تجزئة عقود المقاولات الحل الأمثل لإنقاذ مشاريع الإنشاءات الحكومية من التعثر
طرح المهندس عبد العزيز بن صالح العبودي الرئيس التنفيذي لشركة محمد عبد العزيز الراجحي وأولاده، ورئيس مجلس إدارة شركة حديد الراجحي، مقترحا لمعالجة الأزمة التي يمر بها قطاع المقاولات في المملكة، والمتمثلة في تنامي أسعار مواد البناء وارتفاع تكاليفها ما تسبب في تعثر عدد من المشاريع الحكومية والخاصة، وذلك من خلال تجزئة العقود.
وقال العبودي في حوار مع "الاقتصادية" أن الطلب على الحديد ومواد البناء بحسب المؤشرات المحلية والعالمية سيستمر ما يعني أن الأسعار ستشهد مزيدا من النمو، لذا في فإن الوقت حان لتطبيق مبدأ العقود" المجزءة"، والتي يتم من خلالها تحديد الأسعار وفقا للمعطيات والمؤشرات التي يقدمها المنتجون والمستوردون لتلك السلع كل ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أن العمل بهذه الطريقة نجح في دول إفريقية وآسيوية.
وأشار المهندس العبودي إلى أن هناك مزيجا من العوامل التي أسهمت في إحداث قفزات متتالية على أسعار الحديد والأسمنت والمنتجات البلاستيكية، والتي منها ضغط المشاريع الحكومية وارتفاع تكاليف الشحن العالمية بسبب ارتفاع أسعار النفط، والطلب العالي على تلك السلع من الصين والهند..وإليكم بقية الحوار الذي ناقش هموم الصناعة السعودية وقضية التأشيرات والسعودة...
في البداية دعنا نعطي القارئ فكرة عن نشاط الشركة، وتاريخها في السوق السعودية؟
دعني في بداية هذا اللقاء أشكر "الاقتصادية" على هذا التواصل المستمر مع القطاع الخاص، وبالحديث عن الشركة فإن أعمالنا متنوعة إلا أنها تتركز في مجال الصناعة، لدينا ست شركات صناعيه تابعة للشركة المساهمة المقفلة، ومنها شركه حديد الراجحي العمود الفقري للشركة، التي تعد من ضمن أكبر ثلاثة مصانع حديد في المملكة إذ إن إنتاج حديد الراجحي من مختلف أنواع الحديد (حديد التسليح والحديد التجاري وكتل حديد الصلب) بلغ 1.5 مليون طن خلال عام 2007 ومن المخطط له أن ترتفع الطاقة الإنتاجية لمصانعها في الرياض وجدة لتصل إلى 1.85 مليون طن خلال العام الحالي 2008، كما تبلغ حصة حديد الراجحي من السوق المحلية نحو 20 في المائة.
وهناك شركة فالكون للصناعات البلاستيكية، وهي شركة تعمل في الرياض والسودان، وتوزع منتجاتها في السوقين، شركة مياه الفيحاء، وتنتشر أعملاها في عدة مدن سعودية، وهي من أكثر الشركات تنوعا في المنتجات في المملكة في مجال المياه المعبأة، ومجموعة مصانع الجبس، ولدينا مصنعان واحد في الرياض، والآخر تم افتتاحها قريبا في ينبع.
أيضا هناك مجموعة الجزيرة للأجهزة المنزلية، وهي شركة تعمل في مجال صنع المكيفات والثلاجات وأفران وبرادات، وسخانات مياه، ولها حصة كبيرة في السوق السعودية، كما أنها تعمل في السودان، ولدينا أيضا شركة المصانع الحديثة للسخانات, وهي مخصصة لإنتاج السخانات.
كيف تقيّمون تواجد منتجاتكم في السوق المحلية، وماذا عن الأسواق المجاورة؟
الواقع أن الطلب في السوق السعودية عال جدا بفعل التوسع الهائل في المشاريع والمساكن، ونمو السكان، إلا أن لدينا استراتيجية محددة للانتشار في أسواق أخرى، وهو ما تحقق خلال الفترة الماضية ويمكن القول إن نحو 15 في المائة من حجم مبيعات المجموعة تصدر للخارج ، خصوصا للأسواق المجاورة في الخليج، وشمال إفريقيا، وإيران، والسودان، وحتى دول أوروبية.
علمنا أن شركة محمد الراجحي وأولاده، كانت تخطط لإنشاء مصنع أسمنت ثم توقفت الفكرة، هل يمكن أن نعرف السبب؟
الحقيقة أن الطلب على الاسمنت في السوق السعودية حفزنا على دراسة إنشاء مصنع لتلك السلعة، خصوصا أنها من ضمن الصناعات المكملة لنشاطنا، ولكن وبعد ظهور عوائق لوجستية تتعلق بالخدمات التي تحتاج إليها مصانع الأسمنت قررنا التوقف عن تنفيذ الفكرة.(ملاحظة تم حذف جزء هنا من قبلنا).
ماذا عن المشاريع التوسعية للشركات والمصانع القائمة؟
الواقع أن الشركة بصدد البدء في توسعات جديدة، وتوسعات خلفية، والمتعلقة برفع الطاقة الإنتاجية لمصانع الحديد والجبس والبلاستيك، كما أن هناك مشروعا لإنتاج كتل حديدية "خام" تم تشغيله أخيرا إلى جانب أن الشركة تنوع التوسع على مستوى التوزيع وندرس الفرص والأسواق الجديدة باستمرار.
ولدينا خلال العام الجاري مشاريع جديدة للحديد والحديد الإسفنجي، والبلاستيك حتى خارج المملكة، ومنها مصانع في السودان للمنتجات البلاستيكية.
صدر قبل أسابيع قرار في العاصمة الرياض أقفلت على أثره محال بيع "السكراب" الحديد الخردة، ما تعليقكم؟
أرى أن القرار جيد خصوصا أنه يعني إعادة تنظيم عمل تلك المحال العشوائية، والتي نتج عنها الكثير من الممارسات غير الأخلاقية كالسرقات والتعدي على أملاك الآخرين، إلى جانب توظيف العمالة المخالفة.
تشهد أسعار مواد البناء في السوق السعودية قفزات متسارعة، في رأيك ما الأسباب؟
هناك مزيج من العوامل التي أثرت في أسعار مواد البناء خلال السنوات الأخيرة، يمكن القول إن 70 في المائة منها عوامل عالمية، فيما 30 في المائة منها داخلية، وبالنسبة للأسباب العالمية، فجميعنا يعلم أن ارتفاع أسعار النفط عالميا رفع من تكاليف الشحن والتصنيع، كما أنه رفع من مخاطر التأمين، كما أن تراجع الدولار وهي عملة الاقتصاد العالمي أثر في القوة الشرائية للدولار وفي أسعار المنتجات الأولية للحديد والتي تستورد على سبيل المثال من البرازيل والأرجنتين، أضف إلى ذلك تراجع معدلات إنتاج المناجم العالمية للحديد.
ولن ننسى نمو الطلب العالمي على الحديد والطاقة، والذي نتوقع أن يستمر لسنوات مقبلة، خصوصا من الدول الصاعدة والتي يأتي على رأسها الصين والهند، إذ لا يوجد أي مؤشر أنها ستتراجع في السنوات القليلة المقبلة.
وبالعودة إلى الأسباب الداخلية والتي لا تقل تأثيرا عن الخارجية، فإن ضغط المشاريع الحكومية التي طرحتها الدولة من مشاريع بنية تحتية ومدن اقتصادية، والمخططات العقارية والطفرة السكانية والتسهيلات الممنوحة والناتجة عن ارتفاع مستوى السيولة، إلى جانب عودة المستثمرين من سوق الأسهم إلى الاستثمار العقاري، كل تلك العوامل أسهمت في دفع الأسعار إلى الأعلى أكثر فأكثر.
البعض يتحدث عن أن المنتجين أو المستوردين يدفعون الأسعار إلى مستويات أعلى مما هي عليه في الأسواق العالمية أو المجاورة..ما رأيك في ذلك؟
هذا الكلام غير دقيق وأقصد في مجال الحديد تحديدا, خصوصا أن هوامش ربحية المصنعين محددة ومعروفة وتحكمها السوق، وهي في الحدود التي لا تؤثر في العملاء ومستوى علاقتنا بهم، فنحن حريصون على أن تكون الأسعار وفق متناول جميع العملاء وإلا خسرناهم وتراجع الطلب.
تعلمون أن هناك أزمة في قطاع المقاولات تتمثل في التغير المستمر لأسعار مواد البناء وهو ما يتعارض مع قيمة العقود التي يلتزم بها المقاول عند تسلم المشروع.. كيف من وجهة نظركم يمكن حل هذه الإشكالية؟
أولا دعنا نؤكد أن أسعار مواد البناء لن تشهد على الأقل في المرحلة القريبة أي تراجع بفعل المؤشرات التي تحدثنا عنها سابقا، لذا فإن حل هذه المشكلة بات ضروريا للغاية.
والواقع أن الحلول يمكن أن تكون متنوعة، إلا أن أحدها وهو معمول به في بعض الدول الإفريقية والآسيوية وهي "العقود المجزءة"، حيث طبقت في كوريا ونجحت بشكل ممتاز، إذ أن العقود لا تسجل بشكل كامل أو سنوي بل على مراحل إما كل ثلاثة أشهر وإما كل ستة أشهر، ويتم تقييمها ومراجعتها بناء على معطيات يقدمها المنتجون أو المستوردون للجهات المعنية.
وأتصور أن تطبيق مثل ذلك الحل في السوق السعودية سيكون ملائما لكل الأطراف المعنية.
والحقيقة أنه لا يمكننا أبدا أن نحمل المقاول مسؤولية تعثر بعض المشاريع الحكومية، إذا استمررنا في تجاهل المشكلة.
يجمع بعض الصناعيين بين هموم ارتفاع الأسعار وتأخر تجهيز المدن الصناعية ومشكلة التأشيرات, هل لنا أن نطلع على رأيكم في تلك المشكلات وأثرها في المستقبل الصناعي في المملكة؟
هذا السؤال عريض ويحتاج إلى إجابات مقسمة، أولا أود التأكيد على أن شركة محمد الراجحي, شأنها شأن أغلب الشركات السعودية والمصنعين مهتمون ومقتنعون بأهمية السعودة في مختلف مجالات العمل، وقد سعينا خلال السنوات الماضية إلى تفعيل تواجد الموظف السعودي في الوظائف الفنية والإدارية والمالية، وذلك من منطلق قناعة وطنية، إلا أن حاجة الشركات والمصانع الوطنية إلى عمالة مهارة أجنبية ومتخصصة في مجالات يعمل فيها السعوديون كمعامل الصهر ومصانع الحديد، قائمة وستظل.
والحقيقة أن هناك مشكلة كبيرة فيما يتعلق بسهولة توفير واستقدام المهارات الفنية اللازمة في ظل الشروط التي تضعها وزارة العمل، وهي واحدة من العقبات التي تواجه المصنعين في المملكة.
سبق وطالبنا من وزارة التجارة والصناعة، بمنح مزيد من التسهيلات فيما يتعلق بالتأشيرات التي تحتاج إليها المصانع، وهو ما يسمى "التأييد الصناعي". وأن يكون لهذه الوزارة دور أقوى من مجرد إرسال التأييد لوزارة العمل فقط.
الواقع أن المشكلة التي تعترض استقدام المهارات اللازمة من العمالة الوافدة عطلت الكثير من مشاريع التوسع وخطط تحسين مستوى إنتاج المصانع، خصوصا إذا ما علمنا أن المصانع لا تتاجر بالتأشيرات وهي الحجة التي تعتمد عليها الجهات المعنية لمنح التأشيرات، وذلك للحاجة الماسة التي تعانيها تلك المصانع.
وفيما يتعلق بالنشاط الصناعي، نحن الآن ننتظر نتائج عمل هيئة المدن الصناعية رغم أن العمل المناط بهم شاق، فلا تزال مستويات الخدمة التي تقدم للصناعيين متواضعة مقارنة بما نرجوه منهم، خصوصا من ناحية توفير الأراضي، والبنية التحتية اللازمة، والخدمات الأخرى، كما أن هيئة المدن الصناعية ليست الجهة الوحيدة المناط بها توفير كل تلك الخدمات.
في إفريقيا يعملون بطريقة " الشباك الواحد" وهي طريقة تمكن الراغب في لإنشاء مصنع من إنهاء كافة الإجراءات المطلوبة من مكان واحد، بعكس ماهو معمول لدينا والتي يحتاج معها صاحب المصنع مراجعة عشرات الجهات الحكومية لبدء مزاولة نشاطه ومتابعة مصالحه.
أعتقد أنه لا تزال هناك بعض الإجراءات والأنظمة الحكومية التي تحتاج إلى مراجعة، ومنها إجراءات التقاضي والمحاكم وتوثيق العقود، إذا كنا نرغب حقا في تحقيق تقدم ملموس للصناعة الوطنية محليا وعالميا.
برزت في الفترة الأخيرة أدوار اجتماعية للشركات الوطنية ..أين أنتم منها؟
الحقيقة أن اهتمام الشركة بالنواحي الاجتماعية في الشركة ينطلق من اهتمام عائلة الراجحي والتي تسعى دائما للمشاركة في مجالات متنوعة، لذا عمدت الشركة وباستمرار إلى دعم وإطلاق البرامج التي تخدم فئات مختلفة من المجتمع، منها رعاية برامج التنظيم الوطني للتدريب المشترك، والمهرجانات الرياضية والثقافية، والأنشطة الصيفية والدورات بكافة أشكالها.