نفط العراق يتدفق بوتيرة أسرع لكن ليس بالسرعة الكافية

نفط العراق يتدفق بوتيرة أسرع لكن ليس بالسرعة الكافية

بعد خمس سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عاد قطاع النفط العراقي أخيرا إلى الإنتاج بنفس المستوى الذي كان عليه في ظل صدام حسين، لكن الأمر قد يستغرق سنوات لتحقيق مزيد من التقدم.
ويملك العراق ثالث أكبر احتياطيات في العالم من النفط تمثل مصدرا رئيسيا لتلبية الطلب العالمي مستقبلا على الطاقة وتمويل مشروعات إعادة بناء الاقتصاد العراقي المدمر. إلا أن العنف والخلافات السياسية والفساد تعوق الاستثمار الأجنبي ويرغم العراق على إنتاج كل ما يمكنه من النفط باستخدام بنية تحتية متهالكة.
يقول مسؤول تنفيذي في شركة نفط غربية "العراقيون أصبحوا أساتذة في أسلوب الترقيع، بل تمكنوا أيضا من تحسين إنتاج النفط في بيئة تنطوي على تحديات هائلة لكن هناك نقصا يدعو للقلق في الاستثمارات".
ووصلت صادرات النفط إلى نحو مليوني برميل يوميا في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) وهو أعلى مستوى منذ الحرب ويتساوى تقريبا مع مستوى الصادرات في ظل العقوبات الدولية في عهد صدام.
وأعلن المسؤولون توقعات متفائلة بزيادة الإنتاج. وقال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني في كانون الثاني (يناير) إن بغداد تهدف إلى إنتاج ما بين 2.6 مليون و2.7 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال عام 2008 ارتفاعا من نحو 2.3 مليون برميل يوميا في بداية العام.
وتحققت أحدث زيادات بفضل تحسن الوضع الأمني حول منطقة حقول نفط كركوك العراقية العملاقة وخط الأنابيب الممتد منها شمالا إلى تركيا.
وكانت عمليات التخريب المستمرة قد عطلت خط الأنابيب معظم الوقت منذ الغزو في عام 2003، ولكن منذ الصيف الماضي تمكن العراق من المحافظة على استمرار الضخ عبر الخط.
وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط لـ "رويترز" أمس الأول "الحكومة عازمة على استعادة المكانة البارزة للعراق كمنتج رئيسي للنفط. والمحادثات مع كبريات شركات النفط هي مجرد خطوة أولى ستفتح الطريق أمام الشركات العالمية لتطوير صناعة النفط العراقية". بيد أن التوقعات المتفائلة لنمو قطاع النفط تبددت مرارا خلال السنوات الخمس الماضية ولا يرى العالمون ببواطن الأمور ما يدعو إلى تغير هذا الوضع.
وقال مسؤول عراقي بارز تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه "الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ. والحكومة العراقية عاجزة عن إدارة قطاع النفط".
من جانبهم يقول مسؤولون أمريكيون إن السبب الرئيسي في ابتعاد كبريات شركات النفط الأجنبية عن العراق هو عدم إقرار قانون النفط حتى الآن. والى أن يقر البرلمان قانون النفط ويتحسن الوضع الأمني لن تقبل شركات
النفط الكبرى على إنفاق مليارات الدولارات في قطاع النفط العراقي أو إرسال موظفيها إلى العراق.
يتساءل مصطفى العاني المستشار في مركز أبحاث الخليج ومقره دبي قائلا "إلى أي مدى يمكن المحافظة على (هذا المستوى من الإنتاج) من دون ضخ استثمارات كبيرة"؟ وقال "لن نخرج من حالة الركود في المستقبل المنظور. الأمور تزداد سوءا والتوقعات أشد قتامة. أين قانون النفط"؟
ويهدف قانون النفط إلى المساعدة في رأب الهوة بين الشيعة والسنة والأكراد في العراق. لكن عدم وجود إجماع بين الأطراف على الشكل السياسي مستقبلا في العراق وكيفية تقاسم إيرادات النفط يحول دون إقرار مشروع القانون.
وقال المسؤول التنفيذي الغربي إن المشاحنات بين الفصائل المختلفة تزيد أيضا من صعوبة التفاوض على الاتفاقات النفطية. وأضاف "كل كيان له رأيه الخاص. توحيد مواقف اثنين أو ثلاثة أمر صعب ولكن توحيد مواقف 20 أو 30 جماعة هو أقرب إلى المستحيل".
ويتفاوض مسؤولون عراقيون حاليا على عقود خدمة مع كبريات الشركات في العالم يأملون أن ترفع الإنتاج بواقع 500 ألف برميل يوميا. وستساعد الشركات في إدارة كبار حقول النفط العراقية من بعد في إجراء مؤقت لحين إقرار قانون النفط.
وأثرت التكلفة البشرية للحرب التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين على قطاع الطاقة، فكان كبار مسؤولي النفط العراقيين بين الملايين الذين فروا من البلاد. وأدى نزوح هؤلاء المسؤولين التي تفاقم مشكلات الإدارة في قطاع النفط، وتشكو كبريات شركات النفط العالمية من قلة عدد المسؤولين المحنكين الذين يمكن التفاوض معهم.
أما بالنسبة للعراقيين الذين يعيشون معظم اليوم دون كهرباء ويواجهون نقصا في البنزين ووقود التدفئة وغاز الطهي فليس هناك مبرر يذكر للتفاؤل. يقول أحمد عزيز وهو محام يعيش في غرب بغداد "بعد خمس سنوات مما يسمى بحرب التحرير يزداد قطاع النفط سوءا. "العراق لديه احتياطيات نفط وغاز هائلة ولكن شعبه لا يملك إلا أن يحلم بشراء الوقود بسهولة وقضاء الصيف القائظ في ظل أجهزة تبريد الهواء. هذا عبث".

الأكثر قراءة