الشباب وحلم الوظيفة

الشباب وحلم الوظيفة

الشباب وحلم الوظيفة

من المؤكد أن نظرة الشباب في القطاع الخاص شهدت خلال السنوات العشر الماضية تحولا من النظرة السائدة بأن العمل في القطاع الخاص يفتقد الأمن الوظيفي مقارنة بالعمل في وظائف القطاع العام. وقضية العمل سواء من الناحية التاريخية أو العملية هي قضية متفاوتة من حيث الاختيار بين الوظيفة في القطاع العام أو الخاص، ففي سنوات بداية الطفرة كان العمل الحكومي متاحا بشكل كبير ويستوعب جميع المتقدمين ولا سيما ممن حصلوا على مستوى تعليمي جيد. وفي تلك الحقبة الزمنية كان القطاع الخاص يعتمد على العمالة الأجنبية ولم يكن العمل في القطاع الخاص يحظى بإقبال الشباب عليه لوجود الخيار الآخر, وهو العمل الحكومي، ولكن مع التقادم وتزايد أعداد الشباب, خصوصاً أن نسبة 75 في المائة في المجتمع السعودي هم من الشباب, بات التوجه إلى العمل في القطاع الخاص ضرورة، وواكب ذلك تطور في نظام العمل الذي يحفظ للطرفين حقوقهم، وعلى الرغم من الفوارق في ساعات العمل ومدد الإجازات التي يتميز بها العمل في القطاع العام، إلا أن القطاع الخاص بات هدفا لكثير من الشباب بل إن هناك من الكفاءات المتميزة من انتقلت من القطاع العام للعمل في القطاع الخاص.
إن الفكرة السائدة لدى بعض الشباب ــ وهم قلة ولله الحمد ــ الذين يتخذون من الوظيفة في القطاع الخاص ممر عبور أو مجرد محطة انتظار لحين الحصول على وظيفة في القطاع العام ستكون حجر عثرة في طريق تطوير قدرات هذا الشاب وتحجيما لإبداعه، ومن المفترض أن الشاب يجتهد ويبدع في أي وظيفة ويكتسب منها الخبرة ويسعى إلى أن يتفوق في مجال عمله، وأن يشعر بالانتماء لعمله ما يولد في داخله خب العمل.
والغرفة التجارية الصناعية في الرياض اهتمت بجانب الموارد البشرية سواء على مستوى تشكيل لجنة تهتم بهذا الجانب أو من خلال الدراسات, التي من أهمها دراسة منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الماضية حول رؤية التنمية للموارد البشرية, والتي من أهم مرئياتها التأهيل السريع على رأس العمل للموارد البشرية المعطلة أو المهدرة (واستيعاب فائض خريجي الثانوية العامة، ونسبة البطالة النسائية), تحديث وربط برامج التعليم والتدريب باحتياجات اقتصاد المعرفة، جذب الشركات الكبرى والجامعات العالمية لفتح فروع لها في المملكة وكذلك المعاهد التقنية العالمية المشهورة بنوعية خريجها في مجالات التقنية واقتصاد المعرفة، تكثيف البرامج التدريبية والمهنية لرفع كفاءة المورد البشري وربطها باحتياجات المناطق والأسواق، توجيه الاستثمارات في التعليم والتدريب للمناطق الأقل نموا بإنشاء المرافق التعليمية والمشاريع التنموية، إضافة إلى إزالة معوقات الاستثمار أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجالي التعليم والتدريب الفني مع وضع آليات لتحفيزه على التوسع في هذه النوعية من الاستثمار، تطوير قاعدة بيانات حديثة ومتكاملة للمورد البشري مع تحفيز إجراء الدراسات في مجال تنمية الموارد البشرية، استخدام سياسة الحوافز من أجل توجيه الطلاب إلى التخصصات العملية والمهنية المطلوبة، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في وضع الخطط والتشريعات واتخاذ القرارات وتنفيذ المشاريع ذات العلاقة بتنمية الموارد البشرية.
فمن خلال كل هذه الآليات المقترحة في الدراسة، يمكن خلق ثقافة عمل مختلفة تتواكب ومتطلبات المرحلة الحالية وما يعيشه العالم أجمع من تطور في مجال الموارد البشرية التي باتت المحرك الأساس, رغم التطور التقني, لكثير من المجالات.

* مديرة فرع الغرفة النسائي في الرياض.

الأكثر قراءة