ريال من المال من زميل له ( ص ) ويعد بأن يرده خلال شهر, وقد يمضي على الموعد أكثر من ثلاثة أشهر دون سداد, فإذا كان الشخص الدائن ( ص ) من فئة السلوك السلبي فسيحرج من تذكير زميله ( س ) بموعد سداد القرض, مما قد يؤدي إلى انخفاض احتمالات استعادة ماله, ولكن ( ص) يخاطب نفسه داخليا بقوله: " لن أخلق مشكلات وأضحي بصداقتي من أجل 7000 ريال " أو قد يقول لها في حوار داخلي: "من الأفضل لك بعد الآن تجنب المزيد من العلاقات فلا أحد يمكن الوثوق به أو تصديق وعوده في هذه الأيام " وقد لا يرغب بعدها في رؤية زميله (س) من جديد, وفي هذه الحالة سيخسر ماله وعلاقته, خاصة إذا كان (س) غير متعمد في تأخير سداده للمبلغ وغير مدرك لوضعية زميله واتجاه تفكيره.
و حين يميل الشخص إلى هذا النوع من السلوك فإنه يحترم حقوق غيره أكثر من حقوقه, وفي حالة إقامة علاقات له مع الآخرين فهناك احتمال كبير لاستغلالهم لسلبيته أو تكوين علاقة تبعية معهم, ولهذا ففي أغلب الأحيان يعاني أصحاب السلوك السلبي انفعالات داخلية مؤلمة, كالإحساس بالغضب المكبوت وتدني الثقة بالنفس أو الشعور بالذنب والتوبيخ المستمر للذات, والقلق والتوتر, أو الانسحاب التدريجي من بناء علاقات جديدة لتجنب الوضعيات التي تستدعي إقامة العلاقات مع الآخرين الذين قد يتسببون في مشكلات تواصل جديدة, ونكمل الحديث في الأسبوع المقبل إن شاء الله.