الاتصالات المالية: كيف تتحدث إلى المستثمرين من خلال الصحافة

الاتصالات المالية: كيف تتحدث إلى المستثمرين من خلال الصحافة

غالباً ما يقلل مديرو الشركات العامة، على مسؤوليتهم، من شأن وظيفة الصحافة في اتصالاتهم المالية. قمت بالتعاون مع ووارتونز بريان جيه بوشيه، بجمع بيانات من ما يزيد على 200 شركة مدرجة في بورصة ناسداك، أو غيرها من المؤسسات المالية اللامركزية، ووجدنا أن الشركات الصغيرة، والمتوسطة، تعاني من مشكلة في الحصول على التغطية من المحللين. على أية حال، فإن الحصول على التغطية الإعلامية أكثر توافرا، وأرخص من السعي وراء اهتمام المحللين. والمشكلة، هي أن العديد من المسؤولين الماليين لا يرون فحوى إدارة التعامل مع الصحف.
وشئت أم أبيت، فإن المستثمرين، والمحللين، وحتى المديرين التنفيذيين، يحصلون على جزء كبير من معلوماتهم عن طريق الإعلام. والحقيقة أنني في دراستي لدور الصحافة في الكشف عن الاحتيال في المحاسبة المالية، وجدت أن ما يزيد على ربع الشركات التي عُرف عنها الانخراط في ممارسات حسابية مشكوك بها، تم التعريف عليها لأول مرة من خلال الصحف، قبل أن يتنبّه المشرعون، وقبل أن تصدر عن الشركة أية تصريحات بهذا الشأن. إن الصحافيين أكثر تطوراً اليوم من أي وقت مضى، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالتقارير المالية.
وحتى إذا كان تركيزك على علاقات المستثمر، فإن الصحافة هي جمهور لا يمكنك تجاهله. فحين تكون لا تزال عند خط البداية، ووضوحك لا يزال متدنياً، فالهدف بالطبع هو أن تصبح ملحوظاً، وهذه ما هي إلا مسألة الحفاظ على التواصل، وأن تعتاد على معرفة مصالح المراسلين الصحافيين، وأن تُظهر لهم أن لديك شيئاً ذكياً للحديث عنه. وإن تعهّد تلك العلاقات الرئيسية مع الصحافة غالباً ما يكون الخطوة الأولى في خلق التفاهم والوضوح بين المستثمرين والمحللين.
وعلى أية حال، فإن الفضائح يمكن أن تكون مروّجة، حيث إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تجد أنها على الأرجح تحظى بالاهتمام حين تكون هناك قصة سلبية. وفي مثل تلك المواقف، فإن تدبّر فحوى الرسالة أمر مهم. ومن الممكن أن يكون الوقوع في الشدة، والاتهامات المضادة أمراً طبيعياً ومبرراً، ولكن لا فائدة منه حين يتعلق الأمر بتصحيح التصورات العامة. وأول شيء يجدر بك القيام به، هو أن تتفحص بدقة افتراضاتك الخاصة. وربما يكون الإعلام محقاً، وأنت على خطأ. فإذا كنت متأكداً بشأن عدم دقة التقارير، فلا تلعب في خط الدفاع، ولكن في الهجوم بدلاً من ذلك. واستعرض رسائلك بقسوة، وأعد تشكيل، وإعادة صياغة قصتك بصورة متكررة كلما لزم الأمر. فعلى سبيل المثال، فإن شركة البترول العملاقة الفرنسية، توتال، تتابع بنشاط كل شيء يُنقل عنها في التقارير الإخبارية، حيث طاردت بضعة قصص سلبية الشركة لمدة أعوام، على سبيل المثال، التسرب النفطي في إيريكا. ويعمل مسؤولوها التنفيذيون بكل صبر، وعلى نحوٍ متكرر على توضيح أسباب التغطية الإعلامية المغلوطة. وبتسلم السيطرة على القصة، يساعد مسؤولو الشركة الإعلام، والعديد من عناصره الأساسية، في توضيح نشاطات توتال بدقة. وحازت توتال على وسام صناعي تقديراً لعلاقاتها مع الإعلام المالي.
أحياناً تكون الأخبار عن إحدى الشركات سيئة، ويوشك سعر السهم على الانهيار بقسوة على نحوٍ يتعذر اجتنابه في مثل تلك الحالات. وبهدف تخفيف الضربة، يتعهد المديرون الأذكياء أمر العلاقات الصحافية في الأوقات الجيدة والسيئة على حدٍ سواء. وإن الأمر لا يدور حول التلاعب؛ حيث إن عدم الصدق يمكن أن يسمم العلاقة. ولكن بدلاً من ذلك، فهي مسألة مساعدة الإعلام في فهمك، وتزويده بوجهة نظرك. ومن ثم، حين يكون عليك أن توضح الأمر، على سبيل المثال في حالة التسرب، أو تغيّر غير متوقع في الإدارة، قد تجد أن التقارير المقدمة هي التي توازن الأخبار السيئة مع جهودك البيئية، أو عمق دعامتك الإدارية.
وبالطبع، فإن المراسلين الصحافيين ليسوا وحدهم بأي حال من الأحوال جمهور الشركة الوحيد والأهم. ولكن إذا كنت بحاجة إلى جذب اهتمام المستثمرين، فإن الإعلام يمكن أن يكون بوقاً ضخماً ومناسباً، وإذا حظيت بكل الاهتمام الذي تسعى إليه، يمكن أن يكون الإعلام حليفك أو عدوك، نظراً إلى أي مدى تود أن تجعله قريباً منك.

* جريجوري إس ملر، أستاذ مساعد في المحاسبة والإدارة في كلية هارفارد للأعمال في بوسطن.

الأكثر قراءة